٤ - (بابٌ قَوْلِهِ: {وَإذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ الله لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ} (المُنَافِقُونَ: ٥)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله عز وَجل: {وَإِذا قيل لَهُم تَعَالَوْا} إِلَى آخر الْآيَة فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: (وَإِذا قيل لَهُم تَعَالَوْا: يسْتَغْفر لكم رَسُول الله) إِلَى قَوْله: {وهم يَسْتَكْبِرُونَ} قَوْله: (وَإِذا قيل لَهُم) ، أَي: لِلْمُنَافِقين. قَوْله: (لووا رؤوسهم) أَي: أمالوها وأعرضوا بِوُجُوهِهِمْ إِظْهَارًا للكراهية. قَرَأَ نَافِع: لووا رؤوسهم بتَخْفِيف الْوَاو وَالْبَاقُونَ بِالتَّشْدِيدِ. قَوْله: (يصدون) أَي: يعرضون عَمَّا دعوا إِلَيْهِ {هم مستكبرون} لَا يَسْتَغْفِرُونَ.
حَرَّكُوا اسْتَهْزَؤُا بِالنبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
هَذَا تَفْسِير قَوْله: {لووا رؤوسهم} وهم: يستهزئون ويستكبرون ويعرضون عَن الْإِجَابَة.
وَيُقْرَأُ بِالتَّخْفِيفِ مِنْ لَوَيْتُ
أَي: يقْرَأ قَوْله: {لووا} بتَخْفِيف الْوَاو وَهِي قِرَاءَة نَافِع كَمَا ذَكرْنَاهُ الْآن. قَوْله: (من لويت) يُشِير بِهِ أَنه من بَاب لوى، معتل الْعين وَاللَّام، وَمَعْنَاهُ: أمال. يُقَال: لويت رَأْسِي أَي: أملتها.
٤٠٩٤ - حدَّثنا عُبَيْدُ الله بنُ مُوسَى عَنْ إسْرَائِيلَ عنِ أبِي إسْحَاقَ عَنْ زَيْدٍ بنِ أرْقَمَ قَالَ كُنْتُ مَعَ عَمِّي فَسَمِعْتُ عَبْدَ الله بنِ أُبَيٍّ ابنَ سَلولَ يَقُولُ لَا تُنْفِضُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ الله حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلَئِنْ رَجَعْنا إلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأعَزُّ مِنْهَا الأذَلُّ فَذَكَرْتُ ذالِكَ لِعَمِّي فَذَكَرَهُ عَمِّي للنبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَصَدَّقَهُمْ فَدَعَانِي فَحَدَّثْتُهُ فَأرْسَلَ إلَى عَبْدِ الله بنِ أُبَيٍّ وَأصْحَابِهِ فَحَلَفُوا مَا قَالُوا وَكَذَّبَنِي النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأصَابَنِي غَمٌّ لَمْ يُصِبْنِي مِثْلُهُ قَطُّ فَجَلَسْتُ فِي بَيْتِي: وَقَالَ عَمِّي مَا أرَدْت إلَى أنْ كَذَّبكَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَقَتَكَ فَأنْزَلَ الله تَعَالَى: {إذَا جَاءَكَ المُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إنَّكَ لَرَسُولُ الله} (المُنَافِقُونَ: ١) وَأَرْسَلَ إلَيَّ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَرَأها: وَقَالَ إنَّ الله قَدْ صَدَّقَكَ..
هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور. وَقد اعْترض الْإِسْمَاعِيلِيّ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي السِّيَاق الَّذِي أوردهُ خُصُوص مَا ترْجم بِهِ، وَأجِيب بِأَن عَادَته جرت بِالْإِشَارَةِ إِلَى أصل الحَدِيث، وَوَقع فِي مُرْسل الْحسن: فَقَالَ قوم لعبد الله بن أبي لَو أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاسْتَغْفر لَك فَجعل يلوي رَأسه، فَنزلت: وَهَا أَنْت قد رَأَيْت أخرج البُخَارِيّ حَدِيث زيد بن أَرقم من خَمْسَة طرق وَترْجم على رَأس كل حَدِيث مِنْهَا: أَرْبَعَة مِنْهَا عَن أبي إِسْحَاق عَن زيد بن أَرقم وَوَاحِد عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ عَنهُ فَفِي ثَلَاثَة، روى أَبُو إِسْحَاق بالعنعنة، وَفِي وَاحِد بِالسَّمَاعِ، وَفِي ثَلَاثَة رَوَاهُ إِسْرَائِيل عَن جده أبي إِسْحَاق. وَفِي وَاحِد زُهَيْر ابْن مُعَاوِيَة عَنهُ.
٥ - (بابٌ قَوْلُهُ: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ الله لَهُمْ إنَّ الله لَا يَهْدِي القَوْمَ الفَاسِقِينَ} (المُنَافِقُونَ: ٦)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله عز وَجل: {سَوَاء عَلَيْهِم} إِلَى آخر الْآيَة، كَذَا للأكثرين، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر {سَوَاء عَلَيْهِم استغفرت لَهُم} الْآيَة أَي: سَوَاء عَلَيْهِم الاسْتِغْفَار وَعَدَمه لأَنهم لَا يلتفتون إِلَيْهِ وَلَا يعتدون بِهِ لِأَن الله لَا يغْفر لَهُم.
٣٩٩ - (حَدثنَا عَليّ حَدثنَا سُفْيَان قَالَ عَمْرو سَمِعت جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ كُنَّا فِي غزَاة. قَالَ سُفْيَان مرّة فِي جَيش فَكَسَعَ رجل من الْمُهَاجِرين رجلا من الْأَنْصَار فَقَالَ الْأنْصَارِيّ يَا للْأَنْصَار وَقَالَ الْمُهَاجِرِي يَا للمهاجرين فَسمع ذَاك رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