بَعْضَكُمْ أنْ يَكُونَ ألْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ وأقْضِي لهُ عَلى نَحْوِ مَا أسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لهُ مِنْ حَقِّ أخِيهِ شَيْئاً فَلَا يأخُذْ، فإنّما أقْطَعُ لهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ
لما كَانَ هَذَا الْبَاب غير مترجم وَهُوَ كالفصل يكون حَدِيثه مُضَافا إِلَى الْبَاب الَّذِي قبله، وَوجه التطابق ظَاهر لنَهْيه عَن أَخذ مَال الْغَيْر إِذا كَانَ يعلم أَنه فِي نفس الْأَمر للْغَيْر.
وَمُحَمّد بن كثير بالثاء الْمُثَلَّثَة، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وَهِشَام هُوَ ابْن عُرْوَة بن الزبير، وَزَيْنَب ابْنة أم سَلمَة تروي عَن أمهَا أم سَلمَة وَاسْمهَا هِنْد بنت أبي أُميَّة.
والْحَدِيث مضى فِي الْمَظَالِم عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الله، وَفِي الشَّهَادَات عَن القعْنبِي وَسَيَأْتِي فِي الْأَحْكَام عَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب.
قَوْله إِنَّمَا أَنا بشر يَعْنِي: كواحد مِنْكُم وَلَا أعلم الْغَيْب وبواطن الْأُمُور كَمَا هُوَ مُقْتَضى الْحَالة البشرية، وَأَنا أحكم بِالظَّاهِرِ. قَوْله: وَلَعَلَّ اسْتعْمل هُنَا اسْتِعْمَال: عَسى. قَوْله: أَلحن أفعل التَّفْضِيل من: لحن، بِكَسْر الْحَاء إِذا فطن، وَالْمرَاد أَنه إِذا كَانَ أفطن كَانَ قَادِرًا على أَن يكون أقدر من حجَّته من الآخر، وَفِي رِوَايَة الْمَظَالِم بِلَفْظ: أبلغ بحجته. قَوْله: على نَحْو مَا اسْمَع كلمة: مَا، مَوْصُولَة هَكَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: على نَحْو مِمَّا أسمع. قَوْله: من حق أَخِيه ويروى: من أَخِيه، وَتَفْسِيره: من حق أَخِيه. قَوْله: فَلَا يَأْخُذ وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: فَلَا يَأْخُذهُ. قَوْله: قِطْعَة من النَّار قَالَ الْكرْمَانِي: حرَام عَلَيْهِ ومرجعه إِلَى النَّار، وَقيل: مَعْنَاهُ إِن أَخذهَا مَعَ علمه بِأَنَّهَا حرَام عَلَيْهِ دخل النَّار.
١١ - (بابُ شَهادَةِ الزُّورِ فِي النِّكاحِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم شَهَادَة الزُّور فِي النِّكَاح، وَقد مضى عَن قريب فِي: بَاب الْحِيلَة فِي النِّكَاح، وَذكر فِيهِ الشّغَار والمتعة وأتى بِهَذَا الْبَاب هُنَا لبَيَان حكم شَهَادَة الزُّور، كَمَا ذكرنَا.
٦٩٦٨ - حدّثنا مُسْلِمُ بنُ إبْرَاهِيمَ، حدّثنا هِشامٌ، حدّثنا يَحْياى بنُ أبي كَثِير عنْ أبي سَلَمَةَ عنْ أبي هُرَيْرَةَ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تُنْكَحُ البِكْرُ حتّى تُسْتأذَنَ، وَلَا الثَّيِّبُ حتَّى تُسْتَأمَرَ فَقِيلَ يَا رسولَ الله كَيْفَ إذْنُها؟ قَالَ: إِذا سَكَتَتْ
انْظُر الحَدِيث ٥١٣٦ وطرفه
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَهِشَام هُوَ الدستوَائي والْحَدِيث قد مر فِي النِّكَاح.
قَوْله: لَا تنْكح على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: لَا تزوج. قَوْله: حَتَّى تستأذن على صِيغَة الْمَجْهُول أَيْضا، أَي: حَتَّى يُؤْخَذ مِنْهَا الْإِذْن. قَوْله: حَتَّى تستأمر على صِيغَة الْمَجْهُول أَيْضا أَي: حَتَّى تستشار.
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِذا لَمْ تُسْتأذَنِ البِكْرُ ولَمْ تُزَوَّجْ فاحْتال رجُلٌ فأقامَ شاهِدَيْ زُورٍ أنّهُ تَزَوَّجَها بِرِضاها، فأثْبَتَ القاضِي نِكاحَها، والزَّوْجُ يَعْلَمُ أنَّ الشهادَةَ باطِلةٌ فَلا بأسَ أنْ يَطأها، وهْوَ تَزْويجٌ صَحِيحٌ.
أَرَادَ بِهِ أَيْضا أَبَا حنيفَة، وَأَرَادَ بِهِ التشنيع عَلَيْهِ، وَلَا وَجه لَهُ فِي ذكره هَاهُنَا. قَوْله: إِذا لم تُستأذن وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: إِن لم تستأذن. قَوْله: شَاهِدي زور بِإِضَافَة شَاهِدي إِلَى زور، ويروى: فَأَقَامَ شَاهِدين زوراً. قَوْله: وَالزَّوْج يعلم الْوَاو فِيهِ للْحَال. وَأَبُو حنيفَة إِمَام مُجْتَهد أدْرك صحابة وَمن التَّابِعين خلقا كثيرا، وَقد تكلم فِي هَذِه الْمَسْأَلَة بِأَصْل وَهُوَ: أَن الْقَضَاء لقطع الْمُنَازعَة بَين الزَّوْجَيْنِ من كل وَجه، فَلَو لم ينفذ الْقَضَاء بِشَهَادَة الزُّور بَاطِنا كَانَ تمهيداً للمنازعة بَينهمَا، وَقد عهدنا بنفوذ مثل ذَلِك فِي الشَّرْع. ألَاّ ترى أَن التَّفْرِيق بِاللّعانِ ينفذ بَاطِنا وَأَحَدهمَا كَاذِب بِيَقِين؟ وَالْقَاضِي إِذا حكم بِطَلَاقِهَا بشاهدي زور، وَهُوَ لَا يعلم أَنه يجوز أَن يَتَزَوَّجهَا من لَا يعلم بِبُطْلَان النِّكَاح وَلَا يحرم عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاع، وَقَالَ بعض المشنعين: هَذَا خطأ فِي الْقيَاس، ثمَّ مثل لذَلِك بقوله: وَلَا خلاف بَين