فَقَالَ: إنَّ الله هُوَ حَمَلَكُمْ إنَّي وَالله إنْ شَاءَ الله لَا أحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأرَى غَيْرَها خَيْرا مِنْها إلَاّ أتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَتَحَلَّلْتُها.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَأَبُو معمر بِفَتْح الميمين عبد الله بن عَمْرو المقعد الْبَصْرِيّ، وَعبد الْوَارِث هُوَ ابْن سعيد الْبَصْرِيّ، وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ، وَذكره هُنَا بكنية أَبِيه أبي تَمِيمَة واسْمه كيسَان أَبُو بكر الْبَصْرِيّ، وَالقَاسِم ابْن عَاصِم الْكَلْبِيّ التَّمِيمِي الْبَصْرِيّ، وَهنا روى أَيُّوب عَن الْقَاسِم عَن زَهْدَم، وَفِي الرِّوَايَة الَّتِي سبقت عَن أَيُّوب عَن أبي قلَابَة عَن زَهْدَم.
وَمضى الحَدِيث فِي: بَاب قدوم الْأَشْعَرِيين وَمضى الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى.
قَوْله: (بَيْننَا وَبَين هَذَا الْحَيّ) ، هَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة الْكشميهني، وَقَالَ ابْن التِّين: بَيْننَا وَبَينه هَذَا الْحَيّ، وَهَذَا الْحَيّ بِالْجَرِّ بَدَلا من الضَّمِير فِي بَينه، قيل: رد هَذَا لفساد الْمَعْنى لِأَنَّهُ يصير تَقْدِير الْكَلَام أَن زَهْدَم الْجرْمِي قَالَ: كَانَ بَيْننَا وَبَين هَذَا الْحَيّ من جرم أخاء، وَلَيْسَ المُرَاد، إِنَّمَا المُرَاد أَن أَبَا مُوسَى وَقَومه الْأَشْعَرِيين كَانُوا أهل مَوَدَّة وإخاء لقوم زَهْدَم، وهم بَنو جرم. قَوْله: (إخاء) ، بِكَسْر الْهمزَة وَالْمدّ أَي: مؤاخاة. وَقَالَ ابْن التِّين ضَبطه بَعضهم بِالْقصرِ وَهُوَ خطأ انْتهى قَوْله: (أَحْمَر) أَي: أَحْمَر اللَّوْن، وَفِي رِوَايَة حَمَّاد بن زيد، رجل من بني تيم الله أَحْمَر كَأَنَّهُ من الموَالِي، أَي: الْعَجم. قيل: هَذَا الرجل هُوَ زَهْدَم الرَّاوِي أبهم نَفسه. فَإِن قلت: وَقد وصف الرجل فِي رِوَايَة حَمَّاد بِأَنَّهُ من تيم الله، وزهدم من بني جرم. قلت: لَا يعد فِي هَذَا لِأَنَّهُ يَصح أَن ينْسب زَهْدَم تَارَة إِلَى بني تيم الله وَتارَة إِلَى بني جرم، وَقد روى أَحْمد هَذَا الحَدِيث عَن عبد الله بن الْوَلِيد الْعَدنِي عَن سُفْيَان الثَّوْريّ، فَقَالَ فِي رِوَايَته: رجل من بني تيم الله. يُقَال لَهُ: زَهْدَم قَالَ: كُنَّا عِنْد أبي مُوسَى فَأتى بِلَحْم دَجَاج. قَوْله: (فقذِرته) ، بِكَسْر الذَّال الْمُعْجَمَة وَفتحهَا. أَي: كرهته، وَفِي رِوَايَة أبي عوَانَة إِنِّي رَأَيْتهَا تَأْكُل قذرا. قَوْله: (فَقَالَ: أدن أخْبرك) ، كَذَا هُوَ عِنْد الْأَكْثَرين أَمر من الدنو. وَوَقع عِنْد الْمُسْتَمْلِي والسرخسي: إِذن، بِكَسْر الْهمزَة وبذال مُعْجمَة مَعَ التَّنْوِين وَهُوَ تَحْرِيف، فعلى الأول: أخْبرك مجزوم وعَلى الثَّانِي مَنْصُور. قَوْله: (أَو أحَدثك) شكّ من الرَّاوِي. قَوْله: (خمس