للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأجل سقايته، وأرخص لرعاء الْإِبِل وأرخص لمن أَرَادَ التَّعْجِيل أَن ينفر فِي النَّفر الأول.

وَاخْتلف الْفُقَهَاء فِيمَن بَات لَيْلَة منى بِمَكَّة من غير من رخص لَهُ، فَقَالَ مَالك: عَلَيْهِ دم، وَقَالَ الشَّافِعِي: إِن بَات لَيْلَة أطْعم عَنْهَا مِسْكينا، وَإِن بَات ليَالِي منى كلهَا أَحْبَبْت أَن يهريق دَمًا، وَجعل أَبُو حنيفَة، رَحمَه الله تَعَالَى، وَأَصْحَابه لَا شَيْء عَلَيْهِ إِن كَانَ يَأْتِي منى، وَيَرْمِي الْجمار، وَهُوَ قَول الْحسن الْبَصْرِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

تابَعَهُ أبُو أسَامَةَ وعُقْبَةُ بنُ خَالِدٍ وأبُو ضَمْرَةَ

أَي: تَابع مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير أَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة اللَّيْثِيّ، وَأخرج هَذِه الْمُتَابَعَة مُسلم عَن أبي بكر بن أبي شيبَة، قَالَ: حَدثنَا ابْن نمير وَأَبُو أُسَامَة، قَالَا: حَدثنَا عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر وَحدثنَا ابْن نمير، وَاللَّفْظ لَهُ، قَالَ: حَدثنَا أبي قَالَ: حَدثنَا عبيد الله، قَالَ: حَدثنِي نَافِع (عَن ابْن عمر أَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب اسْتَأْذن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يبيت بِمَكَّة ليَالِي منى من أجل سقايته، فَأذن لَهُ.

قَوْله: (وَعقبَة بن خَالِد) عطف على قَوْله: (أَبُو أُسَامَة) أَي: تَابع ابْن نمير أَيْضا عقبَة بن خَالِد أَبُو مَسْعُود الْكُوفِي. وَأخرج مُتَابَعَته عُثْمَان بن أبي شيبَة فِي مُسْنده عَنهُ.

قَوْله: (وَأَبُو ضَمرَة) عطف على مَا قبله أَي: تَابع ابْن نمير أَبُو ضَمرَة، بِفَتْح الضَّاد الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْمِيم، واسْمه أنس بن عِيَاض.

وَقد أخرج البُخَارِيّ فِي: بَاب سِقَايَة الْحَاج عَن عبد الله بن أبي الْأسود عَن أبي ضَمرَة عَن عبيد الله عَن نَافِع الحَدِيث. وَإِنَّمَا ذكر البُخَارِيّ هَذِه المتابعات هُنَا بعد أَن روى هَذَا الحَدِيث من ثَلَاث طرق لأجل شكّ وَقع فِي رِوَايَة يحيى بن سعيد الْقطَّان فِي وَصله، وَقد أخرجه أَحْمد عَن يحيى عَن عبيد الله عَن نَافِع، قَالَ: لَا أعلمهُ إلَاّ عَن ابْن عمر، وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ: وصل هَذَا الحَدِيث بِلَا شكّ فِيهِ الدَّرَاورْدِي، وَعلي بن مسْهر وَأَبُو حَمْزَة وَعقبَة بن خَالِد وَمُحَمّد بن فليح ومُوسَى بن عقبَة عَن عبيد الله وأرسله ابْن الْمُبَارك عَن عبيد الله.

٤٣١ - (بابُ رَمْيِ الجِمَارِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان وَقت رمي الْجمار، وَإِنَّمَا قَدرنَا هَكَذَا لِأَن حَدِيث الْبَاب لَا يدل إلَاّ على بَيَان وَقت الْجمار.

وَقَالَ جابِرٌ رَمَى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمَ النَّحْرِ ضُحىً ورمَى بَعْدَ ذَلِكَ بَعْدَ الزَّوَالِ

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من الْوَجْه الَّذِي ذَكرْنَاهُ الْآن، وَهَذَا مُعَلّق وَصله مُسلم، وَقَالَ: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، قَالَ: حَدثنَا أَبُو خَالِد الْأَحْمَر وَابْن إِدْرِيس عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير (عَن جَابر، قَالَ: رمى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْجَمْرَة يَوْم النَّحْر ضحى وَأما بعد فَإِذا زَالَت الشَّمْس) ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد من رِوَايَة يحيى بن سعيد، وَالتِّرْمِذِيّ عَن عَليّ بن خشرم: حَدثنَا عِيسَى بن يُونُس عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير (عَن جَابر، قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَرْمِي يَوْم النَّحْر ضحى وَأما بعد ذَلِك فَبعد زَوَال الشَّمْس) . وَأخرجه النَّسَائِيّ من رِوَايَة عبد الله بن إِدْرِيس.

قَوْله: (ضحى) الرِّوَايَة فِيهِ بِالتَّنْوِينِ على أَنه مَصْرُوف، وَهُوَ مَذْهَب النُّحَاة من أهل الْبَصْرَة، سَوَاء قصد التَّعْرِيف أَو التنكير. وَقَالَ الْجَوْهَرِي: تَقول: لَقيته ضحى وضحى إِذا أردْت بِهِ ضحى يَوْمك لم تنونه، وَأما وَقت الضُّحَى بِالضَّمِّ وَالْقصر. فَقَالَ الْجَوْهَرِي: ضحوة النَّهَار بعد طُلُوع الشَّمْس، ثمَّ بعده الضُّحَى وَهُوَ حِين تشرق الشَّمْس مَقْصُور يؤنث وَيذكر، فَمن أنث ذهب إِلَى أَنَّهَا جمع: ضحوة، وَمن ذكر ذهب إِلَى أَنه إسم على فعل مثل صرد ونغر، وَهُوَ ظرف غير مُتَمَكن مثل: سحر. قَالَ: ثمَّ بعده الضحاء مَمْدُود مُذَكّر، وَهُوَ عِنْد ارْتِفَاع النَّهَار الْأَعْلَى. قَوْله: (وَرمى بعد ذَلِك بعد الزَّوَال) يَعْنِي رمي الْجمار أَيَّام التَّشْرِيق.

وَيُسْتَفَاد من الحَدِيث حكمان: الأول: أَن وَقت رمي جَمْرَة الْعقبَة يَوْم النَّحْر ضحى اقْتِدَاء بِهِ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَقَالَ الرَّافِعِيّ: الْمُسْتَحبّ أَن يَرْمِي بعد طُلُوع الشَّمْس ثمَّ يَأْتِي بباقي الْأَعْمَال فَيَقَع الطّواف فِي ضحوة النَّهَار. انْتهى. وَقَالَ شَيخنَا زين الدّين، رَحمَه الله تَعَالَى: وَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ مُخَالف للْحَدِيث على مُقْتَضى تَفْسِير أهل اللُّغَة أَن ضحوة النَّهَار مُتَقَدّمَة على الضُّحَى، وَهَذَا وَقت الِاخْتِيَار، وَأما أول وَقت الْجَوَاز فَهُوَ بعد طُلُوع الشَّمْس، وَهَذَا مَذْهَبنَا لما روى أَبُو دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَنه قَالَ: أَي بني لَا ترموا

<<  <  ج: ص:  >  >>