أبي عوَانَة عَن مُغيرَة مطولا.
قَوْله: (واقرأ الْقُرْآن) بِلَفْظ الْأَمر. قَوْله: (فِي ثَلَاث) أَي: فِي ثَلَاث لَيَال، وَالْمُسْتَحب أَن لَا يقْرَأ الْقُرْآن فِي أقل من ثَلَاثَة أَيَّام، وَقَالَ النَّوَوِيّ: عادات السّلف فِي وظائف الْقِرَاءَة كَانَ بَعضهم يخْتم فِي كل شهر، وَهُوَ أَقَله، وَأما أَكْثَره فثمان ختمات فِي يَوْم وَلَيْلَة على مَا بلغنَا.
٩٥ - (بابُ صَوْمِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان صَوْم دَاوُد، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَإِنَّمَا ذكر أَولا صَوْم يَوْم وإفطار يَوْم، ثمَّ أعقبه بِصَوْم دَاوُد، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَهُوَ هُوَ تَنْبِيها بِالْأولِ على أَفضَلِيَّة هَذَا الصَّوْم، وَبِالثَّانِي إِشَارَة إِلَى الِاقْتِدَاء بِهِ فِي ذَلِك.
٩٧٩١ - حدَّثنا آدَمُ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ قَالَ حدَّثنا حَبِيبُ بنُ أبي ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ أبَا العَبَّاسِ المَكِّيَّ وكانَ شَاعِرا وكانَ لَا يُتَّهَمْ فِي حَدِيثِهِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الله بنَ عَمْرِو بنِ العَاصَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ قَالَ لِي النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّكَ لَتَصُومُ الدَّهْرَ وتَقُومُ اللَّيْلَ فَقُلْتُ نَعَمْ قَالَ إنَّكَ إذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتْ لَهُ العَيْنُ ونَفَهَتْ لَهُ النَّفْسُ لَا صامَ مَنْ صامَ الدَّهْرَ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ قُلْتُ فإنِّي أُطِيقُ أكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ فَصُمْ صَوْمَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ كانَ يَصُومُ يَوْما ويُفْطِرُ يَوْما ولَا يَفِرُّ إذَا لَاقى. .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (صم صَوْم دَاوُد، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام) إِلَى آخِره، وَهَذَا الحَدِيث مر فِي: بَاب حق الْأَهْل فِي الصَّوْم، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عَمْرو بن عَليّ عَن أبي عَاصِم عَن ابْن جريج عَن أبي الْعَبَّاس الشَّاعِر إِلَى آخِره، وَبَين متنيه بعض اخْتِلَاف، وحبِيب ضد الْعَدو وَابْن أبي ثَابت ضد الزائل أَبُو يحيى الْأَسدي الْكَاهِلِي الْأَعْوَر الْمُفْتِي الْمُجْتَهد، مَاتَ سنة تسع عشرَة وَمِائَة.
قَوْله: (وَكَانَ شَاعِرًا) وَهُنَاكَ: قَالَ الشَّاعِر. قَوْله: (وَكَانَ لَا يتهم فِي حَدِيثه) ، فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَن الشَّاعِر بصدد أَن يمْنَع حَدِيثه لما تَقْتَضِيه صناعته من الغلو فِي الْأَشْيَاء والإغراق فِي الْمَدْح والذم، لَكِن الرَّاوِي عدله وَوَثَّقَهُ حَتَّى روى عَنهُ، لِأَنَّهُ لم يكن مُتَّهمًا. وَأَشَارَ بقوله فِي حَدِيثه إِلَى أَن الْمَرْوِيّ عَنهُ أَعم من أَن يكون من الحَدِيث النَّبَوِيّ أَو غَيره، وإلَاّ لَمْ يَرْوِ عَنهُ، على أَن الْوَاقِع أَنه حجَّة عِنْد كل من أخرج الصَّحِيح، وَوَثَّقَهُ أَحْمد وَابْن معِين وَغَيرهمَا، وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الحَدِيث وحديثان آخرَانِ: أَحدهمَا فِي الْجِهَاد، وَالْآخر فِي الْمَغَازِي، وأعادهما مَعًا فِي الْأَدَب. قَوْله: (هجمت لَهُ الْعين) أَي: غارت وَدخلت، وَعَن صَاحب (الْعين) : هجمت تهجم هجوما وهجما، وَعَن أبي عمر: و: الْكثير إهجام، وَعَن الْأَصْمَعِي: انهجمت عينه: دَمَعَتْ، ذكره فِي (الموعب) ابْن التِّين: هَذَا غَرِيب وَلَا أعرف مَعْنَاهَا، وَقَالَ بَعضهم: وَكَأَنَّهَا أبدلت عَن الْفَاء فَإِنَّهَا تبدل مِنْهَا كثيرا. قلت: ادّعى أَن الْفَاء تبدل من الثَّاء الْمُثَلَّثَة كثيرا، وَلم يَأْتِ بمثال فِيهِ، وَلَا نسبه إِلَى أحد من أهل الْعَرَبيَّة، وَلَا ذكر أحد هَذَا فِي الْحُرُوف الَّتِي يُبدل بَعْضهَا من بعض، وَإِن كَانَ يُوجد هَذَا رُبمَا يُوجد فِي لِسَان ذِي لثغة فَلَا يَبْنِي عَلَيْهِ شَيْء. وَقَالَ التَّيْمِيّ: نهثت بالنُّون والمثلثة، وَلَا أعرف هَذِه الْكَلِمَة، وَقد ورد فِي اللُّغَة: نهث الرجل يَعْنِي: سعل، وَهُوَ بعيد هُنَا، وَجَاء فِي رِوَايَة الْكشميهني: (ونهكت) أَي: هزلت وضعفت، وَلَا وَجه لَهُ إلَاّ إِذا ضم النُّون من: نهكته الْحمى: إِذا أضنته، وَفِي (التَّوْضِيح) : نهتت، بالنُّون ثمَّ هَاء ثمَّ مثناة من فَوق ثمَّ أُخْرَى مثلهَا، وَمَعْنَاهُ: ضعفت قلت: قَالَ الْجَوْهَرِي: يَقُول: نهت ينهت بِالْكَسْرِ من النهيت، قَالَ: النهيت كالزجير، إلَاّ أَنه دونه، يُقَال: رجل نهات، أَي: زجار، وَهَذَا الَّذِي ضَبطه صَاحب (التَّوْضِيح) لَا يُنَاسب هُنَا على مَا لَا يخفى فَافْهَم قَوْله: (صَوْم ثَلَاثَة أَيَّام) أَي: من كل شهر، وَمعنى الْبَقِيَّة من الْمَتْن تقدم.
٠٨٩١ - حدَّثنا إسْحاقُ الوَاسِطِيُّ قَالَ حدَّثنا خَالِدٌ عنْ خالِدٍ عنْ أبِي قِلابَةَ قَالَ أَخْبرنِي أبُو المَلِيحِ قَالَ دَخَلْتُ مَعَ أبِيكَ عَلى عَبْدِ الله بنِ عَمْرٍ وفحَدَّثنا أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذُكِرَ لَهُ صَوْمِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute