للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِفَتْح اللَّام: مركب الْمَقْتُول وثيابه وسلاحه وَمَا مَعَه على الدَّابَّة من مَاله فِي حقيبته أَو فِي وَسطه، وَمَا عدا ذَلِك فَلَيْسَ بسلب، وَكَذَلِكَ مَا كَانَ مَعَ غُلَامه على دَابَّة أُخْرَى.

وَفِيه: قتل الجاسوس الْحَرْبِيّ، وَعَلِيهِ الْإِجْمَاع. وَأما الجاسوس الْمعَاهد أَو الذِّمِّيّ فَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ: يصير ناقضاً للْعهد، فَإِن رأى الإِمَام استرقاقه أرقه، وَيجوز قَتله، وَعند الْجُمْهُور: لَا ينْتَقض عَهده بذلك إِلَّا أَن يشْتَرط عَلَيْهِ انتقاضه بِهِ، وَأما الجاسوس الْمُسلم فَعِنْدَ أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَبَعض الْمَالِكِيَّة: يُعَزّر بِمَا يرَاهُ الإِمَام إلَاّ الْقَتْل. وَقَالَ مَالك: يجْتَهد فِيهِ الإِمَام. وَقَالَ عِيَاض: قَالَ كبار أَصْحَابه: يقتل. وَاخْتلفُوا فِي تَركه بِالتَّوْبَةِ، فَقَالَ ابْن الْمَاجشون: إِن عرف بذلك قتل، وإلَاّ عزّر، وَالله أعلم.

٤٧١ - (بابٌ يُقاتَلُ عنْ أهْلِ الذِّمَّةِ وَلَا يُسْتَرَقُّونَ)

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ يُقَاتل عَن أهل الذِّمَّة أَي: عَن أهل الْكتاب لأَنهم إِنَّمَا بذلوا الْجِزْيَة على أَن يأمنوا فِي أنفسهم وَأَمْوَالهمْ وأهليهم فَيُقَاتل عَنْهُم، كَمَا يُقَاتل عَن الْمُسلمين. قَوْله: (وَلَا يسْتَرقونَ) ، على صِيغَة الْمَجْهُول، وَفِي (التَّوْضِيح) : وَمَا ذكر من الاسترقاق فَلَيْسَ فِي الْخَبَر. قلت: هَذَا من كَلَام ابْن التِّين: وَأجِيب: بِأَنَّهُ أَخذه من قَوْله فِي الحَدِيث: (وأوصيه بِذِمَّة الله) فَإِن مُقْتَضى الْوَصِيَّة بالإشفاق أَن لَا يدخلُوا فِي الاسترقاق. قلت: يحْتَمل أَنه ذكره لمَكَان الْخلاف فِيهِ، فَإِن مَذْهَب ابْن الْقَاسِم: أَنهم يسْتَرقونَ إِذا نقضوا الْعَهْد، وَخَالفهُ أَشهب، وَقيل: أغرب ابْن قدامَة فَحكى الْإِجْمَاع، فَكَأَنَّهُ لم يطلع على خلاف ابْن الْقَاسِم. قلت: يحْتَمل أَنه أَرَادَ بِهِ إِجْمَاع الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة.

٢٥٠٣ - حدَّثنا مُوسَى بنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ حدَّثنا أبُو عَوَانَةَ عنْ حُصَيْنٍ عنْ عَمْرِو بنِ مَيْمُونٍ عنْ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ وأُوصِيهِ بِذِمَّةِ الله وذِمَّةِ رَسُولهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنْ يُوفَى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ وأنْ يُقَاتَلَ مِنْ وَرَائِهِمْ وَلَا يُكَلَّفُوا إلَاّ طَاقَتَهُمْ..

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَأَن يُقَاتل من ورائهم) ، وَأَبُو عوَانَة، الوضاح الْيَشْكُرِي، وحصين، بِضَم الْحَاء وَفتح الصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ: ابْن عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ. والْحَدِيث قد مر مطولا فِي كتاب الْجَنَائِز فِي: بَاب قبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأبي بكر وَعمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا. قَوْله: (بِذِمَّة الله) أَي: عهد الله. قَوْله: (وَأَن يُقَاتل من ورائهم) أَرَادَ بِهِ دفع الْكَافِر الْحَرْبِيّ، وَنَحْوه عَنْهُم. قَوْله: (وَلَا يكلفوا) ، على صِيغَة الْمَجْهُول من التَّكْلِيف، وَمَعْنَاهُ: أَن لَا يزِيدُوا على مِقْدَار الْجِزْيَة.

٥٧١ - (بابُ جَوَائِزِ الوَفْدِ)

٦٧١ - (بابٌ هَلْ يُسْتَشْفَعُ إِلَى أهْلِ الذِّمَّةِ ومُعامَلَتِهِمْ)

أَقُول: هَكَذَا وَقع هَذَانِ البابان، وَلَيْسَ بَينهمَا شَيْء فِي جَمِيع النّسخ من طَرِيق الْفربرِي، إلَاّ أَن فِي رِوَايَة أبي عَليّ بن بن شبويه عَن الْفربرِي وَقع: بَاب جوائز الْوَفْد، بعد: بَاب هَل يستشفع، وَكَذَا وَقع عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ، وَهَذَا أصوب لِأَن حَدِيث الْبَاب مُطَابق لترجمة جوائز الْوَفْد، لقَوْله فِيهِ: وأجيزوا الْوَفْد، بِخِلَاف التَّرْجَمَة الْأُخْرَى، وَكَانَ البُخَارِيّ وضع هَاتين الترجمتين وأخلى بَينهمَا بَيَاضًا ليجد حَدِيثا يناسبهما، فَلم يتَّفق ذَلِك، ثمَّ إِن النساخ أبطلوا الْبيَاض وقرنوا بَينهمَا، وَلَيْسَ فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ: بَاب جوائز الْوَفْد، بل الَّذِي وَقع عِنْده: بَاب هَل يستشفع إِلَى أهل الذِّمَّة، وَأورد فِيهِ حَدِيث ابْن عَبَّاس، وَفِي طلب الْمُطَابقَة بَينهمَا تعسف، وَلَقَد تكلّف بَعضهم فِي تَوْجِيه الْمُطَابقَة، فَقَالَ: وَلَعَلَّه من جِهَة أَن الْإِخْرَاج يَعْنِي فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أخرجُوا الْمُشْركين من جَزِيرَة الْعَرَب، يَقْتَضِي رفع الاستشفاع، والحض على إجَازَة الْوَفْد يَقْتَضِي حسن الْمُعَامَلَة. أَو لَعَلَّ: إِلَى، فِي التَّرْجَمَة بِمَعْنى: اللَّام، أَي: هَل يستشفع لَهُم عِنْد الإِمَام وَهل يعاملون ... ؟ انْتهى. قلت: قَوْله يَقْتَضِي رفع الاستشفاع، يَقْتَضِي الْعَمَل بِرَفْع الاستشفاع وَالْعَمَل بالاقتضاء يكون عِنْد الضَّرُورَة وَلَا ضَرُورَة هَهُنَا، والإخراج مَعْنَاهُ مَعْلُوم وَلَيْسَ فِيهِ معنى الِاقْتِضَاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>