عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَوْله: (الأسقية) جمع سقاء بِكَسْر السِّين وَهُوَ ظرف المَاء. قَوْله: (خمروا) أَي: غطوا من التخمير.
٢٣ - (بَاب اخْتِناثِ الأسْقِيَةِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم اختناث الأسقية الاختناث من اختنث السقاء إِذا ثنيته إِلَى خَارج فَشَرِبت مِنْهُ، وَأَصله التكسر والانطواء، وَمِنْه سمي الرجل المتشبه بِالنسَاء فِي أَفعاله مخنثاً، والأسقية جمع سقاء وَهُوَ ظرف مَاء.
٥٦٢٥ - حدّثنا آدَمُ حَدثنَا ابنُ أبي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عنْ عُبَيْدِ الله بنِ عَبْدِ الله بنِ عُتْبَةَ عنْ أبي سَعيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِي الله عنهُ قَالَ: نَهَى رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عنِ اخْتِناثِ الأسْقِيَةِ، يَعْنِي: أنْ تُكْسَرَ أفْوَاهُها فَيَشْرَبَ مِنْها. (انْظُر الحَدِيث: ٥٦٢٥ طرفه فِي: ٥٦٢٦) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وآدَم هُوَ ابْن أبي إِيَاس، وَابْن أبي ذِئْب هُوَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الْمُغيرَة بن الْحَارِث، فَقِيه أهل الْمَدِينَة مِمَّن كَانَ يَأْمر بِالْمَعْرُوفِ، وَاسم أبي سعيد الْخُدْرِيّ سعد بن مَالك.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْأَشْرِبَة عَن عمر والناقد عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة إِلَى آخِره نَحوه، وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن مُسَدّد. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة. وَأخرجه ابْن ماجة من رِوَايَة يُونُس.
قَوْله: (يَعْنِي: أَن تكسر أفواهها) المُرَاد من كسرهَا ثنيها لَا كسرهَا حَقِيقَة وَلَا إبانتها، ولأفواه جمع فَم على سَبِيل الرَّد إِلَى الأَصْل لِأَن أصل فَم فوه حذفت مِنْهُ الْهَاء لاستثقالها عِنْد الضَّمِير لَو قيل: فوهه، فَلَمَّا حذفت عوضت عَنْهَا الْمِيم. وَقَالَ الْخطابِيّ: أَحسب أَن قَوْله: يَعْنِي: أَن تكسر أفواهها عَن الزُّهْرِيّ فَيكون هَذَا التَّفْسِير مدرجاً، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَن أَحْمد رَوَاهُ عَن أبي النَّضر عَن ابْن أبي ذِئْب بِحَذْف لفظ: يَعْنِي وَقَالَ الْمُهلب: معنى هَذَا النَّهْي وَالله أعلم على وَجه الْأَدَب لجَوَاز أَن يكون فِي أفواهها حَيَّة أَو بعض الْهَوَام لَا يدريها الشَّارِب فَيدْخل فِي جَوْفه. وروى ابْن ماجة وَالْحَاكِم فِي (مُسْتَدْركه) من رِوَايَة زَمعَة بن صَالح عَن سَلمَة بن وهرام قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن اختناث الأسقية وَأَن رجلا بَعْدَمَا نهى رَسُول الله قَامَ من اللَّيْل إِلَى السقاء فاختنثه فَخرجت مِنْهُ حَيَّة.
٥٦٢٦ - حدّثنامُحَمَّدُ بنُ مُقاتِلٍ أخْبَرنا عبْدُ الله أخْبرنا يُونُسُ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حدّثني عُبَيْدُ الله بنُ عبْدِ الله أنَّهُ سمِعَ أَبَا سَعيدٍ الخُدْرِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَنْهَى عَنِ اخْتِنَاثِ الأسْقِيَةِ. قَالَ عبْدُ الله: قَالَ مَعْمَرٌ، أوْ غَيْرُهُ: هُوَ الشُّرْبُ مِنْ أفْوَاهِها. (انْظُر الحَدِيث: ٥٦٢٥) .
هَذَا طَرِيق آخر من حَدِيث أبي سعيد أخرجه عَن مُحَمَّد بن مقَاتل الْمروزِي عَن عبد الله بن الْمُبَارك الْمروزِي عَن يُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ، وَعَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة أَنه سمع أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ، وَهنا صرح عبيد الله بِالسَّمَاعِ عَن أبي سعيد، بِخِلَاف الطَّرِيق الأول، فَإِنَّهُ بالعنعنة وَكَذَلِكَ صرح أَبُو سعيد هُنَا بِالسَّمَاعِ من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِخِلَاف الطَّرِيق الأول.
قَوْله: (قَالَ عبد الله) هُوَ ابْن الْمُبَارك وَقَالَ معمر بن رَاشد أَو غَيره أَي: غير معمر: (هُوَ الشّرْب) يَعْنِي اختناث الأسقية هُوَ الشّرْب من أَفْوَاه الأسقية، وَشك عبد الله فِي هَذَا التَّفْسِير، هَل قَالَه معمر أَو غَيره؟ وَأخرجه مُسلم من غير تردد: حَدثنِي حَرْمَلَة بن يحيى أخبرنَا ابْن وهب عَن يُونُس عَن ابْن شهَاب عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن اختناث الأسقية أَن يشرب من أفواهها، فَإِن قلت: قَالَ ابْن حزم: فَإِن قيل: إِنَّه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شرب من فَم قربَة؟ قُلْنَا: لَا حجَّة فِي شَيْء مِنْهُ، لِأَن أَحدهمَا من طَرِيق الْحَارِث بن أبي أُسَامَة وَقد ترك، وَفِيه الْبَراء ابْن بنت أنس وَهُوَ مَجْهُول، وَآخر من طَرِيق رجل لم يسم قلت: أحد الْحَدِيثين اللَّذين ذكرهمَا رَوَاهُ أَحْمد فِي (مُسْنده) وَالتِّرْمِذِيّ فِي الشَّمَائِل من رِوَايَة عبد الْكَرِيم الْجَزرِي عَن الْبَراء ابْن بنت أنس بن مَالك عَن أنس بن مَالك: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل وقربة معلقَة فَشرب من فَم الْقرْبَة ... الحَدِيث، والبراء هَذَا ذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات، وَبَاقِي رُوَاته مُحْتَج بهم، وتابع الْبَراء