وَالخُنَّسُ: تَخْنِسُ فِي مُجْرَاهَا تَرْجِعُ، وَتَكْنِسُ: تَسْتَتِرُ كَمَا تَكْنِسُ الظِّباءُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فَلَا أقسم بالخنس الْجوَار الكنس} (التكوير: ٥١، ٦١) قَالَ الْفراء: الخنس النُّجُوم الْخَمْسَة، تخنس فِي مجْراهَا إِلَى آخِره، والخمسة هِيَ: بهْرَام وزحل وَعُطَارِد والزهرة وَالْمُشْتَرِي، ويروى أَن رجلا من مُرَاد قَالَ لعَلي بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: {الخنس الْجوَار الكنس} قَالَ: هِيَ الْكَوَاكِب تخنس بِالنَّهَارِ فَلَا ترى وتكنس بِاللَّيْلِ فتأوى إِلَى مجاريهن، وأصل الخنس الرُّجُوع إِلَى وَرَاء الكنوس. أَي: تأوي إِلَى مكانسها وَهِي الْمَوَاضِع الَّتِي تأوي إِلَيْهَا الْوَحْش، وَقيل: الخنس بقر الْوَحْش إِذا رَأَتْ الْإِنْس تخنس وَتدْخل كناسها، وروى عبد الرَّزَّاق بِإِسْنَاد صَحِيح عَن عمر بن ميسرَة عَمْرو بن شُرَحْبِيل. قَالَ: قَالَ ابْن مَسْعُود: مَا الخنس؟ قَالَ قلت: أَظُنهُ بقر الْوَحْش. قَالَ: وَأَنا أَظن ذَلِك، والخنس جمع خانس والكنس جمع كانس كالركع جمع رَاكِع.
تَنَفَّسَ: ارْتَفَعَ النَّهَارُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَالصُّبْح إِذا تنفس} (التكوير: ٨١) وَفَسرهُ بقوله: (ارْتَفع النَّهَار) .
وَالظَّنِينُ: المُتَّهَمُ. وَالضَّنِينُ يَضَنُّ بِهِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى {وَمَا هُوَ على الْغَيْب بظنين} (التكوير: ٤٢) وَفسّر الظنين الَّذِي بالظاء الْمُعْجَمَة بالمتهم، وَفسّر الضنين الَّذِي بالضاد الْمُعْجَمَة بقوله: (يضن بِهِ) أَي: يبخل بِهِ. وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ: مَا هُوَ يَعْنِي مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْغَيْب أَي: الْوَحْي وَخبر السَّمَاء وَمَا اطلع عَلَيْهِ من علم الْغَيْب بضنين أَي ببخيل، فَلَا يبخل بِهِ عَلَيْكُم، بل يعلمكم وَيُخْبِركُمْ بِهِ. قلت: هَذَا الَّذِي فسره هُوَ الضنين الَّذِي بالضاد الْمُعْجَمَة. تَقول: ضننت بالشَّيْء فَأَنا ضنين أَي يخيل. ثمَّ قَالَ الثَّعْلَبِيّ: وقرىء بالظاء وَمَعْنَاهُ وَمَا هُوَ بمتهم فِيمَا يخبر بِهِ، وَقَرَأَ عَاصِم وَحَمْزَة وَأهل الْمَدِينَة وَالشَّام بالضاد وَالْبَاقُونَ بالظاء من الظنة وَهِي التُّهْمَة. وَقَالَ النَّسَفِيّ (فِي تَفْسِيره) واتقان الْفَصْل بَين الضَّاد والظاء وَاجِب وَمَعْرِفَة مخرجهما لَا بُد مِنْهُ للقارىء فَإِن أَكثر الْعَجم لَا يفرقون بَين الحرفين وَقَالَ الْجَوْهَرِي فِي فصل الضَّاد: ضننت بالشَّيْء أضن بِهِ ضنا وضنانة إِذا بخلت بِهِ، وَهُوَ ضنين بِهِ. قَالَ الْفراء: وضننت بِالْفَتْح لُغَة، وَقَالَ فِي فصل الظَّاء والظنين الْمُتَّهم والظنة التُّهْمَة.
وَقَالَ عُمَرُ {وَإذَا النفُوسُ زُوِّجَتْ} (التكوير: ٧) يُزَوَّجُ نَظِيرَهُ مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، ثُمَّ قَرَأَ رَضِيَ الله عَنْهُ {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وأزْواجَهُمْ} (الصافات: ٢٢) .
أَي: قَالَ عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِذا النُّفُوس زوجت} يُزَوّج الرجل نَظِيره من أهل الْجنَّة ويزوج الرجل نَظِيره من أهل النَّهَار، وَهَذَا التَّعْلِيق رَوَاهُ عبد بن حميد عَن أبي نعيم، حَدثنَا سُفْيَان عَن سماك عَن النُّعْمَان ابْن بشير عَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَفِي لفظ: الْفَاجِر مَعَ الْفَاجِرَة والصالح مَعَ الصَّالِحَة. وَقَالَ الْكَلْبِيّ: زوج الْمُؤمن الْحور الْعين وَالْكَافِر الشَّيْطَان، وَقَالَ الرّبيع بن خثيم: يَجِيء الْمَرْء مَعَ صَاحب عمله يُزَوّج الرجل بظيره من أهل الْجنَّة وبنظيره من أهل النَّار، وَقَالَ الْحسن: ألحق كل امرء بشيعته، وَقَالَ عِكْرِمَة: يحْشر الزَّانِي مَعَ الزَّانِيَة والمسيء مَعَ المسيئة والمحسن مَعَ المحسنة. قَوْله: (ثمَّ قَرَأَ) ، أَي: ثمَّ قَرَأَ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مستدلاً على مَا قَالَه بقوله تَعَالَى: {احشروا الَّذين ظلمُوا أَزوَاجهم} .
عَسْعَسَ أدْبَرَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَاللَّيْل إِذا عسعس} (التكوير: ٧١) وَفَسرهُ بقوله: (أدبر) رَوَاهُ ابْن جرير بِإِسْنَادِهِ إِلَى ابْن عَبَّاس، وَقَالَ الزّجاج: عسعس اللَّيْل إِذا أقبل، وعسعس إِذا أدبر فعلى هَذَا هُوَ مُشْتَرك بَين الضدين.
٢٨ - (سُورَةُ {إذَا السمَّاءُ انْفَطَرَتْ} )
أَي: هَذَا فِي تَفْسِير بعض سُورَة: {إِذا السَّمَاء انفطرت} وَيُقَال لَهَا أَيْضا سُورَة الانفطار وَهِي مَكِّيَّة. وَهِي ثَلَاثمِائَة وَسَبْعَة وَعِشْرُونَ حرفا، وَثَمَانُونَ كلمة وتسع عشرَة آيَة.
بِسم الله الرحمان الرَّحِيم.