للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جعلُوا لَهَا قبَّة فَوق نعشها تستر شخصها، وَلَا خلاف أَن غَيْرهنَّ يجوز لَهُنَّ أَن يخْرجن لما يحتجن إِلَيْهِ من أمورهن الْجَائِزَة بِشَرْط أَن يكن بذة الْهَيْئَة خشنة الملبس تفلة الرّيح مستورة الْأَعْضَاء غير متبرجات بزينة وَلَا رَافِعَة صَوتهَا.

٩ - (بابُ قَوْلُهُ: {إنْ تُبْدُوا شَيْئاً أوْ تُخْفُوهُ فإِنَّ الله كانَ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيماً لَا جُناح عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ ولَا أبْنائِهِنَّ وَلَا إخْوَانِهِنَّ وَلَا أبْماءِ إخْوانِهِنَّ وَلَا أبْناءِ أخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسائهنَّ ولَا مَا مَلَكَتْ أيماتُهُنَّ واتَّقِينَ الله إنَّ الله كانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً} (الْأَحْزَاب: ٤٥ ٥٥)

أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله عز وَجل: {أَن تبدوا} إِلَى آخِره، وَهَاتَانِ الْآيَتَانِ مذكورتان فِي راوية غير أبي ذَر فَإِن عِنْده: {إِن تبدوا شَيْئا أَو تُخْفُوهُ فَإِن الله كَانَ} إِلَى قَوْله: {شَهِيدا} وَلَيْسَ فِي بعض النّسخ لفظ: بَاب قَوْله: (أَن تبدوا) أَي: إِن تظهروا شَيْئا من نِكَاح أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أَلْسِنَتكُم أَو تُخْفُوهُ فِي صدوركم فَإِن الله يعلم ذَلِك فيعاقبكم عقَابا عَظِيما، ولتحريمهن بعده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَزِمت نفقاتهن فِي بَيت المَال. وَاخْتلف أهل الْعلم فِي وجوب الْعدة عَلَيْهِنَّ بوفاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقيل: لَا عدَّة عَلَيْهِنَّ لِأَنَّهَا مُدَّة تربص تنْتَظر بهَا الْإِبَاحَة، وَقيل: تجب لِأَنَّهَا عبَادَة وَإِن لم تتعقبها الْإِبَاحَة. قَوْله: (لَا جنَاح عَلَيْهِنَّ) الْآيَة، قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: لما نزلت آيَة الْحجاب قَالَ الْآبَاء وَالْأَبْنَاء: يَا نَبِي الله، وَنحن أَيْضا تكلمهن من وَرَاء حجاب؟ فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة فِي ترك الْحجاب من الْمَعْدُودين، وَلم يذكر الْعم لِأَنَّهُ كَالْأَبِ، وَلَا الْخَال لِأَنَّهُ كالأخ. قَوْله: وَلَا مَا ملكت إيمانهن قيل: الْإِمَاء دون العبيد وَهُوَ قَول سعيد بن الْمسيب، وَقيل: عَام فيهمَا. قَوْله: (واتقين الله) ، يَعْنِي: أَن يراكن غير هَؤُلَاءِ (إِن الله كَانَ على كل شَيْء) من أَعمال بني آدم (شَهِيدا) يَعْنِي: لم يغب عَلَيْهِ شَيْء.

