ابْن الْمُنْذر: سنّ الشَّارِع للقادمين المحرمين بِالْحَجِّ تَعْجِيل الطّواف وَالسَّعْي بَين الصَّفَا والمروة عِنْد دُخُولهمْ، وَفعل هُوَ ذَلِك على مَا روته عَائِشَة، وَأمر من حل من أَصْحَابه أَن يحرموا إِذا انْطَلقُوا إِلَى منى، وَأما من أحرم من مَكَّة من أَهلهَا أَو غَيرهم فهم يؤخرون طوافهم وسعيهم إِلَى يَوْم النَّحْر، بِخِلَاف القادمين التَّفْرِيق السّنة بَين الْفَرِيقَيْنِ، وَكَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول: يَا أهل مَكَّة إِنَّمَا طوافكم بِالْبَيْتِ وَبَين الصَّفَا والمروة يَوْم النَّحْر.
حَدثنَا ابراهيم بن الْمُنْذر قَالَ حَدثنَا أَبُو ضَمرَة أنس قَالَ حَدثنَا مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا طَاف فِي الْحَج أَو الْعمرَة أول مَا يقدم يسْعَى ثَلَاثَة أطواف وَمَشى أَرْبَعَة ثمَّ سجد سَجْدَتَيْنِ ثمَّ يطوف بَين الصَّفَا والمروة
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (أول مَا يقدم يسْعَى. .) إِلَى آخِره، وَأَبُو ضَمرَة بِفَتْح الضَّاد الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْمِيم هُوَ أنس بن عِيَاض. .
قَوْله: (أول) ، نصب على أَنه ظرف، وَالْعَامِل فِيهِ: يسْعَى. قَوْله: (أَرْبَعَة) أَي: أَرْبَعَة أطواف. قَوْله: (سَجْدَتَيْنِ) أَي: رَكْعَتَيْنِ للطَّواف، وَهُوَ من إِطْلَاق الْجُزْء وَإِرَادَة الْكل.
٧١٦١ - حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ المُنْذِرِ قَالَ حدَّثنا أنَسُ بنُ عِيَاضٍ عنْ عُبَيْدِ الله عنْ نَافِعٍ عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ إذَا طافَ بِالْبَيْتِ الطَّوَافَ الأول يَخُبُّ ثَلاثَةَ أطْوَافٍ ويَمْشِي أرْبَعَةً وأنَّهُ كانَ يَسْعَى بَطْنَ المَسِيلِ إذَا طافَ بَيْنَ الصَّفَا والمَرْوَةِ..
هَذَا وَجه آخر فِي حَدِيث ابْن عمر الْمَذْكُور، كِلَاهُمَا من رِوَايَة نَافِع عَن ابْن عمر، لَكِن الأول: عَن مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع، وَالثَّانِي: عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع، والراوي عَنْهُمَا وَاحِد وَهُوَ أنس عَن عِيَاض.
قَوْله: (الطّواف الأول) ، يُرِيد بِهِ طَوافا بعده سمي احْتِرَازًا عَن مثل طواف الْوَدَاع. قَوْله: (يخب) ، بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة أَي: يرمل. قَوْله: (يسْعَى) أَي: بعد وَقَوله: (بطن المسيل) ، مَنْصُوب على الظّرْف، والمسيل بالوادي الَّذِي بَين الصَّفَا والمروة، وَهُوَ قدر مَعْرُوف، وَذَلِكَ قبل الْوُصُول إِلَى الْميل الأخضرين اللَّذين أَحدهمَا بِفنَاء الْمَسْجِد، وَالْآخر بدار الْعَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
٤٦ - (بابُ طَوَافِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم طواف النِّسَاء مَعَ الرِّجَال، هَل يختلطن بِالرِّجَالِ أَو يطفن مَعَهم على حِدة من غير اخْتِلَاط بهم أَو ينفردن؟
(وَقَالَ لي عَمْرو بن عَليّ حَدثنَا أَبُو عَاصِم قَالَ ابْن جريج أَخْبرنِي عَطاء إِذْ منع ابْن هِشَام النِّسَاء الطّواف مَعَ الرِّجَال قَالَ كَيفَ تمنعهن وَقد طَاف نسَاء النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَعَ الرِّجَال قلت أبعد الْحجاب أَو قبل قَالَ إِي لعمري لقد أَدْرَكته بعد الْحجاب قلت كَيفَ يخالطن الرِّجَال قَالَ لم يكن يخالطن كَانَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا تَطوف حجرَة من الرِّجَال لَا تخالطهم فَقَالَت امْرَأَة انطلقي نستلم يَا أم الْمُؤمنِينَ قَالَت عَنْك وأبت فَكُن يخْرجن متنكرات بِاللَّيْلِ فيطفن مَعَ الرِّجَال ولكنهن كن إِذا دخلن الْبَيْت قمن حَتَّى يدخلن وَأخرج الرِّجَال وَكنت آتِي عَائِشَة أَنا وَعبيد بن عُمَيْر وَهِي مجاورة فِي جَوف ثبير قلت وَمَا حجابها قَالَ هِيَ فِي قبَّة تركية لَهَا غشاوة وَمَا بَيْننَا وَبَينهَا غير ذَلِك وَرَأَيْت عَلَيْهَا درعا موردا)