انْتهى. قلت: لَا نسلم أَنه لَا يصلح أَن يكون فصلا من الَّذِي قبله، بل هُوَ صَالح جيد لذَلِك، لِأَن الْأَلْفَاظ الَّتِي كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يُخَاطب بهَا: يَا مُحَمَّد، يَا أَبَا الْقَاسِم، يَا رَسُول الله، وَالْأَدب بل الْأَحْسَن أَن يُخَاطب: بيا رَسُول الله، وَهَذَا الحَدِيث يتَضَمَّن هَذَا فَلهُ تعلق بِمَا قبله من هَذَا الْوَجْه، وَقَالَ هَذَا الْقَائِل أَيْضا: نعم، وَجهه بعض شُيُوخنَا فَإنَّا أَشَارَ إِلَى أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَإِن كَانَ ذَا أَسمَاء وكنية، لَكِن لَا يَنْبَغِي أَن يُنَادى بِشَيْء مِنْهَا، يُقَال لَهُ: يَا رَسُول الله، كَمَا خاطبته خَالَة السَّائِب لما أَتَت بِهِ إِلَيْهِ، وَلَا يخفى تكلفه. انْتهى. قلت: أَرَادَ بِبَعْض شُيُوخه: صَاحب (التَّوْضِيح) : الشَّيْخ سراج الدّين بن الملقن، وَقَوله: وَلَا يخفى تكلفه، تكلّف بل هُوَ قريب مِمَّا ذكرنَا، وَهُوَ تَوْجِيه حسن، وَهَذَا أحسن من نسبته إِلَى تصرف الروَاة.
٠٤٥٣ - حدَّثني إسْحاقُ بنُ إبْرَاهِيمَ أخْبرَنا الفَضْلُ بنُ مُوسَى عنِ الجُعَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ رأيْتُ السَّائِبَ بنَ يَزِيدَ ابنَ أرْبَعٍ وتِسْعِينَ جَلْدَاً مُعْتَدِلاً فَقَالَ قَدْ عَلِمْتُ مَا مُتِّعْتُ بِهِ سَمْعِي وبَصَرِي إلَاّ بِدُعَاءِ رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّ خالَتِي ذَهَبَتْ بِي ألَيْهِ فقالَتْ يَا رسُولَ الله إنَّ ابنَ اخْتِي شاكٍ فادْعُ الله قَالَ فدَعَا لِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. .
توجه الْمُطَابقَة بَينه وَبَين الْبَاب المترجم قبله بِمَا ذكرنَا الْآن. وَإِسْحَاق هُوَ ابْن إِبْرَاهِيم الْمَعْرُوف بِابْن رَاهَوَيْه، وَالْفضل بن مُوسَى الشَّيْبَانِيّ، وشيبان قَرْيَة من قرى مرو، الْمروزِي والجعيد، بِضَم الْجِيم وَفتح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره دَال مُهْملَة: ابْن عبد الرَّحْمَن، وَيُقَال: الْجَعْد أَيْضا الْكِنْدِيّ الْمدنِي، والسائب بن يزِيد من الزِّيَادَة ابْن سعد الْكِنْدِيّ، وَيُقَال: الْأَسدي، وَيُقَال: اللَّيْثِيّ، وَيُقَال: الْهُذلِيّ، وَقَالَ الزُّهْرِيّ: هُوَ من الأزد عداده فِي كنَانَة لَهُ ولأبيه صُحْبَة، توفّي بِالْمَدِينَةِ سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَهُوَ ابْن سِتّ وَتِسْعين، وَفِي الحَدِيث الْمَذْكُور عَن إِسْحَاق لم يذكر إلَاّ هُنَا فَقَط، بِخِلَاف الحَدِيث الْآتِي على مَا نبينه، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
قَوْله: (ابْن أَربع وَتِسْعين) هَذَا يدل على أَنه رَآهُ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين، فَيكون عَاشَ بعد ذَلِك سنتَيْن، وَهُوَ الْأَشْهر. وَأبْعد من قَالَ: إِنَّه مَاتَ قبل التسعين، وَقَالَ ابْن أبي دَاوُد: وَهُوَ آخر من مَاتَ من الصَّحَابَة بِالْمَدِينَةِ. قَوْله: (جلدا) بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون اللَّام أَي: قَوِيا صلباً. قَوْله: (معتدلاً) أَي: معتدل الْقَامَة مَعَ كَونه معمراً. قَوْله: (مَا متعت بِهِ) ، على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله: (سَمْعِي) بدل من الضَّمِير الَّذِي فِي: بِهِ (وبصري) عطف عَلَيْهِ. قَوْله: (شَاك) فَاعل من الشكوى وَهُوَ الْمَرَض. قَوْله: (فَادع الله) أَي: أدع الله لَهُ، وَهَكَذَا يرْوى أَيْضا، وَقَالَ عَطاء بن السَّائِب: كَانَ مقدم رَأسه أسود وَهُوَ هُوَ لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَسحه، وَأمه علية بنت شُرَيْح الحضرمية، ومخرمة ابْن شُرَيْح خَاله.
٢٢ - (بابُ خَاتَمِ النُّبُوَّةِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان صفة خَاتم النُّبُوَّة، وَهُوَ الَّذِي كَانَ بَين كَتِفي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَ من علاماته الَّتِي كَانَ أهل الْكتاب يعرفونه بهَا.
١٤٥٣ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ الله حدَّثنا حاتِمٌ عنِ الجُعَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ قَالَ سَمِعْتُ السَّائبَ بنَ يَزيدَ قَالَ ذَهَبَتْ بِي خالَتِي إِلَى رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقالَتْ يَا رسُولَ الله إنَّ ابنَ أُخْتِي وَقِعُ فمَسَحَ رأسِي ودَعَا لي بالبَرَكَةِ وتَوَضَّأ فشَرِبْتُ مِنْ وُضُوئِهِ ثُمَّ قُمْتُ خَلْفَ ظَهْرِهِ فنَظَرْتُ إلَى خاتَمٍ بَيْنَ كَتِفَيْهِ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَنَظَرت إِلَى خَاتم بَين كَتفيهِ) . وَمُحَمّد بن عبد الله بِالتَّصْغِيرِ أَبُو ثَابت الْمدنِي، مَشْهُور بكنيته، وَهُوَ من أَفْرَاده، وحاتم، بِالْحَاء الْمُهْملَة وبالتاء الْمُثَنَّاة من فَوق الْمَكْسُورَة بعد الْألف: ابْن إِسْمَاعِيل أَبُو إِسْمَاعِيل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute