فَلَقَدْ رَأيْتُ السَّحَابَ يَتَقَطَّعُ يَمِينا وشِمَالاً لَا يُمْطَرُونَ ولَا يُمْطَرُ أهْلُ المَدِينَةِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَأَعَادَهُ لأجل هَذِه التَّرْجَمَة وللمغايرة فِيمَن أخرجه، لِأَنَّهُ رَوَاهُ هُنَا: عَن مُسَدّد عَن أبي عوَانَة، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة الوضاح بن عبد الله الْيَشْكُرِي عَن قَتَادَة عَن أنس. قَوْله: (بَيْنَمَا) ، قد مر الْكَلَام فِيهِ غير مرّة إِذْ أَصله: بَين زيدت فِيهِ الْألف وَالْمِيم، ويضاف إِلَى الْجُمْلَة. وَقَوله: (إِذا جَاءَ) ، جَوَابه. قَوْله: (قحط) بِكَسْر الْحَاء وَفتحهَا. قَوْله: (فمطرنا) بِضَم الْمِيم وَكسر الطَّاء. قَوْله: (فَمَا كدنا أَن نصل) كلمة: أَن نصل، خبر: لكاد مَعَ أَن، لِأَن بَينه وَبَين عَسى مُعَاوضَة فِي دُخُول أَن وَعدمهَا، وَأَرَادَ بِهِ أَنه كثر الْمَطَر بِحَيْثُ تعذر الْوُصُول إِلَى مَنَازلنَا. قَوْله: (نمطر) بِضَم النُّون وَسُكُون الْمِيم وَفتح الطَّاء. قَوْله: (يتقطع) من بَاب التفعل. قَوْله: (يمطرون) أَي: أهل الْيَمين وَأهل الشمَال، ومحلها من الْإِعْرَاب الرّفْع لِأَنَّهَا خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف، أَي: هم يمطرون، وَيجوز أَن يكون حَالا، أَي: السَّحَاب يتقطع حَال كَون أهل الْيَمين وَالشمَال يمطرون.
٩ - (بابُ منِ اكْتَفَى بِصَلاةِ الجُمُعَةِ فِي الاسْتِسْقَاءِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم من اكْتفى بِصَلَاة الْجُمُعَة فِي حَال الاسْتِسْقَاء.
٦١٠١ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ عَن مالِكٍ عنْ شَرِيكِ بنِ عَبْدِ الله عنْ أنَسٍ قَالَ جاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ هَلَكَتِ المَوَاشِي وتَقَطَّعَتِ السُّبُلُ فَدَعَا فَمُطِرْنَا مِنَ الجُمُعَةِ إلَى الجُمُعَةِ ثُمَّ جاءَ فقالَ تَهَدَّمَتِ البُيُوتُ وتقطَّعَتِ السُّبُلُ وهَلَكَتِ المَوَاشِي فادْعُ الله يُمْسِكْهَا فقامَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ والظِّرَابِ وَالأوْدِيَةِ ومَنَابِتِ الشَّجرِ فانْجَابَتِ عنِ المَدِينَةِ انْجِيَابَ الثَّوْبِ..
أعَاد هَذَا الحَدِيث أَيْضا لما ذكرنَا من الْوَجْهَيْنِ. فَإِن قلت: لَيْسَ فِيهِ التَّصْرِيح بِأَن السَّائِل الْمَذْكُور عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا سَأَلَهُ وَهُوَ على الْمِنْبَر يخْطب يَوْم الْجُمُعَة؟ قلت: هَذِه الْأَحَادِيث كلهَا فِي الأَصْل وَاحِد، ويفسر بَعْضهَا بَعْضًا. قَوْله: (فَدَعَا فمطرنا) وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ: (فَادع الله) بدل (فَدَعَا) ، أَي: قَالَ الرجل: ادْع الله فَدَعَا الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (هَلَكت الْمَوَاشِي) أَي: من قلَّة المَاء والنبات (وتقطعت السبل) أَيْضا من قلتهما أَيْضا. وَأما الْهَلَاك والتقطع ثَانِيًا فَمن كَثْرَة المَاء. قَوْله: (فانجابت) ، بِالْجِيم وبالباء الْمُوَحدَة أَي: انكشفت، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ.
وَفِيه: مَا يدل على أَن الرجل الثَّانِي فِيهِ هُوَ الرجل الأول، لِأَن الضَّمِير فِي قَوْله: (ثمَّ جَاءَ) ، يرجع إِلَى قَوْله: (جَاءَ رجل) ، فَافْهَم، وَالله أعلم.
٠١ - (بابُ الدُّعَاءِ إذَا تقَطَّعَتِ السُّبُلُ مِنْ كَثْرَةِ المَطَرِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الدُّعَاء إِذا انْقَطَعت السبل لأجل كَثْرَة الْمَطَر، وَفِي بعض النّسخ: إِذا انْقَطَعت.
٧١٠١ - حدَّثنا إسْمَاعِيلُ قَالَ حدَّثني مالَكٌ عنْ شَرِيكِ بنِ عَبْدِ الله بنِ أبِي نَمِرٍ عنْ أنَس بنِ مالِكٍ قَالَ جاءَ رَجُلٌ إلَى رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رسولَ الله هَلَكَتِ المَوَاشِي وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ فادْعُ الله فدَعَا رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمُطِرُوا مِنْ جُمُعَةٍ إلَى جُمُعَةٍ فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله تَهَدَّمَتِ البُيُوتُ وتَقَطَّعَتِ السُّبُلُ وَهَلَكَتِ المَوَاشي فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ عَلَى رُؤُوسِ الجِبَالِ وَالآكَامِ وبُطُونِ الأوْدِيَةِ ومَنَابِتِ الشَّجَرِ فانْجَابَتْ عنِ المَدِينَةِ انْجِيَابَ الثَّوْبِ..
أعَاد هَذَا الحَدِيث أَيْضا لما ذكرنَا، وَإِسْمَاعِيل بن أبي أويس ابْن أُخْت مَالك بن أنس. وَفِيه: مَا يدل على أَن الرجل الثَّانِي غير الرجل الأول، وَهَذَا ظَاهر. قَوْله: (انجياب الثَّوْب) أَي: كانجياب الثَّوْب.