وَهِي رِوَايَة الْبِنْت عَن الْأُم. وَفِيه: رِوَايَة عُرْوَة عَن أم سَلمَة، كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ عَن عُرْوَة عَن زَيْنَب بنت أبي سَلمَة عَن أم سَلمَة، وَزَيْنَب زَائِدَة فِي هَذَا الطَّرِيق.
ذكر مَا قيل فِي هَذَا الحَدِيث: وَهُوَ أَن البُخَارِيّ قد تجوز فِيهِ حَيْثُ عطف الطَّرِيق الثَّانِي على الطَّرِيق الأول، وَالْحَال أَن اللَّفْظَيْنِ مُخْتَلِفَانِ، فَإِنَّهُ أخرج هَذَا الحَدِيث بِالطَّرِيقِ الأول بِعَين هَذَا الْإِسْنَاد فِي بَاب إِدْخَال الْبَعِير فِي الْمَسْجِد لِلْعِلَّةِ عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك إِلَى آخِره نَحوه، وَكَذَلِكَ أخرجه فِي: بَاب طواف النِّسَاء بِالرِّجَالِ، عَن قريب عَن إِسْمَاعِيل عَن مَالك إِلَى آخِره، وَقد قُلْنَا: إِن زَيْنَب فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ زَائِدَة، لِأَن أَبَا عَليّ بن السكن أخرجه: عَن عَليّ بن عبد الله بن مُبشر عَن مُحَمَّد بن حَرْب شيخ البُخَارِيّ، وَلَيْسَ فِيهِ ذكر زَيْنَب. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي (كتاب التتبع) : فِي طَرِيق يحيى بن أبي زَكَرِيَّا الْمَذْكُور هَذَا مُنْقَطع، فقد رَوَاهُ حَفْص بن غياث عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن زَيْنَب بنت أبي سَلمَة عَن أمهَا أم سَلمَة وَلم يسمعهُ عُرْوَة من أم سَلمَة، وَقَالَ الغساني: هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو عَليّ بن السكن عَن الْفربرِي مُرْسلا، لم يذكر بَين عُرْوَة وَأم سَلمَة زَيْنَب، وَكَذَا هُوَ فِي نُسْخَة عَبدُوس الطليطلي عَن أبي زيد الْمروزِي، وَوَقع فِي نُسْخَة الْأصيلِيّ عُرْوَة عَن زَيْنَب عَنْهَا مُتَّصِلا، وَرِوَايَة ابْن السكن الْمُرْسلَة أصح فِي هَذَا الْإِسْنَاد، وَهُوَ الْمَحْفُوظ. قيل: سَماع عُرْوَة عَن أم سَلمَة مُمكن، لِأَن مولده سنة سِتّ وَعشْرين، وَتوفيت أم سَلمَة قَرِيبا من السِّتين، وَهُوَ قطين بَلَدهَا فَمَا الْمَانِع من أَن يكون سَمعه أَولا من زَيْنَب عَنْهَا، ثمَّ سَمعه مِنْهَا؟ وَقَالَ أَبُو عَليّ الجياني: وَوَقع لأبي الْحسن الْقَابِسِيّ فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث تَصْحِيف فِي نسب يحيى بن أبي زَكَرِيَّا، قَالَ العشاني، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وبالشين الْمُعْجَمَة المخففة. وَقَالَ ابْن التِّين: يَعْنِي نِسْبَة إِلَى بني عشانة، وَقيل: هُوَ بِالْهَاءِ بِلَا نون نِسْبَة إِلَى بني عشاة. وَقيل: هُوَ العثماني، وكل ذَلِك تَصْحِيف، وَالصَّوَاب: الغساني، بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْديد السِّين الْمُهْملَة، نِسْبَة إِلَى بني غَسَّان.