فَإِن كَانَت ثخينة فَهِيَ الخزيرة. وَقد يَجْعَل فِيهَا الْعَسَل وَاللَّبن. وَقَالَ ابْن الْأَثِير: التلبين والتلبينة حساء يعْمل من دَقِيق، وَهِي تَسْمِيَة بالمرة من التلبين مصدر لبن الْقَوْم إِذا اسقاهم اللَّبن، وَقَالَ: الحساء بِالْفَتْح وَالْمدّ طبيخ يتَّخذ من دَقِيق وَمَاء ودهن، وَقد يحلى وَيكون رَقِيقا يحسى من الحسوة. وَهِي الجرعة. وَفِي حَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، بالمشنئة النافعة التلبين، وَفِي أُخْرَى بالبغيض النافع التلبينة. قلت: المشنئة بِمَعْنى البغيضة إِنَّمَا قَالَت: البغيضة لِأَن الْمَرِيض يبغضها كَمَا يبغض الْأَدْوِيَة. وَذكره ابْن قرقول فِي بَاب الْبَاء الْمُوَحدَة مَعَ الْغَيْن، قَالَ: وَعند الْمروزِي التغبض بالنُّون، قَالَ: وَلَا معنى لَهُ.
٥٤١٧ - حدَّثنا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ حدَّثنا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابنِ شِهاب عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أنَّها كَانَتْ إذَا مَاتَ المَيِّتُ مِنْ أهْلِها فَاجْتَمَعَ لِذَلِكَ النِّسَاءِ ثُمَّ تَفَرَّقْنَ إلَاّ أهْلَها وَخَاصَّتَها أمَرَتْ بِبُرْمَة مِنْ تَلْبِينَةٍ فَطُبِخَتْ ثُمَّ صُنِعَ ثَرِيدٌ فَصُبَتِ التَّلْبِينَةُ عَلَيْهَا ثُمَّ قَالَتْ: كُلْنَ مِنْها فَإنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ: التَّلْبِينَةُ مَجَمَّةٌ لِفُؤَادِ المَرِيضِ، تَذْهَبُ بِبَعْضِ الحُزْنِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَرِجَال إِسْنَاده على هَذَا الْوَجْه مرت غير مرّة.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الطِّبّ عَن حبَان بن مُوسَى، وَأخرجه مُسلم فِي الطِّبّ أَيْضا عَن عبد الْملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن حُسَيْن بن مُحَمَّد الْجريرِي. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْوَلِيمَة عَن مُحَمَّد بن حَاتِم، وَفِي الطِّبّ عَن نصير بن الْفرج.
قَوْله: (مجمة) ، بِفَتْح الْمِيم وَالْجِيم وَفتح الْمِيم الْأُخْرَى الشَّدِيدَة أَي: مَكَان الاسْتِرَاحَة أَي: استراحة قلب الْمَرِيض، ويروى: مجمة، بِضَم الْمِيم وَكسر الْجِيم أَي: مريحة يُقَال: جم الْفرس إِذا ذهب إعياؤه، والجمام الرَّاحَة، وَقَالَ ابْن فَارس: الجمام الرَّاحَة وَضَبطه بِضَم الْمِيم على أَنه اسْم فَاعل من أجم، وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو الْحسن الَّذِي أعرف بِفَتْح الْمِيم فَهِيَ على هَذَا مفعلة من جم يجم، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: يرْوى بِفَتْح الْمِيم وَالْجِيم وبضم الْمِيم وَكسر الْجِيم، فعلى الأول يكون مصدرا. وعَلى الثَّانِي يكون اسْم فَاعل، وَقَالَ عبد اللَّطِيف: الْفُؤَاد هُنَا رَأس الْمعدة، وفؤاد الحزين يضعف باستيلاء اليبس على أَعْضَائِهِ وعَلى معدته خَاصَّة لتقليل الْغذَاء، وَهَذَا الْغذَاء يرطبها ويقويها وَيفْعل مثل ذَلِك بفؤاد الْمَرِيض.
٢٥ - (بَابُ: {الثَّرِيدِ} )
أَي: هَذَا بَاب فِيهِ ذكر الثَّرِيد وفضله على سَائِر الْأَطْعِمَة، وَهُوَ بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَكسر الرَّاء وَهُوَ أَن يثرد الْخبز بمرق اللَّحْم، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: الثَّرِيد غَالِبا لَا يكون إلَاّ من لحم، وَالْعرب قل مَا تَجِد طبيخا وَلَا سِيمَا بِلَحْم.
٥٤١٨ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ حدَّثنا غُنْدَرٌ حدَّثنا شُعْبَةُ عَنْ عَمْروٍ بنُ مُرَّةَ الجَمَلِيِّ عَنْ مُرَّةَ الهَمْدَانِيِّ عَنْ أبِي مُوسَى الأشْعَرِيِّ عَنِ النبيِّ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إلَاّ مَرْيَمَ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَفَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وغندر لقب مُحَمَّد بن جَعْفَر، وَعَمْرو بن مرّة، بِضَم الْمِيم وَتَشْديد الرَّاء الجملى بِفَتْح الْجِيم نِسْبَة إِلَى جمل بطن من مُرَاد وَمرَّة الْهَمدَانِي بِضَم الْمِيم وَتَشْديد الرَّاء ابْن شرَاحِيل الْهَمدَانِي الْكُوفِي، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، اسْمه عبد الله بن قيس.
والْحَدِيث قد مضى فِي كتاب الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم السَّلَام فِي: بَاب قَوْله تَعَالَى: {إِذْ قَالَت الْمَلَائِكَة يَا مَرْيَم} (آل عمرَان: ٤٢، ٤٥) فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن آدم عَن شُعْبَة عَن عَمْرو بن مرّة إِلَى آخِره، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (كفضل الثَّرِيد) ، قيل وَلم يرد عين الثَّرِيد، وَإِنَّمَا أَرَادَ الطَّعَام الْمُتَّخذ من اللَّحْم والثريد مَعًا وَفِي (التَّوْضِيح) وَمُقْتَضَاهُ فضل عَائِشَة على فَاطِمَة، وَالَّذِي أرَاهُ أَن فَاطِمَة أفضل لِأَنَّهَا بضعَة مِنْهُ، وَلَا يعدل ببضعته.