ابنَ عُمَرَ نظَرَ فِي أمْرِهِ فَقَالَ مَا أمْرُهُمَا إلَاّ وَاحدٌ فالْتَفَتَ إلَى أصْحَابِهِ فَقَالَ مَا أمْرُهُمَا إلَاّ وَاحِدٌ أشْهِدُكُمْ أنَّي قَدْ أوْجَبْتُ الحَجُ مَعَ الْعُمْرَةِ ثُمَّ طافَ لَهُمَا طَوافا واحِدا ورَأى أنَّ ذَلِكَ مُجْزِيا عَنْهُ وأهْدَى..
قيل: مطابقته للتَّرْجَمَة غير ظَاهِرَة، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي لَفظه مَا يدل على التَّرْجَمَة. قلت: لما كَانَت قصَّة صده، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِالْحُدَيْبِية مَشْهُورَة وَأَنَّهُمْ لم يؤمروا بِالْقضَاءِ فِي ذَلِك علم من ذَلِك أَن الْبَدَل لَا يلْزم الْمحصر، وَهَذَا الْقدر كَاف فِي الْمُطَابقَة. وَهَذَا الحَدِيث وَمَا فِيهِ من المباحث قد مرا فِي: بَاب إِذا أحْصر الْمُعْتَمِر.
قَوْله: (ثمَّ طَاف لَهما) أَي: لِلْحَجِّ وَالْعمْرَة. قَوْله: (مجزئا عَنهُ) ، بِضَم الْمِيم: من الْإِجْزَاء وَهُوَ الْأَدَاء الْكَافِي لسُقُوط التَّعَبُّد، ومجزئا بِالنّصب رِوَايَة كَرِيمَة، وَوَجهه أَن يكون خبر كَانَ محذوفا، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر وَغَيره: (مجزىء) ، بِالرَّفْع على أَنه خبر: أَن، وَقَالَ بَعضهم: وَالَّذِي عِنْدِي أَن النصب من خطأ الْكَاتِب، فَإِن أَصْحَاب (الْمُوَطَّأ) اتَّفقُوا على رِوَايَته بِالرَّفْع على الصَّوَاب. قلت: نِسْبَة الْكَاتِب إِلَى الْخَطَأ خطأ، وَإِنَّمَا يكون خطأ لَو لم يكن لَهُ وَجه فِي الْعَرَبيَّة، واتفاق أَصْحَاب (الْمُوَطَّأ) على الرّفْع لَا يسْتَلْزم كَون النصب خطأ، على أَن دَعْوَى اتِّفَاقهم على الرّفْع لَا دَلِيل لَهَا.
٥ - (بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى {فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضا أوْ بِهِ أذَىً مِنْ رَأسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أوْ صَدَقَةِ أوْ نُسُكٍ} .)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا} (الْبَقَرَة: ٦٩١) . وَهَذِه قِطْعَة من آيَة أَولهَا قَوْله تَعَالَى: {وَأَتمُّوا الْحَج وَالْعمْرَة صلى الله عَلَيْهِ وَسلم} (الْبَقَرَة: ٦٩١) . وَآخِرهَا: {وَاعْلَمُوا أَن الله شَدِيد الْعقَاب} (الْبَقَرَة: ٦٩١) . وتشتمل على أَحْكَام شَتَّى. مِنْهَا: قَوْله تَعَالَى: {فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا أَو بِهِ أَذَى من رَأسه ففدية من صِيَام أَو صَدَقَة أَو نسك} (الْبَقَرَة: ٦٩١) . فَإِن هَذِه نزلت فِي كَعْب بن عجْرَة لما حمل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقمل يَتَنَاثَر فِي وَجهه، على مَا يَجِيء بَيَانه عَن قريب، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
قَوْله: {فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا} (الْبَقَرَة: ٦٩١) . أَي: من كَانَ بِهِ مرض يحوجه إِلَى الْحلق {أَو بِهِ أَذَى من الْحلق} (الْبَقَرَة: ٦٩١) . وَهُوَ الْقمل والجراحة. قَوْله: {ففدية} (الْبَقَرَة: ٦٩١) . أَي: فَعَلَيهِ إِذا حلق فديَة من صِيَام ثَلَاثَة أَيَّام، أَو صَدَقَة على سِتَّة مَسَاكِين لكل مِسْكين نصف صَاع من بر. قَوْله: {أَو نسك} (الْبَقَرَة: ٦٩١) . جمع نسيكة، وَهِي الذَّبِيحَة، أَعْلَاهَا بَدَنَة، وأوسطها بقرة، وَأَدْنَاهَا شَاة. وَهل هِيَ على التَّخْيِير أَو لَا؟ فِيهِ خلاف، يَأْتِي بَيَانه إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وهْوَ مُخَيَّرٌ وأمَّا الصَّوْمُ فَثَلَاثَةُ أيَّامٍ
الضَّمِير أَعنِي قَوْله: (هُوَ) يرجع إِلَى كل وَاحِد من الْمَرِيض وَمن بِهِ أَذَى فِي رَأسه. قَوْله: (مُخَيّر) يَعْنِي: بَين الْأَشْيَاء الثَّلَاثَة الْمَذْكُورَة، فِي الْآيَة الْمَذْكُورَة وَهِي: صَوْم ثَلَاثَة أَيَّام، وَالصَّدَََقَة على سِتَّة مَسَاكِين، وَذبح شَاة. قَوْله: (وَأما الصَّوْم) كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين. وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: (وَأما الصّيام) ، على لفظ مَا جَاءَ فِي الْقُرْآن وَكلمَة: إِمَّا تفصيلية تَقْتَضِي القسيم وَهُوَ مَحْذُوف تَقْدِيره: وَأما الصَّدَقَة فَهِيَ إطهام سِتَّة مَسَاكِين، وَأما النّسك فأقله شَاة.
٤١٨١ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفُ قَالَ أخبرنَا مالِكٌ عنْ حُمَيْدِ بنِ قَيْسٍ عنْ مُجَاهِدٍ عنْ عَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ أبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بنِ عُجْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عنْ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّهُ قَالَ لَعَلَّكَ آذَاكَ هَوَامُّكَ قَالَ نَعَمْ يَا رسولَ الله فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم احْلِقْ رَأسَكَ وصُمْ ثلاثَةَ أيَّامٍ أوْ أطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ أوِ انْسُكُ بِشَاةٍ. .
مطابقته لِلْآيَةِ الْكَرِيمَة ظَاهِرَة، وَحميد مصغر الْحَمد بن قيس أَبُو صَفْوَان مولى عبد الله بن الزبير الْأَعْرَج الْقَارِي، مَاتَ فِي خلَافَة السفاح، وَكَعب بن عجْرَة، بِضَم الْعين، وَقد مر فِي كتاب الصَّلَاة.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ فِي الْحَج عَن أبي نعيم وَعَن أبي الْوَلِيد وَعَن إِسْحَاق وَعَن مُحَمَّد بن يُوسُف، فَهَؤُلَاءِ أَرْبَعَة وَمَعَ عبد الله