بِهِ البُخَارِيّ على ولَايَة الإِمَام للنِّكَاح، فَقَالَ: بَاب السُّلْطَان ولي، لقَوْل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَوَّجْنَاكهَا بِمَا مَعَك من الْقُرْآن.
الثَّامِن عشر فِيهِ: دلَالَة على أَنه لَيْسَ للنِّسَاء أَن تمْتَنع من تَزْوِيج أحد أَرَادَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُزَوّجهَا مِنْهُ، غَنِيا كَانَ أَو فَقِيرا، شريفا كَانَ أَو وضيعا، صَحِيحا كَانَ أَو ضَعِيفا. وروى ابْن مرْدَوَيْه فِي (تَفْسِيره) من حَدِيث ابْن عَبَّاس: أَن قَوْله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن وَلَا مُؤمنَة إِذا قضى الله وَرَسُوله أمرا ... } (الْأَحْزَاب: ٦٣) . الْآيَة، نزلت فِي زَيْنَب لما خطبهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لزيد بن حَارِثَة، فامتنعت، وَفِي إِسْنَاده ضعف.
التَّاسِع عشر: فِيهِ: دَلِيل على جَوَاز الْخطْبَة على الْخطْبَة مَا لم يتراكنا، لَا سِيمَا مَعَ مَا رأى من زهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهَا.
الْعشْرُونَ: فِيهِ: دَلِيل على جَوَاز النّظر للمتزوج وتكراره، والتأمل فِي محاسنها، فهم ذَلِك من قَوْله: فَصَعدَ النّظر إِلَيْهَا وَصَوَّبَهُ. وَأما النظرة الأولى فمباحة للْجَمِيع.
الْحَادِي والعشريون: فِيهِ دَلِيل على إجَازَة إنكاح الْمَرْأَة دون أَن يسْأَل: هَل هِيَ فِي عدَّة أم لَا، على ظَاهر الْحَال، والحكام يبحثون عَن ذَلِك احْتِيَاطًا، قَالَه الْخطابِيّ.
الثَّانِي وَالْعشْرُونَ: قَالَ القَاضِي: فِيهِ جَوَاز أَخذ الْأُجْرَة على تَعْلِيم الْقُرْآن، وَهُوَ مَذْهَب كَافَّة الْعلمَاء، وَمنعه أَبُو حنيفَة إلَاّ للضَّرُورَة، وعَلى هَذَا اخْتلفُوا فِي أَخذ الْأُجْرَة على الصَّلَاة، وعَلى الْأَذَان وَسَائِر أَفعَال الْبر، فَروِيَ عَن مَالك كَرَاهَة جَمِيع ذَلِك فِي صَلَاة الْفَرْض وَالنَّفْل، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَأَصْحَابه إلَاّ أَن مَالِكًا أجازها على الْأَذَان، وَأَجَازَ الْإِجَازَة على جَمِيع ذَلِك ابْن عبد الحكم. وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَأَصْحَابه، وَمنع ذَلِك ابْن حبيب فِي كل شَيْء، وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ، وَقَالَ: لَا صَلَاة لَهُ، وَرُوِيَ عَن مَالك إِجَازَته فِي النَّافِلَة، وَرُوِيَ عَنهُ إِجَازَته فِي الْفَرِيضَة دون النَّافِلَة.
الثَّالِث وَالْعشْرُونَ: قَالَ الإِمَام: قَالَ بعض الْأَئِمَّة، فِيهِ: دَلِيل على أَن الْهِبَة لَا تدخل فِي ملك الْمَوْهُوب لَهُ إلَاّ بِالْقبُولِ، لِأَن الْمَوْهُوبَة كَانَت جَائِزَة للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقد وهبت هَذِه لَهُ نَفسهَا فَلم تصر زَوجته بذلك، قَالَه الشَّافِعِي.
الرَّابِع وَالْعشْرُونَ: قَالَ ابْن عبد الْبر. فِيهِ: دَلِيل على أَن الصَدَاق إِذا كَانَ جَارِيَة وَوَطئهَا الزَّوْج حد لِأَنَّهُ وطىء ملك غَيره. قلت: هُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق، وَعند أَصْحَابنَا: إِذا أقرّ أَنه زنى بِجَارِيَة امْرَأَته حد، وَإِن قَالَ: ظَنَنْت أَنَّهَا تحل لي لَا يحد.
٠١ - (بَاب إذَا وَكَّلَ رَجُلٌ رَجُلاً فتَرَكَ الوَكِيلُ شَيْئا فأجازَهُ المُوَكِّلُ فَهْوَ جائِزٌ وإنْ أقْرَضَهُ إلَى أجلٍ مُسَمَّى جازَ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ إِذا وكل رجل رجلا فَترك الْوَكِيل شَيْئا مِمَّا وكل فِيهِ فَأَجَازَهُ الْمُوكل جَازَ. قَوْله: (وَإِن أقْرضهُ) أَي: وَإِن أقْرض الْوَكِيل شَيْئا مِمَّا وكل فِيهِ جَازَ، يَعْنِي: إِذا أجَازه الْمُوكل. وَقَالَ الْمُهلب: مَفْهُوم التَّرْجَمَة أَن الْمُوكل إِذا لم يجز مَا فعله الْوَكِيل، مِمَّا لم يَأْذَن لَهُ فِيهِ، فَهُوَ غير جَائِز.
١١٣٢ - وَقَالَ عثْمانُ بنُ الهَيْثَمِ أبُو عَمْرٍ وحدَّثنا عَوْفٌ عَن مُحَمَّدِ بنِ سِيرينَ عَن أبِي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ وكَّلَنِي رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِحِفْظِ زَكاةِ رَمَضانَ فأتَانِي آتٍ فجعَلَ يَحْثُو منَ الطَّعامِ فأخَذْتُهُ وقُلْتُ وَالله لأرْفَعَنَّكَ إلَى رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إنِّي مُحْتاجٌ وعَلَيَّ عِيالٌ ولِي حاجَةٌ شَدِيدةٌ قَالَ فَخَلَّيْت عَنْهُ فأصْبَحْتُ فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا فعَلَ أسِيرُكَ البارحَةَ قَالَ قُلْتُ يَا رسولَ الله شَكا حاجَةً شَدِيدَةً وَعِيالاً فَرَحِمْتَهُ فخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ قَالَ أما أنَّهُ قَدْ