مُوسَى بن يزِيد الْفراء أَبُو إِسْحَاق الرَّازِيّ يعرف بالصغير، وَهُوَ شيخ مُسلم أَيْضا، وَهِشَام هُوَ ابْن يُوسُف، وَمعمر بِفَتْح الميمين هُوَ ابْن رَاشد.
والْحَدِيث قد مضى مطولا فِي: بَاب هِجْرَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه إِلَى الْمَدِينَة، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن يحيى ابْن بكير، نَا اللَّيْث عَن عقيل ... إِلَى آخِره، وَهنا أخرجه عَن إِبْرَاهِيم عَن هِشَام عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ، ثمَّ تحول إِلَى إِسْنَاد آخر بقوله: وَقَالَ اللَّيْث ... إِلَى آخِره، وَوَصله فِي: بَاب الْهِجْرَة عَن يحيى بن بكير عَن اللَّيْث كَمَا ذَكرْنَاهُ.
قَوْله: (يدينان الدّين) أَي: كَانَا مُؤمنين متدينين بدين الْإِسْلَام. قَوْله: (وَلم يمر يَوْم إلاّ يأتينا فِيهِ) فَإِن قلت: يُعَارضهُ حَدِيث أبي هُرَيْرَة: (زرغبا تَزْدَدْ حبا) قلت: لَا مُعَارضَة لِأَن لكل مِنْهُمَا معنى، فَحَدِيث الْبَاب جَوَاز زِيَارَة الصّديق الملاطف لصديقه كل يَوْم على قدر حَاجته إِلَيْهِ وَالِانْتِفَاع بمشاركته لَهُ، وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة فِيمَن لَيست لَهُ خُصُوصِيَّة وَلَا مَوَدَّة ثَابِتَة، فالإكثار من الزِّيَارَة رُبمَا أدَّت إِلَى الْبغضَاء فَيكون سَببا للقطيعة، فعلى الْمَعْنى الأول قَالَ الْقَائِل.
(إِذا حققت من شخص وداداً ... فزره وَلَا تخف مِنْهُ ملالاً)
(وَكن كَالشَّمْسِ تطلع كل يَوْم ... ولاتك فِي زيارته هلالاً)
وعَلى الْمَعْنى الثَّانِي قَالَ الْقَائِل:
(لَا تزر من تحب فِي كل شهر ... غير يَوْم وَلَا تزِدْه عَلَيْهِ)
(فاجتلاء الْهلَال فِي الشَّهْر يَوْمًا ... ثمَّ لَا تنظر الْعُيُون إِلَيْهِ)
قَالَ بَعضهم: كَأَن البُخَارِيّ رمز بالترجمة إِلَى توهين الحَدِيث الْمَشْهُور زرغباً تَزْدَدْ حبا، قلت: هَذَا تخمين فِي حق البُخَارِيّ لِأَنَّهُ حَدِيث مَشْهُور رُوِيَ عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة وهم: عَليّ وَأَبُو ذَر وَأَبُو هُرَيْرَة وَعبد الله بن عَمْرو وَعبد الله بن عمر وَأَبُو بَرزَة وَأنس وَجَابِر وحبِيب بن مسلمة وَمُعَاوِيَة بن حيدة، وَقد جمع أَبُو نعيم وَغَيره طرقه، وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي (تَارِيخ نيسابور) والخطيب فِي (تَارِيخ بَغْدَاد) بطرِيق قوي: فَإِن قلت: كَانَ الصّديق أولى بالزيارة لدفع مشقة التّكْرَار عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قلت: قَالَ ابْن التِّين: لم يكن يَجِيء إِلَى أبي بكر لمُجَرّد الزِّيَارَة بل لما يتزايد عِنْده من علم الله، وَقيل: كَانَ سَبَب ذَلِك أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا جَاءَ إِلَى بَيت أبي بكر رَضِي الله عَنهُ، يَأْمَن من أَذَى الْمُشْركين، بِخِلَاف مَا لَو جَاءَ أَبُو بكر إِلَيْهِ، وَقيل: يحْتَمل أَن أَبَا بكر كَانَ يَجِيء إِلَيْهِ فِي النَّهَار وَاللَّيْل أَكثر من مرَّتَيْنِ. قَوْله: (فَبَيْنَمَا) قد قُلْنَا غير مرّة إِن أصل بَيْنَمَا: بَين، فأشبعت الفتحة فَصَارَت ألفا وزيدت عَلَيْهِ: مَا، ويضاف ... إِلَى جملَة. قَوْله: (جُلُوس) أَي: جالسون. قَوْله: (فِي نحر الظهيرة) الظهيرة الهاجرة ونحرها أَولهَا. قَالَ الْجَوْهَرِي: نحر النَّهَار النَّهَار أَوله. وَقَالَ الْكرْمَانِي: نحر الظهيرة أول الظّهْر، يُرِيد بِهِ شدَّة الْحر. قَوْله: (أذن لي بِالْخرُوجِ) يَعْنِي: من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة.
٦٥ - (بابُ الزِّيارَةِ. ومنْ زارَ قَوْماً فَطَعِمَ عِنْدَهُمْ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَشْرُوعِيَّة الزِّيَارَة، وَفِي بَيَان من زار قوما فَطَعِمَ، أكل عِنْدهم شَيْئا، وَمن تَمام الزِّيَارَة أَن تقدم للزائر مَا حضر، وَقَالَ ابْن بطال: وَهُوَ مِمَّا يثبت الْمَوَدَّة وَيزِيد فِي الْمحبَّة، وَقد ورد فِي ذَلِك حَدِيث أخرجه أَحْمد وَأَبُو يعلى من طَرِيق عبيد الله بن عبد بن عُمَيْر قَالَ. دخل على جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ، نفر من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقدم إِلَيْهِم خبْزًا وخلاً، فَقَالَ: كلوا، فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: نعم الإدام الْخلّ، إِن هَلَاك الرجل أَن يدْخل إِلَيْهِ نفر من إخوانه فيحتقر مَا فِي بَيته أَن يقدمهُ إِلَيْهِم، وهلاك الْقَوْم أَن يحتقر وَأما قدم إِلَيْهِم.
وزارَ سَلْمانُ أَبَا الدَّرْداءِ رَضِي الله عَنْهُمَا، فِي عَهْدِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأكَلَ عِنَدُ
أَبُو الدَّرْدَاء اسْمه عُوَيْمِر مصغفر عَامر الْأنْصَارِيّ، وَهَذَا طرف من حَدِيث لأبي جُحَيْفَة تقدم فِي كتاب الصّيام.
٦٠٨٠ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ سَلامٍ أخبَرنا عَبْدُ الوَهَّابِ عَنْ خالِدٍ الحَذَّاءِ عَنْ أنسِ بنِ سِيرِينَ