مُدًى قَالَ: أرِنْ مَا نَهَرَ، أوْ أنْهَرَ الدَّمَ وَاذْكُرِ اسْمَ الله فَكُلْ غَيْرَ السِّنِّ وَالظُّفْرِ، فَإنَّ السِنَّ عَظْمٌ وَالظُّفْرَ مُدًى الحَبَشَةِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فند بعير من الْإِبِل) وَابْن سَلام هُوَ مُحَمَّد بن سَلام، وَفِي بعض النّسخ صرح بِمُحَمد بن سَلام، وَعَمْرو بِفَتْح الْعين ابْن عبيد بِضَم الْعين الطنافسي نِسْبَة إِلَى بيع الطنافس أَو اتخاذها، وَهُوَ جمع طنفسة وَهِي بِسَاط لَهُ خمل، وَسَعِيد بن مَسْرُوق وَالِد سُفْيَان الثَّوْريّ.
والْحَدِيث قد تقدم عَن قريب فِي: بَاب مَا ند من الْبَهَائِم، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: (أرن) ويروى أرن. قَوْله: (أَو أنهر الدَّم) شكّ من الرَّاوِي. قَوْله: (وَاذْكُر اسْم الله) بِصُورَة الْأَمر، ويروى: وَذكر اسْم الله، بِصِيغَة الْمَجْهُول من الْمَاضِي.
٣٨ - (بَابُ: {أكْلِ المُضْطَرِّ} )
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم أكل الْمُضْطَر الْميتَة وَفِي بعض النّسخ: بَاب إِذا أكل الْمُضْطَر. أَي: من الْميتَة.
لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتٍ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لله إنْ كُنْتُمْ إيَّاهُ تَعْبُدُونَ إنَّمَا حَرَّمَ الله عَلَيْكُمْ المَيِّتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ الله فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إثْمَ عَلَيْهِ} (الْبَقَرَة: ١٧٢، ١٧٣) وَقَالَ: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لاثِمٍ} (الْمَائِدَة: ٣٠) .
وَقَوْلِهِ: {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ الله عَلَيْهِ إنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ وَمَا لَكُمْ أنْ لَا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ الله عَلَيْهِ وَقَدْ فُصِّلَ لَكُمْ مَا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ إلَاّ مَا اضْطَرَرْتُمْ إلَيْهِ وَإنَّ كَثِيِرا لَيُضِلُّونَ بِأهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إنَّ رَبَّكَ هُوَ أعْلَمُ بِالمُعْتَدِينَ} (الْأَنْعَام: ١٤٥) .
وَقَوْلُهُ جَلَّ وَعَزَّ: {قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إلَيَّ مُحَرَّما عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إلَاّ أنْ يَكُونَ مَيْتَةٍ أوْ دَما مَسْفُوحا أوْ لَحْمَ خِنْزِيرِ فَإنَّهُ رِجْسٌ أوْ فِسْقا أُهِلَّ لِغَيْر الله بِهِ فَمَنْ اضْطرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (الْأَنْعَام: ١٤٥) وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مُهَرَاقا.
وَقَالَ: {فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ الله حَلالاً طَيِّبا وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ الله إنْ كُنْتُمْ إيَاهُ تَعْبُدُونَ} (النَّحْل: ١١٤) {إنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ المَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ الله بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإنَّ الله غَفُورٌ رَحِيمٌ} (الْبَقَرَة: ١٧٣) .
وضع هَذِه التَّرْجَمَة فِي الْمُضْطَر إِلَى أكل الْميتَة وَلم يذكر فِيهَا حَدِيثا أصلا فَقيل: لِأَنَّهُ لم يظفر فِيهِ بِشَيْء على مُقْتَضى شَرطه وَاكْتفى بسوق الْآيَات الْمَذْكُورَة فَإِن فِيهَا بَيَانا لأحوال الْمُضْطَر. وَقيل: لِأَنَّهُ بيض موضعا للْحَدِيث ليكتبه عِنْد الظفرية فَلم يُدْرِكهُ. فانضم بعض تِلْكَ الْآيَات إِلَى بعض عِنْد نسخ الْكتاب. قلت: روى الإِمَام أَحْمد حَدثنَا الْوَلِيد بن مُسلم حَدثنَا الْأَوْزَاعِيّ حَدثنَا حسان عَن عَطِيَّة عَن أبي وَاقد اللَّيْثِيّ أَنهم قَالُوا: يَا رَسُول الله! إنَّا بِأَرْض تصيبنا بهَا المخمصة فَمَتَى تحل لنا بهَا الْميتَة؟ فَقَالَ: إِذا لم تصطبحوا وَلم تغتبقوا وَلم تجتفئوا بقلاً فشأنكم بهَا. قَالَ ابْن كثير: تفرد بهَا أَحْمد من هَذَا الْوَجْه، وَهُوَ إِسْنَاد صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ، وروى ابْن جرير حَدثنِي يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم أخبرنَا ابْن علية عَن ابْن عون. قَالَ: وجدت عِنْد الْحسن كتاب سَمُرَة فَقَرَأته عَلَيْهِ وَكَانَ فِيهِ يجزىء من الِاضْطِرَار صبوح أَو غبوق وروى أَبُو دَاوُد: حَدثنَا هَارُون بن عبد الله أَنبأَنَا الْفضل بن دُكَيْن أخبرنَا وهب بن عقبَة بن وهيب العامري سَمِعت أبي يحدث عَن الفجيع العامري أَنه أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: مَا يحل لنا من الْميتَة؟ قَالَ: مَا طَعَامكُمْ؟ قُلْنَا: نغتبق ونصطبح. قَالَ أَبُو نعيم فسره لي عقبَة قدح غدْوَة وقدح عَشِيَّة، قَالَ: ذَاك وَأبي الْجُوع. وَأحل لَهُم الْميتَة على هَذَا الْحَال. قَالَ ابْن كثير: تفرد بِهِ أَبُو دَاوُد، وَكَأَنَّهُم كَانُوا يغتبقون ويصطبحون شَيْئا لَا يكفيهم، فأحل لَهُم الْميتَة لتَمام كفايتهم، وَقد يحْتَج بِهِ من يرى جَوَاز الْأكل مِنْهَا حَتَّى يبلغ حد الشِّبَع وَلَا يتَقَيَّد ذَلِك بسد الرمق. قلت.
المخمصة ضمور الْبَطن من الْجُوع. قَوْله: (إِذا لم تصطبحوا) ، يَعْنِي: بِهِ الْغَدَاة. وَلم تغتبقوا يَعْنِي بِهِ الْعشَاء. قَوْله: (وَلم