للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(إِذا أصَاب) وَفِي رِوَايَة كَرِيمَة أَصَابَت. قَوْلهَا: (إحدانا) أَي: من أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَوْلهَا: (أخذت بِيَدَيْهَا) وَفِي رِوَايَة كَرِيمَة: (بِيَدِهَا) أَي: المَاء، وَصرح بِهِ الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي رِوَايَته، قَوْلهَا: (فَوق رَأسهَا) أَي: تصبه فَوق رَأسهَا وَفِي الْإِسْمَاعِيلِيّ: (أخذت بِيَدَيْهَا ثمَّ صبَّتْ على رَأسهَا) (وبيدها الْأُخْرَى) أَي: ثمَّ أخذت بِيَدِهَا الْأُخْرَى، وَقَالَ الْكرْمَانِي فِي قَوْلهَا: (أخذت بِيَدَيْهَا) وَفِي بعض النّسخ أخذت يَديهَا بِدُونِ الْجَار فَلَا بُد أَن يُقَال: إِمَّا بنصبه ينْزع الْخَافِض، وَإِمَّا بِتَقْدِير مُضَاف أَي: أخذت ملْء يَديهَا. قلت: هَذَا تَوْجِيه حسن إِن صحت هَذِه الرِّوَايَة. فَإِن قلت: مَا حكم هَذَا الحَدِيث؟ قلت: حكمه الرّفْع، لِأَن الظَّاهِر اطلَاع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على ذَلِك.

بِسم الله الرحمان الرَّحِيم

٢٠ - (بابُ مَنِ اغْتَسَل عُرْيَاناً وَحْدَهُ فِي الخَلْوَةِ وَمَنْ تَسَتَّرَ فالتَّسَتُّرُ أَفْضَلُ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان جَوَاز غسل الْعُرْيَان وَحده إلَاّ أَن التستر أفضل، وَهَذَا اللَّفْظ دلّ على الْجَوَاز قَوْله: (وَحده فِي خلْوَة) أَي: من النَّاس، وَهَذَا تَأْكِيد لقَوْله وَحده: وهما لفظان بِحَسب الْمَعْنى متلازمان، وانتصاب وَحده، على الْحَال قَوْله: (وَمن تستر) عطف على من اغْتسل قَوْله: (والستر أفضل) جملَة إسمية من الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر، وموضعها الْعلمَاء، وَمنعه ابْن أبي ليلى، وَحَكَاهُ الْمَاوَرْدِيّ وَجها لأصحابهم فِيمَا إِذا أنزل فِي المَاء عُريَانا بِغَيْر مئزر، وَاحْتج بِحَدِيث ضَعِيف لم يَصح عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: [حم (لَا تدْخلُوا المَاء إِلَّا بمئزر فَإِن للْمَاء عَامِرًا) [/ حم وروى ابْن وهب عَن ابْن مهْدي عَن خَالِد بن حميد عَن بعض أهل الشَّام، أَن ابْن عَبَّاس لم يكن يغْتَسل فِي بَحر وَلَا نهر إلَاّ وَعَلِيهِ إِزَار، وَإِذا سُئِلَ عَن ذَلِك قَالَ: إِن لَهُ عَامِرًا. وَرُوِيَ برد عَن مَكْحُول عَن عَطِيَّة مَرْفُوعا: [حم (من اغْتسل بلَيْل فِي فضاء فليحاذر على عَوْرَته، وَمن لم يفعل ذَلِك وأصابه لمَم فَلَا يَلُومن إلَاّ نَفسه) [/ حم وَفِي مرسلات الزُّهْرِيّ: فِيمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي مراسيله عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: (لَا تغتسلوا فِي الصَّحرَاء إلَاّ أَن تجذوا متوارى، فَإِن لم تَجدوا متوارى فليخط أحدكُم كالدائرة، ثمَّ يُسَمِّي الله تَعَالَى ويغتسل فِيهِ) وروى أَبُو دَاوُد فِي (سنَنه) قَالَ: حَدثنَا ابْن نفَيْل: قَالَ: حَدثنَا زُهَيْر، قَالَ عبد الْملك بن أبي سُلَيْمَان الْعَرْزَمِي عَن عَطاء عَن يعلى. [حم (إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى رجلا يغْتَسل بالبزار فَصَعدَ الْمِنْبَر فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: إِن الله حَيّ ستير يحب الْحيَاء والستر، فَإِذا اغْتسل أحدكُم فليستتر) [/ حم وَأخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا، وَنَصّ أَحْمد فِيمَا حَكَاهُ ابْن تَيْمِية على كَرَاهَة دُخُول المَاء بِغَيْر إِزَار، وَقَالَ إِسْحَاق: هُوَ بالإزار أفضل لقَوْل الْحسن وَالْحُسَيْن رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَقد قيل لَهما وَقد دخلا المَاء عَلَيْهِمَا بردَان فَقَالَا: إِن للْمَاء سكاناً.

