وَهَكَذَا قدر الْجَزَاء بِمَا ذكره، وَتَقْدِير الْكرْمَانِي مثله أَو قريب مِنْهُ، فَلَا حَاجَة إِلَى الرَّد عَلَيْهِ بِغَيْر وَجه. قَوْله: (فَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَمرنِي بِهَذَا) أَي: بِأَن رَاجع بعد الْمَرَّتَيْنِ. قَوْله: (فَإِن طَلقهَا) كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْكشميهني بِصِيغَة الْمُفْرد الْغَائِب من الْمَاضِي: (حرمت عَلَيْهِ) بضمير الْغَائِب، وَفِي رِوَايَة غَيره: فَإِن طَلقتهَا بتاء الْمُخَاطب حرمت عَلَيْك. حَتَّى تنْكح أَي الْمَرْأَة زوجا غَيْرك ويروى: غَيره. وَهَذَا لَا يَجِيء إلَاّ على رِوَايَة الْكشميهني فَافْهَم. وَالتَّعْلِيق الْمَذْكُور رَوَاهُ مُسلم فِي (صَحِيحه) عَن يحيى بن يحيى وقتيبه وَمُحَمّد بن رمح عَن اللَّيْث.
٥٦٢٥ - حدّثنا مُحَمَّدٌ حَدثنَا أبُو مُعاوِيَةَ حَدثنَا هِشامُ بنُ عُرْوَةَ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ قالَتْ: طَلَّقَ رَجُلٌ امْرأتَهُ فَتَزَوَّجَتْ زَوّا غَيْرَهُ فَطَلَّقَها وكانَتْ مَعَهُ مِثْلُ الهُدْبَةِ فَلَمْ تَصِلْ مِنْهُ إِلَى شَيءٍ تُرِيدُهُ، فلَمْ يَلْبَثْ أنْ طَلَّقَها، فأتَتِ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فقالتْ: يَا رسُولَ الله! إنَّ زَوْجي طَلَّقَنِي، وإنِّي تَزَوَّجْتُ زَوْجا غَيْرَهُ فَدَخَلَ بِي ولَمْ يَكُنْ مَعَهُ إلَاّ مِثْلُ الهُدْبَةِ فَلمْ يَقْرَبْنِي إلاّ هَنَةً واحِدَةً لَمْ يَصِلْ مِنِّي إِلَى شَيْء، فأحلُّ لِزَوْجِي الأوَّل؟ فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تَحِلِّينَ لِزَوْجِكِ الأوَّل حتَّى يَذُوقَ الآخَرُ عُسَيْلَتَكِ وتَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (لَا تحلين لزوجك) فَإِنَّهُ كَانَ قد طَلقهَا ثَلَاثًا وَأَنه أطلق الْحَرَام بعد الطلقات الثَّلَاث.
وَحَدِيث عَائِشَة فِي هَذَا الْبَاب قد مر، وَهَذِه رِوَايَة أُخْرَى عَنْهَا أخرجهَا البُخَارِيّ عَن مُحَمَّد بن سَلام عَن أبي مُعَاوِيَة مُحَمَّد بن خازم بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَالزَّاي عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عُرْوَة بن الزبير عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.
قَوْله: (مثل الهدبة) قد مر تَفْسِيرهَا أَنَّهَا طرف الثَّوْب مِمَّا يَلِي طرته. قَوْله: (فَلم تصل مِنْهُ) أَي: لم تصل الْمَرْأَة من زَوجهَا إِلَى شَيْء تريده هِيَ، وَهُوَ الْوَطْء المشبع. قَوْله: (وإلَاّ هنة وَاحِدَة) ، بِفَتْح الْهَاء وَتَخْفِيف النُّون، وَقد حكى الْهَرَوِيّ تشديدها وَأنْكرهُ الْأَزْهَرِي قبله، وَقَالَ الْخَلِيل هِيَ كلمة يكنى بهَا عَن شَيْء يستحي من ذكره باسمه، وَقَالَ ابْن التِّين: مَعْنَاهُ لم يطأني إلَاّ مرّة وَاحِدَة، يُقَال هُنَا: امْرَأَته إِذا غشيها، وروى ابْن السكن بباء مُوَحدَة ثَقيلَة أَي: مرّة وَاحِدَة، ذكره صَاحب (الْمَشَارِق) عَنهُ، وَكَذَا ذكره الْكرْمَانِي، وَقَالَ: فِي أَكثر النّسخ بموحدة ثَقيلَة أَي: مرّة، وَقَالَ صَاحب (الْمَشَارِق) وَعند الكافة بالنُّون، وَقيل: هِيَ من هَب إِذا احْتَاجَ إِلَى الْجِمَاع، يُقَال: هَب التيس يهب هبيبا.
٨ - (بابٌ { (٦٦) لم تحرم مَا أحل الله لَك} (التَّحْرِيم: ١)
وَقد مر تَفْسِيره فِي أول سُورَة التَّحْرِيم، وَلَيْسَ فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ لفظ: بَاب، وَوَقع عوضهَا: قَوْله تَعَالَى: { (٦٦) لم تحرم} .
٦٦٢٥ - حدّثنا الحَسَنُ بنُ الصَّبَّاحِ سَمِعَ الرَّبِيعَ بنَ نافعٍ حَدثنَا مُعاوِيَةُ عنْ يَحْيى بن أبي كَثِيرٍ عنْ يَعْلَى بنِ حَكِيمٍ هنْ سَعيدِ بنِ جُبَيْرٍ أنّهُ أخْبَرَهُ أنّهُ سَمِعَ ابنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إذَا حَرَّمَ امْرَأتَهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ: لَكُمْ فِي رسولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ.
(انْظُر الحَدِيث ١١٩٤)
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَالْحسن بن الصَّباح بتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة الْبَزَّار بالراء فِي آخِره الوَاسِطِيّ، وَنزل بَغْدَاد وثقة الْجُمْهُور، وَلينه النَّسَائِيّ قَلِيلا. وَأخرج عَنهُ البُخَارِيّ فِي غير مَوْضُوع وَلم يكثر، مَاتَ يَوْم الْإِثْنَيْنِ لثمان بَقينَ من ربيع الآخر سنة تسع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ وللبخاري شيخ آخر يُقَال لَهُ: الْحسن بن الصَّباح الزَّعْفَرَانِي، لَكِن إِذا وَقع هَكَذَا يكون مَنْسُوبا لجده فَهُوَ الْحسن بن مُحَمَّد بن الصَّباح، وَهُوَ الَّذِي روى عَنهُ فِي الحَدِيث الثَّانِي من هَذَا الْبَاب، وَله أَيْضا فِي الروَاة عَن شُيُوخه وَمن فِي طبقتهم مُحَمَّد بن الصَّباح الدولابي أخرج عَنهُ فِي الصَّلَاة والبيوع وَغَيرهمَا وَلَيْسَ هُوَ أَخا لِلْحسنِ بن الصَّباح، وَفِيهِمْ أَيْضا مُحَمَّد بن الصَّباح الجرجر. أخرج عَنهُ أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه، وَهُوَ غير الدولابي، وَعبد الله بن الصَّباح أخرج عَنهُ البُخَارِيّ فِي الْبيُوع وَغَيره
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute