وَقَالَ أبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ
هَذَا التَّعْلِيق طرف من حَدِيث أوردهُ البُخَارِيّ مَوْصُولا فِي كتاب الصُّلْح وَفِي كتاب الْجِهَاد، وَمضى الْكَلَام فِيهِ. وَقَالَ ابْن بطال: وَجه كَون الْكَلِمَة الطّيبَة صَدَقَة أَن إِعْطَاء المَال يفرح بِهِ قلب الَّذِي يعطاه وَيذْهب مَا فِي قلبه، وَكَذَلِكَ الْكَلَام الطّيب، فأشبهها من هَذِه الْحَيْثِيَّة.
٦٠٢٣ - حدَّثنا أبُو الوَلِيدِ حدّثنا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبرنِي عَمْروٌ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ عَدِيِّ بنِ حاتِمٍ قَالَ: ذَكَرَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّارَ فَتَعَوَّذَ مِنْها وأشاحَ بِوَجْهِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ النَّارَ فَتَعَوذَ مِنْها وأشَاحَ بِوَجْهِهِ، قَالَ شُعْبَةُ: أمَّا مَرَّتَيْنِ فَلا أشُكُّ، ثُمَّ قَالَ: اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشقِّ تَمْرَة فإنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي آخر الحَدِيث. وَأَبُو الْوَلِيد هِشَام بن عبد الْملك، وَعَمْرو هُوَ ابْن مرّة بِضَم الْمِيم وَتَشْديد الرَّاء، وخيثمة بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الثَّاء الْمُثَلَّثَة ابْن عبد الرَّحْمَن الْجعْفِيّ، وعدي بن حَاتِم الطَّائِي أَبُو طريف سكن الْكُوفَة وَحَدِيثه فِي أَهلهَا.
والْحَدِيث مضى فِي صفة النَّار عَن سُلَيْمَان بن حَرْب، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: (وأشاح) بالشين الْمُعْجَمَة والحاء الْمُهْملَة أَي: أعرض، وَقَالَ الْخطابِيّ: أشاح بِوَجْهِهِ إِذا صرفه عَن الشَّيْء فعل الحذر مِنْهُ الكاره لَهُ كَأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَرَاهَا ويحذر وهج سعيرها، فنحى وَجهه مِنْهَا. قَوْله: (أما) هِيَ التفصيلية وقسيمها مَحْذُوف تَقْدِيره: و، أما ثَلَاث مَرَّات فأشك. قَوْله: (وَلَو بشق) ، بِكَسْر الشين أَي: وَلَو بِنصْف تَمْرَة. قَوْله: (فَإِن لم يجد) بِلَفْظ الْمُفْرد، قَالَ بعض عُلَمَاء الْمعَانِي: ذكر الْمُفْرد بعد الْجمع هُوَ من بَاب الِالْتِفَات، وَهُوَ عكس: { (٥٦) يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء} (الطَّلَاق: ١) .
٣٥ - (بابُ الرِّفْقِ فِي الأمْرِ كُلِّهِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان فضل الرِّفْق فِي الْأَمر كُله، والرفق بِكَسْر الرَّاء وَسُكُون الْفَاء وبالقاف هُوَ لين الْجَانِب بالْقَوْل وَالْفِعْل وَالْأَخْذ بالأسهل وَهُوَ ضد العنف.
٥٣ - (حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن عبد الله حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن سعد عَن صَالح عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة بن الزبير أَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَت دخل رَهْط من الْيَهُود على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالُوا السام عَلَيْكُم قَالَت عَائِشَة ففهمتها فَقلت وَعَلَيْكُم السام واللعنة قَالَت فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مهلا يَا عَائِشَة إِن الله يحب الرِّفْق فِي الْأَمر كُله فَقلت يَا رَسُول الله أَو لم تسمع مَا قَالُوا قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد قلت وَعَلَيْكُم) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله إِن الله يحب الرِّفْق فِي الْأَمر كُله وَعبد الْعَزِيز بن عبد الله بن يحيى الأويسي الْمَدِينِيّ وَإِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَصَالح هُوَ ابْن كيسَان والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الاسْتِئْذَان عَن الْحسن الْحلْوانِي وَعبد بن حميد وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير وَفِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة عَن عبيد الله بن سعد بن إِبْرَاهِيم قَوْله رَهْط من الْيَهُود الرَّهْط من الرِّجَال مَا دون الْعشْرَة وَقيل إِلَى الْأَرْبَعين وَلَا يكون فيهم امْرَأَة وَلَا وَاحِد لَهُ من لَفظه وَيجمع على أرهط وأرهاط وأراهط جمع الْجمع قَوْله السام عَلَيْكُم السام بتَخْفِيف الْمِيم الْمَوْت وَقَالَ الْخطابِيّ فسروا السام بِالْمَوْتِ فِي لسانهم كَأَنَّهُمْ دعوا عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ قَالَ وَكَانَ قَتَادَة يرويهِ بِالْمدِّ من السَّآمَة وَهُوَ الْملَل أَي تسأمون دينكُمْ وَقيل كَانُوا يعنون أماتكم الله السَّاعَة قَوْله مهلا مَعْنَاهُ تأني وارفقي وانتصابه على المصدرية وَقَالَ الْجَوْهَرِي الْمهل بِالتَّحْرِيكِ التؤدة والتباطؤ وَالِاسْم المهلة وَهُوَ اسْم فَاعل يُقَال للْوَاحِد وللاثنين وللجمع وللمؤنث بِلَفْظ وَاحِد قَوْله إِن الله يحب الرِّفْق فِي الْأَمر كُله وَفِي رِوَايَة مُسلم عَن عمْرَة عَن عَائِشَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute