للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٩ - (حَدثنَا قبيصَة قَالَ حَدثنَا سُفْيَان عَن مَنْصُور عَن طَلْحَة عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ مر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بتمرة مسقطة فَقَالَ لَوْلَا أَن تكون صَدَقَة لأكلتها) مطابقته للتَّرْجَمَة من حَدِيث أَن فِيهِ التَّنَزُّه عَن الشُّبْهَة وَذَلِكَ أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يتنزه من أكل مثل هَذِه التمرة الساقطة لأجل الشُّبْهَة وَهُوَ احْتِمَال كَونهَا من الصَّدَقَة وَرِجَاله خَمْسَة قبيصَة بِفَتْح الْقَاف وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة وبالصاد الْمُهْملَة ابْن عقبَة بن عَامر السوَائِي العامري الْكُوفِي وسُفْيَان الثَّوْريّ وَمَنْصُور هُوَ ابْن الْمُعْتَمِر وَطَلْحَة هُوَ ابْن مصرف على وزن اسْم الْفَاعِل من التصريف اليامي بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف الْكُوفِي كَانَ يُقَال لَهُ سيد الْقُرَّاء مَاتَ سنة ثِنْتَيْ عشرَة وَمِائَة وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْمَظَالِم عَن مُحَمَّد بن يُوسُف وَأخرجه مُسلم فِي الزَّكَاة عَن يحيى بن يحيى وَعَن أبي كريب وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي اللّقطَة عَن مَحْمُود بن غيلَان قَوْله " مسقطة " على صِيغَة الْمَفْعُول من الْإِسْقَاط وَالْقِيَاس أَن يَقُول سَاقِطَة لكنه قد يَجْعَل اللَّازِم كالمتعدي بِتَأْوِيل كَقِرَاءَة من قَرَأَ (فعموا وصموا) بِلَفْظ الْمَجْهُول وَقَالَ التَّيْمِيّ هُوَ كلمة غَرِيبَة لِأَن الْمَشْهُور إِن سقط لَازم على أَن الْعَرَب قد تذكر الْفَاعِل بِلَفْظ الْمَفْعُول وَبِالْعَكْسِ إِذا كَانَ الْمَعْنى مفهوما وَيجوز أَن يُقَال جَاءَ سقط مُتَعَدِّيا أَيْضا بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى {سقط فِي أَيْديهم} وَقَالَ الْخطابِيّ يَأْتِي الْمَفْعُول بِمَعْنى الْفَاعِل كَقَوْلِه تَعَالَى {كَانَ وعده مأتيا} أَي أَتَيَا وَقَالَ الْمُهلب إِنَّمَا ترك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أكل التمرة تنزها عَنْهَا لجَوَاز أَن تكون من تمر الصَّدَقَة وَلَيْسَ على غَيره بِوَاجِب أَن يتبع الجوازات لِأَن الْأَشْيَاء مُبَاحَة حَتَّى يقوم الدَّلِيل على الْحَظْر فالتنزه عَن الشُّبُهَات لَا يكون إِلَّا فِيمَا أشكل أمره وَلَا يدرى أحلال هُوَ أم حرَام وَاحْتمل الْمَعْنيين وَلَا دَلِيل على أَحدهمَا وَلَا يجوز أَن يحكم على من أَخذ مثل ذَلِك أَنه أَخذ حَرَامًا لاحْتِمَال أَن يكون حَلَالا غير أَنا نستحب من بَاب الْوَرع أَن نقتدي بسيدنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيمَا فعل فِي التمرة وَقد قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لوابصة بن معبد " الْبر مَا اطمأنت إِلَيْهِ نَفسك وَالْإِثْم مَا حاك فِي الصَّدْر " وَقَالَ أَبُو عمر لَا يبلغ أحد حَقِيقَة التَّقْوَى حَتَّى يدع مَا حاك فِي الصُّدُور وَقَالَ أَبُو الْحسن القابصي إِن قَالَ قَائِل إِذا وجد التمرة فِي بَيته فقد بلغت محلهَا وَلَيْسَت من الصَّدَقَة قيل لَهُ يحْتَمل أَن يكون النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يقسم الصَّدَقَة ثمَّ يَنْقَلِب إِلَى آخِره فَرُبمَا علقت تِلْكَ التمرة بِثَوْبِهِ فَسَقَطت على فرَاشه فَصَارَت شُبْهَة انْتهى وَقيل فِي هَذَا الحَدِيث تَحْرِيم قَلِيل الصَّدَقَة وكثيرها على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفِيه أَن أَمْوَال الْمُسلمين لَا يحرم مِنْهَا إِلَّا مَا لَهُ قيمَة ويتشاح فِي مثله وَأما التمرة واللبابة من الْخبز أَو التينة أَو الزبيبة وَمَا أشبههَا فقد أَجمعُوا على أَخذهَا ورفعها من الأَرْض وإكرامها بِالْأَكْلِ دون تَعْرِيفهَا اسْتِدْلَالا بقوله " لأكلتها " وَأَنَّهَا مُخَالفَة لحكم اللّقطَة وَقَالَ الْخطابِيّ وَفِيه أَنه لَا يجب على آخذها التَّصَدُّق بهَا لِأَنَّهُ لَو كَانَ سَبِيلهَا التَّصَدُّق لم يقل لأكلتها وَفِي الْمُدَوَّنَة يتَصَدَّق بِالطَّعَامِ تافها كَانَ أَو غير تافه أعجب إِلَيّ إِذا خشِي عَلَيْهِ الْفساد بِوَطْء أَو شُبْهَة وَعَن مطرف إِذا أكله غرمه وَإِن كَانَ تافها وَهَذَا الحَدِيث حجَّة عَلَيْهِ قَالَ وَإِن تصدق بِهِ فَلَا شَيْء عَلَيْهِ