٦٩٧٤ - حدَّثنا أبُو اليَمانِ أخْبرنا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ حدّثني عُروةُ بنُ الزبَيْرِ أنَّ عائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا قالَتِ استأذَن عَلَيَّ أفْلَحُ أخُو أبي القُعَيْسِ بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الحِجابُ فَقُلْتُ لَا آذَنُ لَهُ حَتَّى أسْتَأْذِنَ فِيهِ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فإِنَّ أخاهُ أَبَا الْقُعَيْسِ بعد مَا أنزل الْحجاب فَقلت لَا آذن لَهُ حَتَّى اسْتَأْذن فِيهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن إخاه أَبَا القعيس لَيْسَ هُوَ أرْضَعَني ولاكِنْ أرْضَعَتْني امْرَأةُ أبي القُعَيْسِ فَدَخَلَ عَلَيَّ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقُلْتُ لَهُ يَا رسولَ الله إنَّ أفْلَحَ أَخا أبي القُعَيْسِ استأْذَنَ فأبَيحُ أنْ آذَنَ حَتَّى أسْتَأْذِنَكَ فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا مَنَعَكِ أنْ تأذَنِينَ عَمَّكِ قُلْتُ يَا رسُولَ الله إنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ هُوَ أرْضَعَنِي ولَكِنْ أرْضَعَتْنِي امْرَأةُ أبي القُعَيْسِ فَقَالَ ائْذَنِي لَهُ فإنَّهُ عَمُّكِ تَرِبَتْ يمينُكِ قَالَ عُرْوَةُ فَلِذلِكَ كانَتْ عائِشَةُ تَقُولُ حَرِّمُوا مِنَ الرَّضاعَةِ مَا تُحَرِّمُونَ مِنَ النَّسَبِ..

قيل: لَا مُطَابقَة فِيهِ للتَّرْجَمَة لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ شَيْء من تَفْسِير الْآيَة. وَأجِيب: بِأَنَّهُ يُطَابق التَّرْجَمَة من حَيْثُ أَنه أُرِيد بِهِ بَيَان جَوَاز دُخُول الْأَعْمَام والآباء من الرضَاعَة على أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ لقَوْله إئذني لَهُ إِنَّه عمك.

وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، وَشُعَيْب هُوَ ابْن أبي حَمْزَة يروي عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة بن الزبير عَن عَائِشَة.

والْحَدِيث مر فِي كتاب الشَّهَادَات فِي بَاب الشَّهَادَة على الْإِنْسَان.

قَوْله: (عَليّ) ، بتَشْديد الْيَاء، وأفلح فَاعل اسْتَأْذن، وَقَالَ أَبُو عمر: أَفْلح بن أبي القعيس، وَيُقَال: أَخُو أبي القعيس. وَقد اخْتلف فِيهِ، فَقيل: فِيهِ الْقَوْلَانِ الْمَذْكُورَان، وَقيل: أَبُو القعيس، وأصحها إِن شَاءَ الله مَا رَوَاهُ عُرْوَة عَن عَائِشَة: جَاءَ أَفْلح أخوا أبي القعيس، وَقيل: إِن إسم أبي القعيس الْجَعْد، وَيُقَال: أَفْلح، يكنى أَبَا الْجَعْد، وَقَالَ فِي الكنى: أَبُو قعيس عَم عَائِشَة من الرضَاعَة اسْمه وَائِل بن أَفْلح. قلت: هُوَ بِضَم الْقَاف وَفتح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبسين مُهْملَة، قَوْله: (أَن تأذنين) ويروى: تَأْذَنِي، بِحَذْف النُّون وَهِي لُغَة. قَوْله: (تربت يَمِينك) ، كلمة تَدْعُو بهَا الْعَرَب وَلَا يُرِيدُونَ حَقِيقَتهَا ووقوعها لِأَن مَعْنَاهَا: افْتَقَرت، يُقَال: ترب إِذا افْتقر وأترب إِذا اسْتغنى كَأَنَّهُ إِذا ترب لصق بِالتُّرَابِ. وَإِذا أترب اسْتغنى وَصَارَ لَهُ من المَال بِقدر التُّرَاب.

وَقَالَ الْخطابِيّ: (فِيهِ من الْفِقْه) إِثْبَات اللَّبن للفحل وَأَن زوج الْمُرضعَة بِمَنْزِلَة الْوَالِد وَأَخُوهُ بِمَنْزِلَة الْعم.

<<  <  ج: ص:  >  >>