وَقالَ بَهْزٌ عَنْ أبيهِ عَن جده عَنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحقُّ أنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنَ النَّاسِ

الْكَلَام فِيهِ على أَنْوَاع: الأول: فِي وَجه مُطَابقَة هَذَا للتَّرْجَمَة، وَهُوَ إِنَّمَا يُطَابق إِذا حملناه على النّدب والاستحباب لَا على الْإِيجَاب، وَعَلِيهِ عَامَّة الْفُقَهَاء كَمَا ذَكرْنَاهُ وَقَالَ بَعضهم: ظَاهر حَدِيث بهز أَن التعري فِي الْخلْوَة غير جَائِز، لَكِن اسْتدلَّ المُصَنّف على الْجَوَاز فِي الْغسْل بِقصَّة مُوسَى وَأَيوب، عَلَيْهِمَا السَّلَام. قلت: على قَوْله لَا يكون حَدِيث بهز مطابقا للتَّرْجَمَة، فَلَا وَجه لذكره هَاهُنَا لَكِن نقُول: إِنَّه مُطَابق، وإيراده هَاهُنَا موجه لِأَنَّهُ عِنْده مَحْمُول على النّدب، كَمَا حمله عَامَّة الْفُقَهَاء، فَإِذا كَانَ مَنْدُوبًا كَانَ التستر أفضل فيطابق قَوْله: والتستر أفضل خلافًا لما قَالَه أَبُو عبد الْملك فِيمَا حَكَاهُ ابْن التِّين عَنهُ، يُرِيد بقوله: فَالله أَحَق أَن يستحي مِنْهُ النَّاس، أَن لَا يغْتَسل أحد فِي الفلاة، وَهَذَا فِيهِ حرج بَين، وَنقل عَنهُ أَنه قَالَ: مَعْنَاهُ أَن لَا يعْصى، وَهَذَا جيد. وَقَالَ الْكرْمَانِي: قَالَ الْعلمَاء، كشف الْعَوْرَة فِي حَال الْخلْوَة بِحَيْثُ لَا يرَاهُ آدَمِيّ: إِن كَانَ لحَاجَة جَازَ، وَإِن كَانَ لغير حَاجَة فَفِيهِ خلاف فِي كَرَاهَته وتحريمه، وَالأَصَح عِنْد الشَّافِعِي أَنه حرَام.

النَّوْع الثَّانِي فِي رِجَاله: وهم ثَلَاثَة: الأول: بهز، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْهَاء وَفِي آخِره زَاي مُعْجمَة، وَقَالَ الْحَاكِم: بهز كَانَ من الثِّقَات مِمَّن يحْتَج بحَديثه، وَإِنَّمَا لَا يعد من الصَّحِيح رُوَاته عَن أَبِيه عَن جده، لِأَنَّهَا شَاذَّة وَلَا متابع لَهُ فِيهَا، وَقَالَ الْخَطِيب: حدث عَنهُ الزُّهْرِيّ وَمُحَمّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ، وَبَين وفاتيهما إِحْدَى وَتسْعُونَ سنة. الثَّانِي: أَبوهُ حكم، بِفَتْح الْحَاء وَكسر الْكَاف، وَوَقع فِي رِوَايَة

<<  <  ج: ص:  >  >>