من الْجِهَات، وَقد مر هَذَا الحَدِيث غير مرّة، وَمر أَيْضا تَفْسِير بيرحاء فِي كتاب الزَّكَاة فِي: بَاب الزَّكَاة على الْأَقَارِب. قَوْله: (فَأجَاز النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك) من كَلَام البُخَارِيّ أَي: أجَاز النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَول أبي طَلْحَة. حَيْثُ قَالَ فِي الحَدِيث الْمَذْكُور: (إِن أحب أَمْوَالِي إليَّ بيرحاء وَإِنَّهَا صَدَقَة لله) ، الحَدِيث.
وَقَالَ بعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ حتَّى يُبينَ لِمَنْ والأوَّلُ أصَحُّ
أَي: قَالَ بعض الْعلمَاء: لَا يجوز مَا ذكر من الصَّدَقَة على الْوَجْه الْمَذْكُور حَتَّى يبين، أَي: حَتَّى يعين لمن هِيَ، وَأَرَادَ بذلك الإِمَام الشَّافِعِي، فَإِنَّهُ قَالَ فِي قَول: إِن الْوَقْف لَا يَصح حَتَّى يعين جِهَة مصرفه، وإلَاّ فَهُوَ باقٍ على ملكه. وَقَالَ فِي قَول آخر: يَصح الْوَقْف، وَإِن لم يعين مصرفه، وَهُوَ قَول مَالك وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد، رَحِمهم الله. قيل: إِن المُرَاد بقوله: قَالَ بَعضهم الْحَنَفِيَّة، وَهُوَ غير صَحِيح، لِأَن مَذْهَب أبي حنيفَة قد ذَكرْنَاهُ الْآن، وَمذهب أبي يُوسُف وَمُحَمّد: الْجَوَاز مُطلقًا. قَوْله: (وَالْأول) ، أَي: الَّذِي ذكره أَولا، وَهُوَ الْجَوَاز هُوَ الْأَصَح.
٥١ - (بابٌ إذَا قَالَ أرْضِي أوْ بُسْتَانِي صَدَقَةٌ عنْ أُمِّي فهْوَ جائزٌ وإنْ لَمْ يُبَيِّنْ لِمَنْ ذالِكَ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ إِذا قَالَ ... إِلَى آخِره. قَوْله: (وَإِن لم يبين لمن ذَلِك) ، يُفِيد زِيَادَة فَائِدَة، لِأَنَّهُ بَين بقوله: (عَن أُمِّي) أَن الصَّدَقَة عَنْهَا جَائِزَة، وَلكنه لم يبين لمن تِلْكَ الصَّدَقَة، فَلَا يضرّهُ ذَلِك، وَقد ذكرنَا الْخلاف فِيهِ فِي الْبَاب السَّابِق.
٦٥٧٢ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ سلامٍ قَالَ أخبرنَا مخْلدُ بنُ يَزِيدَ قَالَ أخبرنَا ابنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبرنِي يَعْلاى أنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَةَ يقُولُ أنْبَأنا ابنُ عبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنَّ سعْد بنَ عُبَادَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ وهْوَ غائِبٌ عنْها فَقَالَ يَا رسولَ الله إنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَأَنا غائبٌ عَنْهَا أيَنْفَعُهَا شَيْءٌ إنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عنْها قَالَ نعمْ قَالَ فإنِّي أُشْهِدُكَ أنَّ حائِطِي المِخْرَافَ صدقَةٌ علَيْهَا.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
ذكر رِجَاله وهم سِتَّة: الأول: مُحَمَّد، كَذَا وَقع فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين بِغَيْر نِسْبَة، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر وَابْن شبويه: حَدثنَا مُحَمَّد بن سَلام، وَقَالَ الجياني: نسبه شُيُوخنَا إِلَى سَلام. الثَّانِي: مخلد، بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح اللَّام: ابْن يزِيد من الزِّيَادَة، مر فِي الْجُمُعَة. الثَّالِث: عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج. الرَّابِع: يعلى، على وزن يرضى: ابْن حَكِيم، قَالَه الْكرْمَانِي أخذا من قَول الطرقي، قيل: إِنَّه وهم فِيهِ، وَهُوَ يعلى بن مُسلم بن هُرْمُز. الْخَامِس: عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس. السَّادِس: عبد الله بن عَبَّاس.
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع، والإخبار كَذَلِك فِي موضِعين. وَفِيه: الإنباء فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: السماع فِي مَوضِع. وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين. وَفِيه: أَن شَيْخه بخاري بيكندي، وَهُوَ من أَفْرَاده وَأَن شيخ شَيْخه حراني جزري، وَأَن ابْن جريج مكي، وَأَن يعلى أَيْضا يعد فِي المكيين، وَأَصله من الْبَصْرَة وَلَيْسَ لَهُ عَن عِكْرِمَة فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الْموضع، وَأَن عِكْرِمَة مدنِي.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْوَصَايَا عَن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى عَن هِشَام.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (أَن سعد بن عبَادَة) هُوَ الْأنْصَارِيّ الخزرجي سيد الْخَزْرَج. قَوْله: (أمه) هِيَ: عمْرَة بنت مَسْعُود، وَقيل: سعد بن قيس بن عمر، وأنصارية خزرجية، وَذكر ابْن سعد أَنَّهَا أسلمت وبايعت وَمَاتَتْ سنة خمس، وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة دومة الجندل، وَابْنهَا سعد بن عبَادَة مَعَه قَالَ: فَلَمَّا رجعُوا جَاءَ النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصلى على قبرها، قيل: فعلى هَذَا يكون هَذَا الحَدِيث مُرْسل صَحَابِيّ، لَان ابْن عَبَّاس كَانَ حِينَئِذٍ مَعَ أَبَوَيْهِ بِمَكَّة. قَوْله: (وَهُوَ غَائِب) ، جملَة إسمية وَقعت حَالا. قَوْله: (عَنْهَا) ، أَي: عَن أمه فِي الْمَوْضِعَيْنِ. قَوْله: (أينفعها؟) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام على سَبِيل الاستخبار. قَوْله: (بِهِ) يرجع إِلَى قَوْله: بِشَيْء. قَوْله: (نعم) ، أَي: قَالَ النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ينفعها عِنْد الله. قَوْله: (إِن حائطي) ، الْحَائِط الْبُسْتَان من النّخل إِذا كَانَ عَلَيْهِ حَائِط أَي: جِدَار، وَيجمع على: حَوَائِط. قَوْله: (المخراف) ، بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفِي آخِره فَاء، وَهُوَ اسْم للحائط، فَلذَلِك انتصب على أَنه عطف بَيَان، وَوَقع فِي