للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَلَيْهِنَّ وَيَدْعُو لَهُنَّ ويسلمن عَلَيْهِ وَيدعونَ. قَوْله: (رأى رجلَيْنِ) وَفِي الحَدِيث الْمَاضِي: ثَلَاثَة رَهْط، وَلَا اعْتِبَار لمَفْهُوم الْعدَد وَكَانَت المحادثة بَينهمَا وَالثَّالِث سَاكِت، وَقيل: لَعَلَّه باعتبارين كَانُوا ثَلَاثَة ثمَّ ذهب وَاحِد وَبَقِي إثنان وَهُوَ أولى من قَول ابْن التِّين إِحْدَاهمَا وهم فَإِن قلت: الحَدِيث الثَّانِي يدل على أَن نزُول الْآيَة قبل قيام الْقَوْم، وَالْأول وَغَيره أَنه بعده. قلت: هُوَ مأول بِأَنَّهُ حَال أَي: أنزل الله وَقد قَامَ الْقَوْم، هَكَذَا أجَاب الْكرْمَانِي.

وَقَالَ ابْنُ أبي مَرْيَمَ أخْبَرَنا يَحْيَى حدّثني حُمَيْدٌ سَمِعَ أنَساً عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

أَشَارَ بذلك إِلَى أَن حميدا قد ورد عَنهُ التَّصْرِيح بِسَمَاعِهِ هَذَا الحَدِيث عَن أنس. وَأَن عنعنته فِيهِ غير مُؤثرَة وَابْن أبي مَرْيَم من شُيُوخ البُخَارِيّ، واسْمه سعيد بن مُحَمَّد بن الحكم بن أبي مَرْيَم الْمصْرِيّ وَيحيى هُوَ ابْن أَيُّوب الغافقي الْمصْرِيّ، قيل: وَقع فِي بعض النّسخ من رِوَايَة أبي ذَر، وَقَالَ إِبْرَاهِيم بن أبي مَرْيَم: وَهُوَ غلط فَاحش.

٥٩٧٤ - حدَّثني زَكَرِيَّاءُ بنُ يَحْيَى حَدثنَا أبُوا أُسامَةَ عَن هِشامٍ عنْ أبِيهِ عَنْ عائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا قالَتْ خَرَجَتْ سَوْدَةُ بَعْدَما ضُرِبَ الحِجابُ لِحاجَتِها وكانَتِ امْرَأةً جَسِيمَةً لَا تَخْفَى عَلَى مَنْ يَعْرِفُها فَرَآها عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ فَقَالَ يَا سَوْدَةُ أما وَالله مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنا فانْظُرِي كَيْفَ تَخْرُجِينَ قالَتْ فانْكَفَأَت رَاجِعَةً ورسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَيْتِي وإنَّهُ لَيَتَعَشَّي وَفِي يَدِهِ عَرْقٌ فَدَخَلَتْ فقالَتْ يَا رسولَ الله إنِّي خَرَجْتُ لِبَعْضِ حاجَتِي فَقَالَ لِي عُمَرُ وَكَذَا قالَتْ فأوْحي الله إلَيْهِ ثُمَّ رُفِعَ عَنْهُ وإنَّ العَرْقَ فِي يَدِهِ مَا وضَعَهُ فقالَ إنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أنْ تَخْرُجْنَ لِحاجَتِكُنَّ..

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (بَعْدَمَا ضرب الْحجاب) قيل: إِيرَاد هَذَا الحَدِيث فِي هَذَا الْبَاب لَيْسَ بمطابق وَكَانَ إِيرَاده فِي عدم الْحجاب أولى. وَأجِيب: بِأَنَّهُ أحَال على أصل الحَدِيث كعادته فِي التبويبات.

وزكرياء بن يحيى بن صَالح الْبَلْخِي الْحَافِظ الْفَقِيه، وَله شيخ آخر وَهُوَ زَكَرِيَّاء بن يحيى بن عمر أَبُو السكن الطَّائِي الْكُوفِي، وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة يروي عَن هِشَام ابْن عُرْوَة عَن أَبِيه عُرْوَة بن الزبير عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا.