(وَقَالَ همام عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ أجد تَمْرَة سَاقِطَة على فِرَاشِي) همام على وزن فعال بِالتَّشْدِيدِ هُوَ ابْن مُنَبّه بن كَامِل يكنى أَبَا عتبَة الْأَنْبَارِي الصَّنْعَانِيّ أَخُو وهب بن مُنَبّه وَهَذَا التَّعْلِيق ذكره البُخَارِيّ مُسْندًا فِي كتاب اللّقطَة عَن مُحَمَّد بن مقَاتل أَنبأَنَا عبد الله أَنبأَنَا معمر عَن همام عَن أبي هُرَيْرَة يرفعهُ " إِنِّي لأنقلب إِلَى أَهلِي فأجد تَمْرَة سَاقِطَة على فِرَاشِي فأرفعها لآكلها ثمَّ أخْشَى أَن تكون صَدَقَة فألقيها " قَوْله " أجد " ذكر بِلَفْظ الْمُضَارع استحضارا للصورة الْمَاضِيَة وَقَالَ الْكرْمَانِي (فَإِن قلت) مَا تعلقه بِهَذَا الْبَاب (قلت) تَمام الحَدِيث غير مَذْكُور وَهُوَ " لَوْلَا أَن تكون صَدَقَة لأكلتها ارتاب - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي تِلْكَ التمرة فَتَركهَا تنزها " انْتهى (قلت) لم يقف الْكرْمَانِي على تَمام الحَدِيث فِي اللّقطَة وَلَو وقف لما احْتَاجَ إِلَى هَذَا التَّكَلُّف وَلَا ذكر بَقِيَّة الحَدِيث على غير مَا هِيَ فِي رِوَايَة البُخَارِيّ

٤٥٠٢ - حدَّثنا أبُو الوَلِيدِ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبرنِي عَبْدُ الله بنُ أبِي السَّفَرِ عنِ الشَّعْبِيِّ عنْ عَدِيِّ بنِ حاتِمٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ سألْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عنْ المِعْرَاضِ فَقال إذَا أصابَ بِحَدِّهِ فَكُلْ وإذَا أصابَ بِعَرْضِهِ فَقَتَلَ فَلَا تأكُلْ فإنَّهُ وَقِيذٌ قُلْتُ يَا رسولَ الله أُرْسِلَ كَلْبِيِ واسَمِّي فأجِدُ مَعَهُ عَلَى الصَّيْدِ كَلْبا آخرَ لَمْ أُسَمِّ عَلَيْهِ ولَا أدْرِي أيُّهُمَا أخَذَ قَالَ لَا تأكُلْ إنَّما سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكَ ولَمْ تُسَمِّ عَلَى الآخَرِ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه لَا يدْرِي حلّه أَو حرمته، ويحتملان، فَلَمَّا كَانَ لَهُ شبها بِكُل وَاحِد مِنْهُمَا كَانَ الْأَحْسَن التَّنَزُّه، كَمَا فعل الشَّارِع فِي التمرة الساقطة، وَقد مضى الحَدِيث فِي كتاب الْوضُوء فِي: بَاب المَاء الَّذِي يغسل بِهِ شعر الْإِنْسَان، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن حَفْص بن عمر عَن شُعْبَة عَن ابْن أبي السّفر ضد الْحَضَر وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مُسْتَوفى. والمعراض، بِكَسْر الْمِيم ضد المطوال: وَهُوَ سهم لَا ريش عَلَيْهِ، وَفِيه خَشَبَة. وَقيل: ثَقيلَة، أَو عصى. وَقيل: هُوَ عود دَقِيق الطَّرفَيْنِ غليظ الْوسط، إِذا رمى بِهِ ذهب مستويا.

قَوْله: (وقيذ) ، فعيل بِمَعْنى الموقوذ، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة، وَهُوَ الْمَقْتُول بالخشب. وَقيل: هُوَ الَّذِي يقتل بِغَيْر محدد من عصى أَو حجر أَو غَيرهمَا، وَالله أعلم.

٤ - (بابُ مَا يُتَنَزَّهُ مِنَ الشُّبُهَاتِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا يتنزه، من التَّنَزُّه، يُقَال: تنزه تنزها.، إِذا بعد، وَأَصله من نزه نزاهة، وَمِنْه: تَنْزِيه الله، وَهُوَ تبعيده عَمَّا لَا يجوز عَلَيْهِ من النقائص. قَوْله: (من الشُّبُهَات) ، بِضَم الشين وَالْبَاء، وَهُوَ جمع: شُبْهَة.

٥ - (بابُ مَنْ لَمْ يَرَ الوَساوِسَ ونَحْوَها مِنَ المُشَبَّهاتِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حَال من لم ير الوسواس، وَهُوَ مَا يلقيه الشَّيْطَان فِي الْقلب، وَكَذَلِكَ الوسوسة والوسواس: الشَّيْطَان

<<  <  ج: ص:  >  >>