فَقَالَ أرَأيْتَكُمْ لَوْ أخْبَرْتُكُمْ أنَّ خَيْلاً بالوَادِي تُرِيدُ أنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ أكنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ قَالُوا نَعَمْ مَا جَرَّبْنا عَلَيْكَ إِلَّا صِدْقاً قَالَ فإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيّ عَذَابٍ شَدِيدٍ فَقَالَ أبُو لَهَبٍ تَباً لَكَ سائِرَ اليَوْمِ ألِهاذَا جَمَعْتَنَا فَنَزَلَتْ: {تَبَّتْ يَدَا أبي لَهَبْ وَتَبَّ مَا أغْنَى عَنْهُ مالُهُ وَمَا كَسَبَ} (المسد: ١ ٢) ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَالْأَعْمَش سُلَيْمَان، وَعَمْرو بن مرّة، بِضَم الْمِيم وَتَشْديد الرَّاء. وَهَذَا الحَدِيث مُرْسل لِأَن ابْن عَبَّاس كَانَ حينئذٍ إِمَّا لم يُولد أَو كَانَ طفْلا، وَبِه جزم الْإِسْمَاعِيلِيّ، وَقد مضى هَذَا الحَدِيث بِهَذَا الْإِسْنَاد بِعَيْنِه فِي كتاب الْأَنْبِيَاء فِي: بَاب من انتسب إِلَى آبَائِهِ فِي الْإِسْلَام والجاهلية، وَلَكِن الَّذِي هُنَا بأتم من ذَاك.
قَوْله: (أَرَأَيْتكُم) ، مَعْنَاهُ: أخبروني وَالْعرب تَقول: أرأيتكما أَرَأَيْتكُم عِنْد الاستخبار بِمَعْنى: أَخْبرنِي واخبراني وأخبروني، وتاؤها مَفْتُوحَة أبدا. قَوْله: (أَن خيلاً) أَي: عسكراً. قَوْله: (مصدقي) ، بتَشْديد الْيَاء وَأَصله: مُصدقين لي، فَلَمَّا أضيف إِلَى يَاء الْمُتَكَلّم سَقَطت النُّون وأدغمت يَاء الْجمع فِي يَاء الْمُتَكَلّم. قَوْله: (نذيراً) أَي: منذراً. قَوْله: (وَتب) وَفِي رِوَايَة أُسَامَة: وَقد تب، وَزَاد: هَكَذَا قَرَأَهَا الْأَعْمَش يومئذٍ، والتباب الخسران والهلاك، تَقول مِنْهُ: تب تباباً وَتب يَدَاهُ. وَقَوله: تَبًّا لَك، نصب على الْمصدر بإضمار فعل: أَي: ألزمك الله هَلَاكًا وخسراناً. قَوْله: (سَائِر الْيَوْم) أَي: فِي جَمِيع الْيَوْم، وَمِنْه: سَائِر النَّاس أَي جَمِيعهم. قَوْله: (أَلِهَذَا) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام على وَجه الْإِنْكَار.
١٧٧٤ - حدَّثنا أَبُو اليَمانِ أخْبَرَنا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أخْبَرَني سَعِيدُ بنُ المسَيَّبِ وأبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمان أنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قامَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِينَ أنْزل الله: {وأنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ} (الشُّعَرَاء: ٤١٢) قَالَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أوْ كَلِمَةً نَحْوَها اشْتَرُوا أنْفُسَكُمْ لَا أعْنِي عَنْكُمْ مِنَ الله شَيْئاً يَا بَني عَبْدِ مَنافٍ لَا أغْنِي عَنْكُمْ مِنَ الله شَيْئاً يَا عبَّاسُ بنَ عَبْدِ المُطَّلِبِ لَا أغْنِي عَنْكَ مِنَ الله شَيْئاً وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا أغْنِي عَنْكِ مِنَ الله شَيْئاً وَيَا فاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي لَا أغْنِي عَنْكِ مِنَ الله شَيْئاً.
(انْظُر الحَدِيث ٣٥٧٢ وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَهُوَ أَيْضا من مَرَاسِيل أبي هُرَيْرَة لِأَن أَبَا هُرَيْرَة أسلم بِالْمَدِينَةِ وَهَذِه الْقِصَّة وَقعت بِمَكَّة، وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع وَشُعَيْب هُوَ ابْن أبي حَمْزَة الْحِمصِي. والْحَدِيث مر بِعَين هَذَا الْإِسْنَاد وَعين هَذَا الْمَتْن فِي كتاب الْوَصَايَا فِي: بَاب هَل يدْخل النِّسَاء والود فِي الْأَقَارِب؟ وَهَذَا تكْرَار صَرِيح لَيْسَ فِيهِ فَائِدَة غير اخْتِلَاف التَّرْجَمَة فيهمَا.
قَوْله: (أَو كلمة نَحْوهَا) شكّ من الرَّاوِي، أَي: أَو نَحْو: (يَا معشر قُرَيْش) مثل قَوْله: يَا بنيفلانة، كَمَا فِي الحَدِيث الْمَاضِي قَوْله: {اشْتَروا أَنفسكُم} أَي: بِاعْتِبَار تَخْلِيصهَا من الْعَذَاب كَأَنَّهُ قَالَ: أَسْلمُوا تسلموا من الْعَذَاب فَيكون ذَلِك كالشري كَأَنَّهُمْ جعلُوا الطَّاعَة ثمن النجَاة، وَفِي رِوَايَة مُسلم: يَا معشر قُرَيْش أَنْقِذُوا أَنفسكُم من النَّار. قَوْله: (يَا صَفِيَّة عمَّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) يجوز فِي: عمَّة، النصب وَالرَّفْع بِاعْتِبَار اللَّفْظ وَالْمحل، وَكَذَلِكَ فِي قَوْله: (يَا فَاطِمَة بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) قَوْله: (لَا أُغني عَنْك) يُقَال: مَا يغنى عَنْك هَذَا أَي: مَا ينفعك.
تابِعَهُ أصْبَغُ عنِ ابنِ وهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابنِ شِهابٍ
أَي تَابع أَبَا الْيَمَان فِي رِوَايَة أصبغ بن الْفرج الْمصْرِيّ أحد مَشَايِخ البُخَارِيّ عَن عبد الله بن وهب عَن يُونُس بن يزِيد عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ، وَقد مر وَجه الْمُتَابَعَة فِي كتاب الْوَصَايَا، وَالْحكمَة فِي إنذار الْأَقْرَبين أَولا أَن الْحجَّة إِذا قَامَت عَلَيْهِم تعدت إِلَى غَيرهم وَلَا يبْقى لَهُم عِلّة فِي الِامْتِنَاع.
٧٢ - (سورَةُ النَّمْلُ)
أَي: هَذَا فِي تَفْسِير بعض سُورَة النَّمْل، ذكر الْقُرْطُبِيّ وَغَيره أَنَّهَا مَكِّيَّة بِلَا خلاف، وَعند السخاوي: نزلت قبل الْقَصَص وَبعد الْقَصَص سُبْحَانَ، وَهِي ثَلَاثَة وَتسْعُونَ آيَة، وَألف وَمِائَة وتسع وَأَرْبَعُونَ كلمة، وَأَرْبَعَة آلَاف وَسَبْعمائة وَتِسْعَة وَتسْعُونَ حرفا.