ذود) ، بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْوَاو وبالدال الْمُهْملَة، وَهُوَ من الْإِبِل مَا بَين الثَّلَاث إِلَى الْعشْرَة. وَقَوله: (خمس ذود) بِالْإِضَافَة، واستنكره أَبُو الْبَقَاء فِي (غَرِيبه) فَقَالَ: الصَّوَاب تَنْوِين خمس، وَأَن يكون ذود بَدَلا من خمس فَإِنَّهُ لَو كَانَ من غير تَنْوِين لتغير الْمَعْنى لِأَن الْعدَد الْمُضَاف غير الْمُضَاف إِلَيْهِ، فَيلْزم أَن يكون خمس ذود خَمْسَة عشر بَعِيرًا لِأَن الْإِبِل الذود ثَلَاثَة ورده بَعضهم بقوله: وَلَكِن عدد الْإِبِل خَمْسَة عشر بَعِيرًا فَمَا الَّذِي يضر؟ وَقد ثَبت فِي بعض طرقه خُذ هذَيْن القرنين وهذين القرينين، إِلَى أَن عد سِتّ مَرَّات قلت: رده مَرْدُود عَلَيْهِ لِأَن أَبَا الْبَقَاء إِنَّمَا قَالَ مَا قَالَه فِي هَذِه الرِّوَايَة وَلم يقل: إِن الَّذِي قَالَه يَتَأَتَّى فِي جَمِيع طرق هَذَا الحَدِيث. قَوْله: (غر الذرى) الغر، بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة جمع أغر وَهُوَ الْأَبْيَض، والذرى، بِضَم الذَّال الْمُعْجَمَة وَالْقصر جمع ذرْوَة، وذروة كل شَيْء أَعْلَاهُ، وَالْمرَاد هُنَا أسنمة الْإِبِل، ولعلها كَانَت بَيْضَاء حَقِيقَة أَو أَرَادَ وصفهَا بِأَنَّهَا لَا عِلّة فِيهَا وَلَا دبر. قَوْله: (فاستحملناه) أَي: طلبنا مِنْهُ إبِلا تحملنا. قَوْله: (تغفلنا) أَي: طلبنا غفلته أَو سألناه فِي وَقت شغله. قَوْله: (حملكم) أَي: سَاق هَذَا النهب إِلَيْنَا ورزقنا هَذِه الْغَنِيمَة. قَوْله: (وتحللتها) من التَّحَلُّل وَهُوَ التفصي عَن عُهْدَة الْيَمين وَالْخُرُوج مِنْهَا بِالْكَفَّارَةِ أَو الِاسْتِثْنَاء.
وَفِي الحَدِيث: جَوَاز أكل لحم الدَّجَاج، وَفِي (التَّوْضِيح) قَامَ الْإِجْمَاع على حلّه، وَهُوَ من رَقِيق المطاعم وناعمها، وَمن كره ذَلِك من المتقشفين من الزهاد فَلَا عِبْرَة بكراهته، وَقد أكل مِنْهَا سيد الزهاد وَإِن كَانَ يحْتَمل أَن تكون جلالة وروى الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عمر أَنه كَانَ لَا يأكلها حَتَّى يقصرها أَيَّامًا. وَرُوِيَ عَنهُ أَيْضا أَنه كَانَ إِذا أَرَادَ أَن يَأْكُل بيض الدَّجَاجَة قصرهَا ثَلَاثَة أَيَّام وَقَالَ أَبُو حنيفَة الدَّجَاجَة تخلط وَالْجَلالَة لَا تَأْكُل غير الْعذرَة وَهِي الَّتِي تكره: وَزعم ابْن حزم أَن الْجَلالَة من ذَوَات الْأَرْبَع خَاصَّة وَلَا يُسمى الطير والدجاجة جلالة وَقَالَ ابْن بطال: وَالْعُلَمَاء مجمعون على جَوَاز أكل الْجَلالَة. وَقد سُئِلَ سَحْنُون عَن خروف أَرْضَعَتْه خنزيرة فَقَالَ: لَا بَأْس بِأَكْلِهِ وَقَالَ الطَّبَرِيّ: وَالْعُلَمَاء مجمعون على أَن جملا أَو جديا غذي بِلَبن كلبة أَو خنزيرة غير حرَام أكله. وَلَا خلاف أَن ألبان الْخَنَازِير نَجِسَة كالعذرة وَالله تَعَالَى أعلم.
٢٧ - (بَابُ: {لُحُومِ الخَيْلِ} )
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute