أبي أُميَّة بن الْمُغيرَة بن عبد الله بن عمر بن مَخْزُوم أَخُو أم سَلمَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأمه عَاتِكَة بنت عبد الْمطلب بن هَاشم، وَكَانَ شَدِيدا على الْمُسلمين مُخَالفا مبغضا وَهُوَ الَّذِي {قَالَ لن نؤمن لَك حَتَّى تفجر لنا من الأَرْض ينبوعا}(الْإِسْرَاء: ٠٩){وَيكون ذَلِك بَيت من زخرف}(الْإِسْرَاء: ٣٩) الْآيَة، وَكَانَ شَدِيد الْعَدَاوَة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ أَنه خرج مُهَاجرا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَقِيَهُ بِالطَّرِيقِ بَين السقيا وَالْعَرج وَهُوَ يُرِيد مَكَّة عَام الْفَتْح، فَتَلقاهُ فَأَعْرض عَنهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مرّة بعد مرّة، فَدخل إِلَى أُخْته وسألها أَن تشفع فشفعت لَهُ أُخْته أم سَلمَة وَهِي أُخْته لِأَبِيهِ فشفعها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهِ. وَأسلم وَحسن إِسْلَامه وَشهد مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتح مَكَّة مُسلما، وَشهد حنينا والطائف وَرمي يَوْم الطَّائِف بِسَهْم فَقتله وَمَات يَوْمئِذٍ، وَقَالَ أَبُو عمر بن عبد الْبر: وَزعم مُسلم بن الْحجَّاج أَن عُرْوَة بن الزبير روى عَنهُ أَنه: رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَيت أم سَلمَة فِي ثوب وَاحِد ملتحفا بِهِ مُخَالفا بَين طَرفَيْهِ، وَذَلِكَ غلط، وَإِنَّمَا الَّذِي روى عَنهُ عُرْوَة بن عبد الله بن أبي أُميَّة. قَوْله:(إِن فتح الله لكم الطَّائِف غَدا) . وَوَقع فِي رِوَايَة أبي أُسَامَة عَن هِشَام فِي أَوله وَهُوَ محاصر الطَّائِف يَوْمئِذٍ. قَوْله:(فَعَلَيْك) كلمة إغراء مَعْنَاهُ احرص على تَحْصِيلهَا والزمها. قَوْله:(على ابْنة غيلَان) ، وَفِي رِوَايَة حَمَّاد بن سَلمَة: لَو قد فتحت لكم الطَّائِف لقد أريتك بادية بنت غيلَان، وَهِي بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَكسر الدَّال الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف ضد الْحَاضِرَة وَعَلِيهِ الْجُمْهُور. وَقيل بالنُّون مَوضِع الْبَاء الْمُوَحدَة، وغيلان بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف: ابْن مسلمة بن معتب، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَفِي آخِره بَاء مُوَحدَة ابْن مَالك بن كَعْب بن عَمْرو بن سعد بن عَوْف بن قسي وَهُوَ ثَقِيف وَأمه سبيعة بنت عبد شمس، أسلم بعد فتح الطَّائِف، وَلم يُهَاجر وَكَانَ أحد وُجُوه ثَقِيف ومقدميهم وَكَانَ شَاعِرًا محسنا، وَتُوفِّي فِي آخر خلَافَة عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَهُوَ الَّذِي أسلم وَتَحْته عشر نسْوَة، فَأمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يخْتَار أَرْبَعَة. قَوْله:(تقبل بأَرْبعَة وتدبر بثمان) أَي أَن لَهَا أَربع عُكَن لسمنها تقبل بِهن من كل نَاحيَة ثِنْتَانِ وَلكُل وَاحِدَة طرفان، فَإِذا أَدْبَرت صَارَت الأطرف ثَمَانِيَة أَي السمينة لَهَا فِي بَطنهَا عُكَن أَربع وَترى من وَرَائِهَا لكل عكنة طرفان قلت: العكنة بِالضَّمِّ الطي الَّذِي فِي الْبَطن من السّمن، وَقَالَ ابْن حبيب: عَن مَالك فِي معنى قَوْله: (تقبل بِأَرْبَع وتدبر بثمان) أَن أعكانها يَنْعَطِف بَعْضهَا على بعض وَهِي فِي بَطنهَا أَربع طرائق وتبلغ أطرافها إِلَى حاضرتها فِي كل جَانب أَربع ولإرادة العكن ذكر الْأَرْبَع والثمان وَإِلَّا فَلَو أَرَادَ الْأَطْرَاف لقَالَ: ثَمَانِيَة. قَوْله:(لَا يدخلن هَذَا عَلَيْكُم) ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: عليكن، وَهِي رِوَايَة مُسلم. وَقَالَ الْمُهلب: إِنَّمَا حجبه عَن الدُّخُول إِلَى النِّسَاء لما سَمعه يصف الْمَرْأَة بِهَذِهِ الصّفة الَّتِي تهيج قُلُوب الرِّجَال، فَمَنعه لِئَلَّا يصف الْأزْوَاج للنَّاس فَيسْقط معنى الْحجاب. انْتهى. وَيُقَال: إِنَّمَا كَانَ يدْخل عَلَيْهِنَّ لِأَنَّهُنَّ يعتقدنه من غير أولي الإربة، فَلَمَّا وصف هَذَا الْوَصْف دلّ على أَنه من أولى الإربة، فَاسْتحقَّ الْمَنْع لدفع فَسَاده، وَغير أولي الإربة هُوَ الأبله الْعنين الَّذِي لَا يفْطن بمحاسن النِّسَاء وَلَا إرب لَهُ فِيهِنَّ، والأرب بِالْكَسْرِ الْحَاجة.