١٦٢ - (بابُ خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى المسَاجِدِ بِاللَّيْلِ والغَلَسِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم خُرُوج النِّسَاء إِلَى الْمَسَاجِد لأجل الصَّلَاة. قَوْله: (بِاللَّيْلِ) يتَعَلَّق بِالْخرُوجِ. قَوْله: (والغلس) ، بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَاللَّام: بَقِيَّة ظلمَة اللَّيْل. فَإِن قلت: لم يبين حكم هَذَا الْخُرُوج: هَل هُوَ جَائِز أَو غير جَائِز؟ وَهل هُوَ لكل النِّسَاء أَو لِنسَاء مَخْصُوصَة؟ قلت: لما كَانَ فِي هَذَا الْبَاب خلاف بَين الْأَئِمَّة لم يجْزم بِنَفْي وَلَا إِثْبَات، وَسَنذكر الْخلاف فِيهِ، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
٨٦٤ - حدَّثنا أبُو اليَمَانِ قَالَ أخبرنَا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبرنِي عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتْ أعْتَمَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالعَتَمَةِ حَتَّى نادَاهُ عُمَرُ نامَ النِّسَاءُ والصِّبْيَانُ فَخَرَجَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقالَ مَا يَنْتَظِرُهَا أحَدٌ غيْرَكُمُ مِنْ أهْلِ الأَرْضِ ولَا يُصَلى يَوْمَئِذٍ إلَاّ بِالْمَدِينَةِ وكانُوا يُصَلُّونَ العَتَمَةَ فِيما بَيْنَ أنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ الأوَّلِ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْلنَا: (نَام النِّسَاء) ، وَلَوْلَا فهم البُخَارِيّ أَن النِّسَاء كن حضورا فِي الْمَسْجِد لما وَضعه فِي هَذَا الْبَاب بِهَذِهِ التَّرْجَمَة. وَأما الحَدِيث بِعَين هَذَا الْإِسْنَاد فقد مضى فِي الْبَاب السَّابِق عَن أبي الْيَمَان. . إِلَى آخِره، وَبَينهمَا بعض التَّفَاوُت فِي الْمَتْن.
قَوْله: (اعتم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالعتمة) بِفتْحَتَيْنِ، أَي: أَبْطَأَ بهَا وأخرها. قَوْله: (الأول) ، بِالْجَرِّ صفة الثُّلُث لَا اللَّيْل، وَقد ذكرنَا مَا يتَعَلَّق بِهِ من جَمِيع الْأَشْيَاء، غير أَن هَهُنَا التَّرْجَمَة فِي خُرُوج النِّسَاء إِلَى الْمَسَاجِد، وَقَيده بِاللَّيْلِ لينبه على أَن حكم النَّهَار خلاف اللَّيْل. فَإِن قلت: بعض الْأَحَادِيث مُطلق. مِنْهَا: قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لَا تمنعوا إِمَاء الله مَسَاجِد الله) . قلت: حمل الْمُطلق فِي ذَلِك على الْمُقَيد، وَبنى البُخَارِيّ عَلَيْهِ التَّرْجَمَة، وللعلماء فِيهِ أَقْوَال وتفاصيل. قَالَ صَاحب (الْهِدَايَة) : وَيكرهُ لَهُنَّ حُضُور الْجَمَاعَات. قَالَت الشُّرَّاح: وَيَعْنِي الشوابَّ مِنْهُنَّ. وَقَوله: الْجَمَاعَات، يتَنَاوَل الجُمَعَ والأعياد والكسوف وَالِاسْتِسْقَاء، وَعَن الشَّافِعِي: يُبَاح لَهُنَّ الْخُرُوج. قَالَ أَصْحَابنَا: لِأَن فِي خروجهن خوف الْفِتْنَة وَهُوَ سَبَب لِلْحَرَامِ، وَمَا يُفْضِي إِلَى الْحَرَام فَهُوَ حرَام، فعلى هَذَا قَوْلهم: يكره، مُرَادهم يحرم، لَا سِيمَا فِي هَذَا الزَّمَان لشيوع الْفساد فِي أَهله، قَالَ: لَا بَأْس وللعجوز أَن تخرج فِي الْفجْر وَالْمغْرب وَالْعشَاء لحُصُول الْأَمْن، وَهَذَا عِنْد أبي حنيفَة، وَعَن أبي يُوسُف وَمُحَمّد: يخْرجن فِي الصَّلَوَات كلهَا لِأَنَّهُ لَا فتْنَة فِيهِ لقلَّة الرَّغْبَة، ثمَّ قَالُوا: إِن حضورهن إِمَّا للصلوات أَو لتكثير الْجمع، فروى الْحسن عَن أبي حنيفَة أَن خروجهن للصَّلَاة، يقمن فِي آخر الصُّفُوف فيصلين مَعَ الرِّجَال لِأَنَّهُنَّ من أهل الْجَمَاعَة تبعا للرِّجَال، وروى أَبُو يُوسُف عَن أبي حنيفَة: أَن خروجهن لتكثير السوَاد يقمن فِي نَاحيَة وَلَا يصلين لِأَنَّهُ قد صَحَّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مر الْحيض بذلك فَإِنَّهُنَّ لسن من أهل الصَّلَاة.
٨٦٥ - حدَّثنا عُبَيْدُ الله بنُ مُوسَى عنْ حَنْظَلَةَ عنْ سَالِمِ بن عَبْدِ الله عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إذَا اسْتَأذَنَكُمْ نِسَاؤُكُمْ بِاللَّيْلِ إلَى المَسْجِدِ فَأْذَنُوا لَهُنَّ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ تَقْيِيده بِاللَّيْلِ، وَهُوَ ظَاهر.
ذكر رِجَاله: وهم أَرْبَعَة: الأول: عبيد الله بتصغير العَبْد ابْن مُوسَى الْعَبْسِي الْكُوفِي. الثَّانِي: حَنْظَلَة ابْن أبي سُفْيَان الجُمَحِي من أهل مَكَّة، وَاسم أبي سُفْيَان: الْأسود بن عبد الرَّحْمَن، وَلم يذكر أَكثر الروَاة عَن حَنْظَلَة. الثَّالِث: سَالم بن عبد الله بن عمر. الرَّابِع: عبد الله بن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.
ذكر لطائف إِسْنَاده: وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين كُوفِي ومكي ومدني.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا فِي الصَّلَاة عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير.
قَوْله: (بِاللَّيْلِ) ، كَذَا بِهَذَا الْقَيْد فِي رِوَايَة مُسلم وَغَيره، وَقد اخْتلف فِيهِ الزُّهْرِيّ عَن سَالم أَيْضا، فَأوردهُ البُخَارِيّ فِي: بَاب اسْتِئْذَان الْمَرْأَة زَوجهَا بِالْخرُوجِ