وَنَحْوه، وَتَكون مناولة المَاء لأجل الْوضُوء. قَالَ. وَفِيه: خدمَة السُّلْطَان والعالم. قلت: حصره للإثنين لَا وَجه لَهُ، وَالْأَحْسَن أَن يُقَال: فِيهِ خدمَة الْكَبِير.
٤٩ - (بابُ السُّتْرَةِ بِمَكَّةَ وغَيْرِها)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان اسْتِحْبَاب الستْرَة لدرء الْمَار، سَوَاء كَانَ بِمَكَّة أَو غير مَكَّة، وَإِنَّمَا قيد بِمَكَّة دفعا لتوهم من توهم أَن الستْرَة قبْلَة، وَلَا يَنْبَغِي أَن يكون لمَكَّة قبْلَة إلَاّ الْكَعْبَة فَلَا يحْتَاج فِيهَا إِلَى ستْرَة، وكل من يُصَلِّي فِي مَكَان وَاسع فالمستحب لَهُ أَن يُصَلِّي إِلَى ستْرَة بِمَكَّة كَانَ أَو غَيرهَا، إلَاّ أَن يُصَلِّي بِمَسْجِد مَكَّة بِقرب الْكَعْبَة حَيْثُ لَا يُمكن لأحد الْمُرُور بَينه وَبَينهَا، فَلَا يحْتَاج إِلَى ستْرَة إِذْ قبْلَة مَكَّة ستْرَة لَهُ، فَإِن صلى فِي مُؤخر الْمَسْجِد بِحَيْثُ يُمكن الْمُرُور بَين يَدَيْهِ. أَو فِي سَائِر بقاع مَكَّة إِلَى غير جِدَار أَو شَجَرَة أَو مَا أشبههما، فَيَنْبَغِي أَن يَجْعَل أَمَامه مَا يستر من الْمُرُور بَين يَدَيْهِ، كَمَا فعل الشَّارِع حِين صلى بالبطحاء إِلَى عنزة والبطحاء خَارج مَكَّة.
٥٩ - (بابُ الصَّلَاةِ إلىَ الاسطُوَانَةِ.)
أَي: هَذَا بَاب فِي اسْتِحْبَاب الصَّلَاة إِلَى جِهَة الإسطوانة إِذا كَانَ فِي مَوضِع فِيهِ أسطوانة، والأسطوانة، بِضَم الْهمزَة مَعْرُوفَة، وَالنُّون أَصْلِيَّة وَزنهَا: أفعوالة، مثل: أقحوانة، لِأَنَّهُ يُقَال: أساطين مسطنة. وَقَالَ الْأَخْفَش: وَزنهَا: فعلوانة، وَهَذَا يدل على زِيَادَة الْوَاو وَالْألف وَالنُّون، وَقَالَ قوم: وَزنهَا أففعلانة، وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْء، لِأَنَّهُ لَو كَانَ كَذَلِك لما جمع على أساطين، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْكَلَام: أفاعين، وَقَالَ بَعضهم: الْغَالِب أَن الأسطوانة تكون من بِنَاء بِخِلَاف العمود فَإِنَّهُ من حجر وَاحِد. قلت: قيد الْغَالِب لَا طائل تَحْتَهُ، وَلَا نسلم أَن العمود يكون من حجر وَاحِد لِأَنَّهُ رُبمَا يكون أَكثر من وَاحِد، وَيكون من خشب أَيْضا.
وَقَالَ عَمرُ: المُصَلُّونَ أحَقُّ بِالسَّوَارِى من المتَحَدِّثِينَ إلَيْها
مُطَابقَة هَذَا الْأَثر ظَاهِرَة، لِأَن السَّوَارِي هِيَ الأساطين، واسواري جمع سَارِيَة؛. قَالَ ابْن الْأَثِير: السارية الأسطوانة، وَذكر الْجَوْهَرِي فِي بَاب سرا، ثمَّ ذكر الْمَادَّة الواوية والمادة اليائية، وَالظَّاهِر أَن السارية من ذَوَات الْيَاء، وَهَذَا الَّذِي علقه البُخَارِيّ وَصله أَبُو بكر بن أبي شيبَة من طَرِيق هَمدَان يُرِيد عمر، رَضِي اتعالى عَنهُ، أَي رَسُوله إِلَى أهل الْيمن عَن عمر بِهِ، وهمدان بِفَتْح الْهَاء وَسُكُون الْمِيم وبالدال الْمُهْملَة. قَوْله: (المصلون أَحَق) ، وَجه الأحقية أَن الْمُصَلِّين والمتحدثين مشتركان فِي الْحَاجة إِلَى السارية: المتحدثون إِلَى الإستناد، والمصلون لجعلها ستْرَة، لَكِن الْمُصَلِّين فِي عبَادَة فَكَانُوا أَحَق. قَوْله: (من المتحدثين) أَي: الْمُتَكَلِّمين.
وَرَأى عُمَرُ رَجُلاً يُصَلِّي بَيْنَ أسْطُوَانَتَيْن فأدْنَاهُ إلَى سَارِيَةٍ فَقَالَ صلِّ إلَيْها.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute