الْوتر من الْعشْر الْأَوَاخِر، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن إِبْرَاهِيم بن حَمْزَة عَن ابْن أبي حَازِم والدراوردي عَن يزِيد عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم عَن أبي سَلمَة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، وَهَهُنَا أخرجه: عَن إِسْمَاعِيل بن أبي أويس عَن مَالك عَن يزِيد ... إِلَى آخِره، وَقد تقدّمت مباحثه هُنَاكَ.
قَوْله: (إِذا كَانَ لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين) ، يفهم مِنْهُ أَن صُدُور هَذَا القَوْل، وَهُوَ: من كَانَ اعْتكف، كَانَ قبل الْحَادِي وَالْعِشْرين، وَسبق فِي: بَاب تحري لَيْلَة الْقدر، أَن صدوره كَانَ بعده، حَيْثُ قَالَ: (كَانَ جاور فِيهِ اللَّيْلَة الَّتِي كَانَ يرجع فِيهَا) . قَوْله: (هَذِه اللَّيْلَة) ، مفعول بِهِ لَا ظرف. قَوْله: (وَقد رأيتُني) ، أَي: رَأَيْت نَفسِي، قَوْله: (من عَرِيش) ، ويروى (على عَرِيش) ، وَهُوَ مَا يستظل بِهِ.
٢ - (بابُ الحَائِضِ تَرَجِّلُ المُعْتَكِفَ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان أَمر الْحَائِض حَال كَونهَا ترجل الْمُعْتَكف، أَي: تمشط وتسرح الشّعْر، وَهُوَ من الترجيل، والترجيل والترجل تَسْرِيح الشّعْر وتنظيفه وتحسينه، والمرجل: بِكَسْر الْمِيم: الْمشْط، وَكَذَلِكَ: المسرح، بِالْكَسْرِ. وَقَالَ بَعضهم: قَوْله: (ترجل الْمُعْتَكف) ، أَي: تمشطه وتدهنه. قلت: التدهين لَيْسَ دَاخِلا فِي معنى الترجيل لُغَة.
٨٢٠٢ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى قَالَ حَدثنَا يحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ أخْبَرَنِي أبِي عنْ عائِشةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتْ كانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصْغِي إليَّ رَأسَهُ وَهْوَ مُجَاوِرٌ فِي المَسْجِدِ فَأُرَجِّلُهُ وأنَا حائِضٌ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فأرجله وَأَنا حَائِض) ، وَيحيى هُوَ الْقطَّان، وَهِشَام هُوَ ابْن عُرْوَة بن الزبير.
قَوْله: (يصغي) ، بِضَم الْيَاء من الإصغاء أَي: يدني ويميل، وَرَأسه مَنْصُوب بِهِ. قَوْله: (وَهُوَ مجاور) ، جملَة حَالية أَي: معتكف. وَفِي رِوَايَة أَحْمد: (كَانَ يأتيني وَهُوَ معتكف فِي الْمَسْجِد، فيتكىء على بَاب حُجْرَتي فأغسل رَأسه وسائره فِي الْمَسْجِد) وَيُؤْخَذ مِنْهُ: أَن الْمُجَاورَة وَالِاعْتِكَاف وَاحِد، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ عَن قريب.
وَفِيه: جَوَاز التَّنْظِيف والتطيب وَالْغسْل، كالترجل، وَالْجُمْهُور على أَنه لَا يكره فِيهِ إلَاّ مَا يكره فِي الْمَسْجِد. وَفِي (جَوَامِع الْفِقْه) : لَهُ أَن يَأْكُل وَيشْرب بعد الْغُرُوب، وَيحدث وينام ويدهن ويصعد المأذنة، وَإِن كَانَ بَابهَا خَارج الْمَسْجِد، وَيغسل رَأسه ويخرجه إِلَى بَاب الْمَسْجِد فيغسله أَهله، وَذكر أَنه يخرج للْأَكْل وَالشرب بعد الْغُرُوب. وَفِيه: أَن بدن الْحَائِض طَاهِر إلَاّ مَوضِع الدَّم، إِذْ لَو كَانَ نجسا لما مكنها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غسل رَأسه. وَفِيه: أَن يَد الْمَرْأَة لَيست بِعَوْرَة، لِأَن الْمَسْجِد لَا يَخْلُو عَن بعض الصَّحَابَة فَإِذا غسلت رَأسه شاهدوا يَدهَا. وَفِيه: أَن الِاعْتِكَاف لَا يَصح فِي غير الْمَسْجِد، وإلَاّ لَكَانَ يخرج مِنْهُ لترجيل الرَّأْس. وَفِيه: أَن إِخْرَاج الْبَعْض لَا يجْرِي مجْرى الْكل، وَلِهَذَا لَو حلف لَا يدْخل بَيْتا فَأدْخل رَأسه لم يَحْنَث.
٣ - (بابٌ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إلَاّ لِحَاجَةٍ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ: لَا يدْخل الْمُعْتَكف الْبَيْت إلَاّ لحَاجَة، لَا بُد لَهُ مِنْهَا.
٩٢٠٢ - حدَّثنا قُتَيْبَةُ قَالَ حدَّثنا لَ يْثٌ عنِ ابنِ شِهَابٍ عنْ عُرْوَةَ وعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمانِ أنَّ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا زَوْجَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قالَتْ وإنْ كانَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيُدْخِلُ عَلَيَّ رَأسَهُ وهْوَ فِي المَسْجِدِ فأُرَجِّلُهُ وكانَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إلَاّ لِحَاجَةٍ إذَا كانَ مُعْتَكِفا. .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَكَانَ لَا يدْخل الْبَيْت إلَاّ لحَاجَة) .
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الطَّهَارَة عَن قُتَيْبَة وَمُحَمّد بن رمح. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الصَّوْم عَن القعْنبِي وقتيبة. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ، وَالنَّسَائِيّ فِي الِاعْتِكَاف جَمِيعًا عَن قُتَيْبَة، ثَلَاثَتهمْ عَن اللَّيْث وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الصَّوْم عَن مُحَمَّد بن رمح بِهِ، وَلم يذكر قصَّة الترجيل.
قَوْله: (عَن عُرْوَة) ، أَي: ابْن الزبير ابْن الْعَوام، وَعمرَة بنت عبد الرَّحْمَن بن سعد بن زُرَارَة، كَذَا فِي رِوَايَة اللَّيْث جمع بَينهمَا، وَرَوَاهُ يُونُس وَالْأَوْزَاعِيّ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة وَحده، وَرَوَاهُ مَالك عَنهُ عَن عُرْوَة عَن عمْرَة. وَقَالَ أَبُو دَاوُد، وَغَيره لم يُتَابع عَلَيْهِ، وَذكر البُخَارِيّ أَن عبيد الله بن