الْجِهَاد عَن أبي مُوسَى وَبُنْدَار، كِلَاهُمَا عَن غنْدر وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة عَن أبي خَالِد الْأَحْمَر. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن بنْدَار بِهِ.
قَوْله: (مَا أحد) فِي رِوَايَة أبي خَالِد: مَا من نفس. قَوْله: (يدْخل الْجنَّة) ، فِي رِوَايَة أبي خَالِد لَهَا: عِنْد الله خير. قَوْله: (وَله مَا على الأَرْض من شَيْء) ، وَفِي رِوَايَة أبي خَالِد، وَأَن لَهَا الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. قَوْله: (لما يرى من الْكَرَامَة) ، أَي: لأجل مَا يرَاهُ من الْكَرَامَة للشهداء، وَفِي رِوَايَة أبي خَالِد، لما يرى من فضل الشَّهَادَة، وَلم يقل: عشر مَرَّات. وَقَالَ ابْن بطال: هَذَا الحَدِيث أجل مَا جَاءَ فِي فضل الشَّهَادَة، وَالله أعلم.
٢٢ - (بابٌ الجَنَّةُ تَحْتَ بَارِقَةِ السُّيُوفِ)
أَي: هَذَا بَاب تَرْجَمته: الْجنَّة تَحت بارقة السيوف، وَهَذَا من بَاب إِضَافَة الصّفة إِلَى الْمَوْصُوف، يُقَال: برق السَّيْف بروقاً إِذا تلألأ. وَقد تطلق البارقة، وَيُرَاد بهَا نفس السيوف، وَالْإِضَافَة بَيَانِيَّة، نَحْو: شجر الْأَرَاك، وَقيل: كَأَن البُخَارِيّ أَرَادَ بالترجمة أَن السيوف لما كَانَت لَهَا بارقة شُعَاع كَانَ لَهَا أَيْضا ظلّ تحتهَا، وَترْجم: ببارقة، يُرِيد لمع السيوف من قَوْلهم: نَاقَة بروق إِذا لمعت بذنبها من غير لقاح، وَهُوَ مثل: الْجنَّة تَحت ظلال السيوف، وَقَالَ ابْن بطال: هُوَ من البريق، وَهُوَ مَعْرُوف. وَقَالَ الْخطابِيّ: يُقَال: أبرق الرجل بِسَيْفِهِ إِذا لمع بِهِ، وَسمي السَّيْف: إبريقاً، وَهُوَ إفعيل من البريق. وَأخرج الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث عمار بن يَاسر بِإِسْنَاد صَحِيح أَنه قَالَ يَوْم صفّين: الْجنَّة تَحت الأبارقة. وَقَالَ بَعضهم: الصَّوَاب البارقة، وَهِي: السيوف اللامعة. قلت: قَالَ الْخطابِيّ: الأبارقة جمع إبريق، وَسمي السَّيْف إبريقاً كَمَا ذَكرْنَاهُ آنِفا، وَكَذَلِكَ فسر ابْن الْأَثِير كَلَام عمار: الْجنَّة تَحت الأبارقة، أَي: تَحت السيوف، فَلَا وَجه حِينَئِذٍ لدعوى الصَّوَاب.
وَقَالَ الْمُغِيرَةُ بنُ شُعْبَةَ قَالَ أخبرنَا نَبِيُّنَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عنْ رِسَالَةِ رَبِّنَا قَالَ مَنْ قُتِلَ مِنَّا صارَ إِلَى الجَنَّةِ
وَجه دُخُوله تَحت التَّرْجَمَة من حَيْثُ أَن كَون الْمَقْتُول مِنْهُم إِلَى الْجنَّة دَاخل بارقة السيوف، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله فِي الْجِزْيَة بِتَمَامِهِ. قَوْله: (عَن رِسَالَة رَبنَا) ، ثَبت فِي رِوَايَة الْكشميهني وَحده.
وَقَالَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ألَيْسَ قَتْلانَا فِي الجَنَّةِ وقَتْلاهُمْ فِي النَّارِ قَالَ بَلَى
وَجه هَذَا مثل وَجه الْمُعَلق السَّابِق، وَوَصله البُخَارِيّ فِي الْمَغَازِي من حَدِيث سهل بن حنيف، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، على مَا يَأْتِي، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
٨١٨٢ - حدَّثنا عبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حدَّثنا مُعَاوِيَةُ بنُ عَمْرٍ وحدَّثنا أبُو إسْحَاقَ عنْ مُوساى ابنِ عُقْبَةَ عنْ سالِمٍ أبي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بنِ عُبَيْدِ الله وكانَ كاتِبَهُ قَالَ كَتبَ إلَيْهِ عبدُ الله بنُ أبِي أوْفَى رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ واعْلَمُوا أنَّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن السيوف لما كَانَت لَهَا بارقة شُعَاع كَانَ لَهَا أَيْضا ظلّ تحتهَا، وَعبد الله بن مُحَمَّد أَبُو جَعْفَر البُخَارِيّ الْمَعْرُوف بالمسندي، وَمُعَاوِيَة بن عَمْرو بن الْمُهلب الْأَزْدِيّ الْبَغْدَادِيّ، وَأَصله كُوفِي، وروى عَنهُ البُخَارِيّ فِي الْجُمُعَة بِلَا وَاسِطَة. وَأَبُو إِسْحَاق، قَالَ الْكرْمَانِي: هُوَ السبيعِي، وَهَذَا سَهْو، وَلَيْسَ إلَاّ أَبَا إِسْحَاق الْفَزارِيّ، واسْمه: إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد، سكن المصيصة من الشَّام، مَاتَ سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَمِائَة.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ عَن عبد الله بن مُحَمَّد فِي الْجِهَاد فِي موضِعين. وَأخرجه فِي الْجِهَاد أَيْضا عَن يُوسُف بن مُوسَى. وَأخرجه مُسلم فِي الْمَغَازِي عَن مُحَمَّد بن رَافع. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْجِهَاد عَن أبي صَالح مَحْبُوب ابْن مُوسَى.
قَوْله: (وَكَانَ كَاتبه) أَي: كَانَ سَالم كَاتب عبد الله بن أبي أوفى، وَقد سَهَا الْكرْمَانِي سَهوا فَاحِشا حَيْثُ قَالَ: وَكَانَ سَالم كَاتب عمر بن عبيد الله، وَلَيْسَ كَذَلِك، بل الصَّوَاب مَا ذَكرْنَاهُ. قَوْله: (كتب إِلَيْهِ) أَي: إِلَى عمر بن عبيد الله بن معمر التَّيْمِيّ، وَكَانَ أَمِيرا على حَرْب الْخَوَارِج. وَقَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) : هَذَا الحَدِيث لَيْسَ من الْكِتَابَة فِي شَيْء لِأَنَّهُ لم يكْتب لسالم، إِنَّمَا