للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الَّذِي تَحْتَهُ، وكل من اسْتَوَى قَاعِدا على طائه فَهُوَ متكىء أَي: إِذا أكلت لم أقعد مُتَمَكنًا على الأوطئة فعل من يستكثر من الْأَطْعِمَة، ولكنني آكل الْعلقَة من الطَّعَام فَيكون قعودي مستوفرا. لَهُ وَلَفظ التِّرْمِذِيّ: أما أَنا فَلَا آكل مُتكئا، وَاسْتدلَّ بِهِ بَعضهم على أَن ترك الْأكل مُتكئا من خَصَائِصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقد عده أَبُو الْعَبَّاس بن الْقَاص من خَصَائِصه. وَالظَّاهِر عدم التَّخْصِيص، وَقد روى الطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تَأْكُل مُتكئا، وَرِجَال إِسْنَاده ثِقَات، وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: يكره أَيْضا لِأَنَّهُ من فعل المتعظمين وَأَصله مَأْخُوذ من مُلُوك الْعَجم، وَقد أخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس وخَالِد بن الْوَلِيد وَعبيدَة السَّلمَانِي وَمُحَمّد بن سِيرِين وَعَطَاء بن يسَار وَالزهْرِيّ جَوَاز ذَلِك مُطلقًا، وَإِذا ثَبت كَونه مَكْرُوها أَو خلاف الأولى فاستحب فِي صفة الْجُلُوس للْأَكْل أَن يكون جانبا على رُكْبَتَيْهِ وَظُهُور قَدَمَيْهِ أَو ينصب الرجل الْيُمْنَى وَيجْلس على الْيُسْرَى.

٥٣٩٩ - حدَّثنا عُثْمَانُ بنُ أبِي شَيْبَةَ أخْبرَنا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُور عَنْ عَلِيِّ بنِ الأقْمَرِ عَنْ أبِي جُحَيْفَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لِرَجُلٍ عِنْدَهُ: لَا آكُلُ وَأنا مُتَكىءٌ.

هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث أبي جُحَيْفَة أخرجه عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة عَن جرير بن عبد الحميد عَن مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر الْكُوفِي عَن عَليّ بن الْأَقْمَر. الخ وَالْفرق بَين قَوْله: (لَا آكل وَأَنا متكىء) وَبَين قَوْله فِي الحَدِيث الْمَاضِي: لَا آكل مُتكئا أَن اسْم الْفَاعِل يدل على الْحَدث، وَالْجُمْلَة الإسمية تدل على الثُّبُوت. فَالثَّانِي أبلغ من الأول فِي الْإِثْبَات وَأما فِي النَّفْي فبالعكس فَالْأول أبلغ، فَإِن قلت: روى أَبُو دَاوُد من حَدِيث ثَابت الْبنانِيّ عَن شُعَيْب بن عبد الله بن عَمْرو عَن أَبِيه. قَالَ: مَا رئي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْكُل مُتكئا قطّ، وروى النَّسَائِيّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يحدث أَن الله عز وَجل أرسل إِلَى نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ملكا من الْمَلَائِكَة مَعَ جِبْرِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَقَالَ: إِن الله مخيرك بَين أَن تكون عبدا نَبيا وَبَين أَن تكون ملكا، فَقَالَ: لَا بل أكون نَبيا عبدا، فَمَا أكل بعد تِلْكَ الْكَلِمَة طَعَاما مُتكئا. وَفِي (علل عبد الرَّحْمَن) من حَدِيث عبد الله بن السَّائِب بن خباب عَن أَبِيه عَن جده. رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْكُل قديدا مُتكئا.

قلت: أما حَدِيث عبد الله بن عَمْرو فَإِنَّهُ مَحْمُول أَنه مَا رئي يَأْكُل مُتكئا بعد قَضِيَّة الْملك. وَأما حَدِيث السَّائِب عَن أَبِيه عَن جده فقد قَالَ عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه: إِن هَذَا حَدِيث بَاطِل. فَإِن قلت: كَيفَ روى ابْن عَبَّاس أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أكل بعد تِلْكَ الْكَلِمَة طَعَاما مُتكئا، وَقد روى ابْن أبي شيبَة من حَدِيث يزِيد بن زِيَاد قَالَ أَخْبرنِي من رأى ابْن عَبَّاس يَأْكُل مُتكئا؟ قلت: الَّذِي رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة ضَعِيف، وَلَو صَحَّ لكَانَتْ الْعبْرَة لما روى لَا لما رأى عِنْد الْبَعْض، وَمذهب جمَاعَة أَن الرَّاوِي إِذا خَالف رِوَايَته دلّ عِنْده على نسخ مَا رَوَاهُ.

١٤ - (بَابُ: {الشِّواءِ} )

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان جَوَاز أكل الشواء بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة من شويت اللَّحْم شيا وَالِاسْم الشواء، والقطعة مِنْهُ شواة.

وَقَوْلِ الله تَعَالَى: {فَجَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} (هود: ٦٩) أيْ مَشْوِيٍّ

هَذَا فِي إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَهُوَ الجائي بعجل حنيذ. وقصته أَن قوم لوط، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، لما أفسدوا وطغوا وبغوا دَعَا لوط ربه بِأَن ينصره عَلَيْهِم، فَأرْسل أَرْبَعَة من الْمَلَائِكَة جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وإسرافيل ودردائيل لإهلاكهم وَبشَارَة إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، بِالْوَلَدِ فَأَقْبَلُوا مشَاة فِي صُورَة رجال مرد حسان حَتَّى نزلُوا على إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَكَانَ الضَّيْف قد حبس عَنهُ خمس عشرَة لَيْلَة حَتَّى شقّ ذَلِك عَلَيْهِ، وَكَانَ لَا يَأْكُل إلَاّ مَعَ الضَّيْف مهما أمكنه، فَلَمَّا رَآهُمْ سربهم، وَقَالَ: لَا يخْدم هَؤُلَاءِ إلَاّ أَنا فَخرج إِلَى أَهله فجَاء بعجل حنيذ، وَهُوَ المشوي بِالْحِجَارَةِ فعيل بِمَعْنى مفعول من حنذت اللَّحْم أحنذه حنذا إِذا شويته بِالْحِجَارَةِ المسخنة. وَاللَّحم حنيذ ومحنوذ. قَوْله: (أَي مشوي) ، كلمة أَي: لم تثبت إلَاّ فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ، وَفِي رِوَايَة السَّرخسِيّ: حنيذ مشوي، وَلَيْسَ فِيهِ كلمة أَي.

٥٤٠٠ - حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله حدَّثنا هِشامُ بنُ يُوسُفَ أخْبرنا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أبِي

<<  <  ج: ص:  >  >>