بَين عَاشُورَاء ورمضان، وَإِن كَانَ أَحدهمَا وَاجِبا وَالْآخر مَنْدُوبًا لاشْتِرَاكهمَا فِي حُصُول الثَّوَاب، لِأَن معنى: (يتحَرَّى) أَي: يقْصد صَوْمه لتَحْصِيل ثَوَابه، وَالرَّغْبَة فِيهِ. قلت: فِيهِ نظر لَا يخفى، لِأَن الِاشْتِرَاك فِي الثَّوَاب غير مَقْصُور عَلَيْهِمَا. فَافْهَم.
٧٠٠٢ - حدَّثنا المَكِّيُّ بنُ إبْراهِيمَ قَالَ حدَّثنا يَزِيدُ عنْ سَلَمَةَ بنِ الأكْوَعِ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ أمرَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَجُلاٍ مِنْ أسْلَمَ أنْ أذِّنْ فِي النَّاسِ أنَّ منْ كانَ أكَلَ فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ ومَنْ لَمْ يَكُنْ أكَلَ فَلْيَصُمْ فإنَّ الْيَوْمَ يَوْمَ عاشُورَاءَ. (انْظُر الحَدِيث ٤٢٩١ وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة مثل مُطَابقَة الحَدِيث السَّابِق، وكل مِنْهُمَا فِي التَّرْغِيب فِي صِيَام عَاشُورَاء، وَقد مضى الحَدِيث فِي أثْنَاء الصَّوْم فِي: بَاب إِذا نوى بِالنَّهَارِ صوما. وَقد بسطنا الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ، وَيزِيد هُوَ ابْن أبي عبيد، وَهُوَ السَّادِس من ثلاثيات البُخَارِيّ، وَهُنَاكَ أَيْضا أخرجه عَن ثَلَاثَة أنفس عَن أبي عَاصِم عَن يزِيد عَن سَلمَة. قَوْله: (من كَانَ أكل فليصم) ، أَي: فليمسك، لِأَن الصَّوْم الْحَقِيقِيّ هُوَ الْإِمْسَاك من أول النَّهَار إِلَى آخِره، وَالله أعلم.
١٣ - (كِتَابُ التَّرَاوِيحِ)
أَي: هَذَا كتاب فِي باين صَلَاة التَّرَاوِيح، كَذَا وَقع هَذَا فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي وَحده، وَفِي رِوَايَة غَيره لم يُوجد هَذَا، والتراويح جمع ترويحة، وَيجمع أَيْضا على ترويحات، والترويحة فِي الأَصْل اسْم للجلسة، وَسميت بالترويحة لاستراحة النَّاس بعد أَربع رَكْعَات بالجلسة، ثمَّ سميت كل أَربع رَكْعَات ترويحة مجَازًا لما فِي آخرهَا من الترويحة، وَيُقَال: الترويحة اسْم لكل أَربع رَكْعَات، وَأَنَّهَا فِي الأَصْل إِيصَال الرَّاحَة، وَهِي الجلسة. وَفِي (الْمغرب) : روحت بِالنَّاسِ، أَي: صليت بهم التَّرَاوِيح.
١ - (بابُ فَضْلِ مَنْ قامَ رَمَضَانَ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان فضل من قَامَ رَمَضَان. قَالَ الْكرْمَانِي: اتَّفقُوا على أَن المُرَاد بقيامه صَلَاة التَّرَاوِيح. قلت: قَالَ النَّوَوِيّ: المُرَاد بِقِيَام رَمَضَان صَلَاة التَّرَاوِيح، وَلَكِن الِاتِّفَاق من أَيْن أَخذه؟ بل المُرَاد من قيام اللَّيْل مَا يحصل بِهِ مُطلق الْقيام، سَوَاء كَانَ قَلِيلا أَو كثيرا.
٨٠٠٢ - حدَّثنا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ حدَّثنا اللَّيْثُ عنْ عُقَيْلٍ عنِ ابنِ شِهَابٍ قَالَ أخبرنِي أبُو سَلَمَةَ أنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ سمِعْتُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقولُ لِرَمَضَانَ مَنْ قامَهُ إيمَانا واحْتِسَابا غُفِرَ لَهُ مَا تقَدَّمَ مِنْ ذَنْبهِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وَعقيل: بِضَم الْعين: ابْن خَالِد، وَابْن شهَاب مُحَمَّد بن مُسلم، وَأَبُو سَلمَة ابْن عبد الرَّحْمَن. والْحَدِيث مر فِي: بَاب تطوع قيام رَمَضَان من الْإِيمَان، فِي أَوَائِل كتاب الْإِيمَان، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن إِسْمَاعِيل عَن مَالك عَن ابْن شهَاب عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (من قَامَ رَمَضَان إِيمَانًا) الحَدِيث.
قَوْله: (عَن ابْن شهَاب) ، وَفِي رِوَايَة ابْن الْقَاسِم عِنْد النَّسَائِيّ عَن مَالك: (حَدثنِي ابْن شهَاب) . قَوْله: (أَخْبرنِي أَبُو سَلمَة) ، كَذَا رَوَاهُ عقيل، وَتَابعه يُونُس وَشُعَيْب وَابْن أبي ذِئْب وَمعمر وَغَيرهم، وَخَالفهُ مَالك، فَقَالَ: عَن ابْن شهَاب عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن، بدل أبي سَلمَة. وَقد صَحَّ الطريقان عِنْد البُخَارِيّ، فأخرجهما على الْوَلَاء. وَقد أخرجه النَّسَائِيّ من طَرِيق جوَيْرِية بن أَسمَاء عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَنْهُمَا جَمِيعًا، وَذكر الدَّارَقُطْنِيّ الِاخْتِلَاف فِيهِ، وَصحح الطَّرِيقَيْنِ، وَحكى أَن أَبَا همام رَوَاهُ عَن ابْن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ، فَخَالف الْجَمَاعَة، فَقَالَ: عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة. قَوْله: (يَقُول لرمضان) أَي: لفضل رَمَضَان أَو لأجل رَمَضَان. قَالَ بَعضهم يحْتَمل أَن تكون: اللَّام، بِمَعْنى: عَن، أَي: يَقُول عَن رَمَضَان. قلت: هَذَا يبعد، وَإِن كَانَت: اللَّام، تَأتي بِمَعْنى: عَن.