والْحَدِيث قد مضى فِي الطَّهَارَة فِي: بَاب خُرُوج النِّسَاء إِلَى البرَاز، أخرجه بِعَين هَذَا الْإِسْنَاد وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: (خرجت سَوْدَة) وَهِي بنت زَمعَة أم الْمُؤمنِينَ. قَوْله: (بَعْدَمَا ضرب الْحجاب) وَقد تقدم فِي الطَّهَارَة أَنه كَانَ قبل الْحجاب، قَالَ الْكرْمَانِي: لَعَلَّه وَقع مرَّتَيْنِ، وَقيل: المُرَاد بالحجاب الأول غير الْحجاب الثَّانِي، وَالْحَاصِل فِي هَذَا أَن عمر رَضِي الله عَنهُ، وَقع فِي قلبه نفرة من اطلَاع الْأَجَانِب على الْحَرِيم النَّبَوِيّ حَتَّى صرح بقوله للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إحجب نِسَاءَك، وأكد ذَلِك إِلَى أَن نزلت آيَة الْحجاب، ثمَّ قصد بعد ذَلِك أَن لَا يبدين أشخاصهن أصلا وَلَو كن مستترات، فَبَالغ فِي ذَلِك وَمنع مِنْهُ وَأذن لَهُنَّ فِي الْخُرُوج لحاجتهن دفعا للْمَشَقَّة ورفعاً للْحَرج. قَوْله: (لحاجتها) مُتَعَلق بقوله: (خرجت) . قَوْله: (أما وَالله) بِفَتْح الْهمزَة وَتَخْفِيف الْمِيم: حرف استفتاح بِمَنْزِلَة، أَلا وَيكثر قبل الْقسم. قَوْله: (فَانْكَفَأت) بِالْهَمْزَةِ يَعْنِي: انقلبت وانصرفت، قَالَ الْقُرْطُبِيّ: هُوَ الصَّوَاب، قَالَ: وَوَقع لبَعض الروَاة انكفت بِحَذْف الْهمزَة وَالْألف فَكَانَ لما سهل الْهمزَة بقيت الْألف سَاكِنة فلقيها سَاكن فحذفت. قَوْله: (عرق) بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الرَّاء، وَهُوَ الْعظم الَّذِي عَلَيْهِ اللَّحْم. قَوْله: (ثمَّ رفع عَنهُ) على صِيغَة الْمَجْهُول، أَي: رفع عَنهُ مَا يلقاه وَقت نزُول الْوَحْي عَلَيْهِ. قَوْله: (والعرق، فِي يَده) جملَة حَالية. قَوْله: (إِنَّه) أَي: إِن الشَّأْن (قد أذن لَكِن) على صِيغَة الْمَجْهُول، وَيجوز أَن قَالَ: إِن الله قد أذن لكنّ، وَالْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة فِي هَذَا الْبَاب كلهَا دَالَّة على الْحجاب، وَحَدِيث عَائِشَة هَذَا الْمَذْكُور، وَإِن لم يذكر فِيهِ الْحجاب صَرِيحًا. لِأَن ظَاهره عَدمه وَلَكِن فِي أَصله مَذْكُور فِي مَوضِع آخر، وَعَن هَذَا قَالَ عِيَاض: فرض الْحجاب مِمَّا اخْتصَّ بِهِ أَزوَاجه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهُوَ فرض عَلَيْهِنَّ بِلَا خلاف فِي الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ فَلَا يجوز لَهُنَّ كشف ذَلِك فِي شَهَادَة وَلَا غَيرهَا وَلَا إِظْهَار شخوصهن وَإِن كن مستترات إلَاّ مَا دعت إِلَيْهِ ضَرُورَة من برَاز، كَمَا فِي حَدِيث حَفْصَة، لما توفّي عمر رَضِي الله عَنهُ، سترهَا النِّسَاء عَن أَن يرى شخصها، وَلما توفيت زَيْنَب

<<  <  ج: ص:  >  >>