التَّرْجَمَة شَيْئَانِ: أَحدهمَا: مَا يَقُول الإِمَام! وَالْآخر: مَا يَقُول من خَلفه. وَحَدِيث الْبَاب لَا يدل إلاّ على الْجُزْء الأول صَرِيحًا، وعَلى الثَّانِي بِالطَّرِيقِ الَّذِي ذَكرْنَاهُ الْآن.
ذكر رِجَاله: وهم أَرْبَعَة، قد ذكرُوا غير مرّة، وآدَم ابْن أبي إِيَاس، وَابْن أبي ذِئْب هُوَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ذِئْب، وَاسم أبي ذِئْب: هِشَام، وَقد مرت مبَاحث هَذَا فِي: بَاب التَّكْبِير إِذا قَامَ من السُّجُود.
قَوْله:(اللَّهُمَّ رَبنَا) ، هَكَذَا هُوَ فِي أَكثر الرِّوَايَات، وَفِي بَعْضهَا بِحَذْف: اللَّهُمَّ، وَالْأولَى أولى لِأَن فِيهَا تَكْرِير النداء، كَأَنَّهُ قَالَ: يَا الله يَا رَبنَا. قَوْله:(وَلَك الْحَمد) كَذَا ثَبت بِزِيَادَة الْوَاو فِي أَكثر الطّرق، وَفِي بَعْضهَا بِحَذْف الْوَاو، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى. قَوْله:(وَإِذا رفع رَأسه) أَي: من السُّجُود لَا من الرُّكُوع، وَذكر البُخَارِيّ هَذَا الحَدِيث مُخْتَصرا، وَرَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ من وَجه آخر عَن ابْن أبي ذِئْب، بِلَفْظ:(وَإِذا قَامَ من الثِّنْتَيْنِ كبر) . وَرَوَاهُ الطَّيَالِسِيّ بِلَفْظ:(وَكَانَ يكبر بَين السَّجْدَتَيْنِ) ، وَرَوَاهُ أَبُو يعلى، وَلَفظه:(وَإِذا قَامَ من السَّجْدَتَيْنِ) ، كَمَا فِي رِوَايَة البُخَارِيّ، يحْتَمل أَن يُرَاد بهما حقيقتهما، وَأَن يُرَاد بهما الركعتان مجَازًا. وَقيل: الظَّاهِر مِنْهُمَا الركعتان، وَكَذَا قَوْله:(من الثِّنْتَيْنِ) . قَوْله:(الله أكبر) ، إِنَّمَا قَالَ هُنَا بِالْجُمْلَةِ الإسمية، وَفِي قَوْله (يكبر) بِالْجُمْلَةِ الفعلية المضارعية، لِأَن الْمُضَارع يُفِيد الِاسْتِمْرَار، وَالْمرَاد مِنْهُ هَهُنَا شُمُول أزمنة صُدُور الْفِعْل، أَي: كَانَ تكبيره ممدودا من أول الرُّكُوع وَالرَّفْع إِلَى آخرهما، منبسطا عَلَيْهِمَا، بِخِلَاف التَّكْبِير للْقِيَام فَإِنَّهُ لم يكن مستمرا. وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: لِمَ غير الأسلوب وَقَالَ هُنَا بِلَفْظ: الله أكبر، وثمة بِلَفْظ: التَّكْبِير؟ قلت: إِمَّا للتفنن، وَإِمَّا لِأَنَّهُ أَرَادَ التَّعْمِيم، لِأَن التَّكْبِير يتَنَاوَل: الله أكبر، بتعريف الْأَكْبَر وَنَحْوه: وَقَالَ بَعضهم: وَالَّذِي يظْهر أَنه من تصرف الروَاة، وَيحْتَمل أَن يكون المُرَاد تعْيين هَذَا اللَّفْظ دون غَيره من أَلْفَاظ التَّعْظِيم. قلت: الَّذِي قَالَه الْكرْمَانِي أولى من نِسْبَة الروَاة إِلَى التَّصَرُّف فِي الْأَلْفَاظ الَّتِي نقلت عَن الصَّحَابَة، وهم أهل البلاغة. وَقَوله: وَيحْتَمل ... إِلَى آخِره، إحتمال غير ناشىء عَن دَلِيل، فَلَا عِبْرَة بِهِ.