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: قَالَ ابْن الْمُنْذر: اخْتلفُوا فِيمَن نسي رَكْعَتي الطّواف حَتَّى خرج من الْحرم أَو رَجَعَ إِلَى بِلَاده. فَقَالَ عَطاء وَالْحسن: يركعهما حَيْثُ مَا ذكر من حل أَو غَيره، وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ، وَهُوَ مُوَافق لحَدِيث أم سَلمَة هَذَا، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا أَنَّهَا صلتهما فِي الْحرم أَو فِي الْحل. وَقَالَ الثَّوْريّ: يركعهما حَيْثُ شَاءَ مَا لم يخرج من الْحرم. وَقَالَ مَالك: إِن لم يركعهما حَتَّى تبَاعد وَرجع إِلَى بِلَاده فَعَلَيهِ دم، وَفِي (الْمُدَوَّنَة) : من طَاف فِي غير أبان صَلَاة إخر الرَّكْعَتَيْنِ، وَإِن خرج إِلَى الْحل ركعهما فِيهِ وتجزيانه مَا لم ينْتَقض وضوؤه، وَإِن انْتقض قبل أَن يركعهما وَكَانَ طَوَافه ذَلِك وَاجِبا فابتدأ بِالطّوافِ بِالْبَيْتِ، وَركع لِأَن الرَّكْعَتَيْنِ من الطّواف توصلا بِهِ إِلَى أَن يتباعد، فليركعهما وَيهْدِي وَلَا يرجع، وَقَالَ ابْن الْمُنْذر: لَيْسَ ذَلِك أَكثر من الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة، وَلَيْسَ على من تَركهَا إلَاّ قَضَاؤُهَا حَيْثُ مَا ذكرهَا. وَقَالَ أَصْحَابنَا: وَإِذا فرغ من الطّواف يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فِي مقَام إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَفِي (السِّرَاجِيَّة) ، وَهُوَ الْأَفْضَل: وَإِن لم يقدر هُنَاكَ يُصَلِّي حَيْثُ تيَسّر لَهُ من الْمَسْجِد، وَفِي (الْخَانِية) : وَإِن صلى فِي غير الْمَسْجِد جَازَ، وَهَاتَانِ الركعتان واجبتان عندنَا. وَقَالَ الشَّافِعِي: سنة، وَلنَا أنهصلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما انْتهى إِلَى مقَام إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ السَّلَام، قَرَأَ قَوْله تَعَالَى: {وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مصلى} (الْبَقَرَة: ٥٢١) . فصلى رَكْعَتَيْنِ فَقَرَأَ فيهمَا فَاتِحَة الْكتاب، وَقل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ، وَقل هُوَ الله أحد. ثمَّ عَاد إِلَى الرُّكْن فاستلمه ثمَّ خرج إِلَى الصَّفَا. رَوَاهُ مُسلم وَأحمد، فنبه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن صلَاته كَانَت امتثالاً لأمر الله تَعَالَى، وَالْأَمر للْوُجُوب، وَبِه قَالَ الشَّافِعِي فِي قَول، وَأَصَح الْقَوْلَيْنِ عَنهُ: أَنَّهُمَا سنة وليستا بواجبتين. وَقَالَ شَيخنَا زين الدّين: وَفِي الْمَسْأَلَة قَول ثَالِث: أَنَّهُمَا واجبتان فِي طواف الْفَرْض، سنتَانِ فِي طواف التَّطَوُّع، وَقَالَ الرَّافِعِيّ: إِن فِي طرق الْأَئِمَّة مَا يَقْتَضِي أَنَّهَا ركن أَو شَرط فِي الطّواف، وَهَذَا قَول رَابِع.
٢٧ - (بابُ منْ صَلَّى رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ خَلْفَ المَقَامِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي الطَّائِف الَّذِي صلى رَكْعَتي الطّواف خلف الْمقَام، وَكلمَة: من، هَذِه مَوْصُولَة وَلَيْسَت بشرطية، فَحَدِيث الْبَاب يدل عَلَيْهِ.
٧٢٦١ - حدَّثنا آدَمُ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ قَالَ حَدثنَا عمرُو بنُ دِينارٍ قَالَ سَمِعْتُ ابنَ عُمَرَ رَضِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute