للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَا تتْرك الْبَسْمَلَة عِنْد ذكر كل أَمر ذِي بَال. وَفِي رِوَايَة النَّسَفِيّ جعل الْبَسْمَلَة بَين الْكتاب وَالْبَاب، ثمَّ قَالَ: لَا يشرب الْخمر ... وَقَالَ ابْن عَبَّاس.

(بابُ مَا يُحْذَرُ مِنَ الحُدُودِ)

أَي: بَاب فِي ذكر مَا يحذر من الْحُدُود وَلم يذكر فِيهِ حَدِيثا، وَفِي رِوَايَة غَيره: كتاب الْحُدُود وَمَا يحذر من الْحُدُود. عطفا على الْحُدُود، وَتَقْدِيره: كتاب فِي بَيَان الْحُدُود وَفِي بَيَان مَا يحذر من الْحُدُود.

١ - (بابٌ لَا يُشْرَبُ الخَمْرُ)

أَي: هَذَا بَاب فِيهِ لَا يشرب الْمُسلم الْخمر، وَهَذَا مِمَّا حذف فَاعله، قَالَه ابْن مَالك، وَيجوز أَن يكون: لَا يشرب، على صِيغَة الْمَجْهُول وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي: بَاب الزِّنَا وَشرب الْخمر. أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الزِّنَا وَشرب الْخمر.

وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ يُنْزِعُ مِنْهُ نُورُ الْإِيمَان فِي الزِّنا.

هَذَا مُطَابق للجزء الأول للتَّرْجَمَة. قَوْله: (ينْزع مِنْهُ) أَي: من الزَّانِي، وَوَصله أَبُو بكر بن أبي شيبَة فِي كتاب الْإِيمَان من طَرِيق عُثْمَان بن أبي صَفِيَّة قَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس يَدْعُو بغلمانه غُلَاما غُلَاما فَيَقُول: أَلا أزَوجك؟ مَا من عبد يَزْنِي إلَاّ نزع الله مِنْهُ نور الْإِيمَان. وَقد روى مَرْفُوعا أخرجه الطَّبَرِيّ من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من زنى نزع الله نور الْإِيمَان من قلبه، فَإِن شَاءَ أَن يردهُ إِلَيْهِ رده.

٢٧٧٦ - حدّثني يَحْيَاى بنُ بُكَيْرٍ حدّثنا اللَّيْثُ عنْ عُقَيْلٍ عنِ ابنِ شِهابٍ عنْ أبي بَكْرِ بن عَبدِ الرَّحْمانِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وهْوَ مُؤْمِنٌ، ولَا يَسْرِق حِينَ يَسْرِقُ وهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَنْتَهبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إلَيْهِ فِيها أبْصارَهُمْ وهْوَ مُؤْمِنٌ) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعقيل بِضَم الْعين ابْن خَالِد، وَأَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام المَخْزُومِي وَوَقع فِي رِوَايَة مُسلم من طَرِيق شُعَيْب بن اللَّيْث عَن أَبِيه عَن جده: حَدثنِي عقيل بن خَالِد قَالَ: قَالَ ابْن شهَاب: أَخْبرنِي أَبُو بكر ابْن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا ذكرنَا من طَرِيق عقيل عَن ابْن شهَاب. وَأخرجه ابْن مَاجَه أَيْضا فِي الْفِتَن من طَرِيق عقيل عَن الزُّهْرِيّ.

وَذكر الطَّبَرِيّ أَن من قبلنَا اخْتلفُوا فِي هَذَا الحَدِيث: فَأنْكر بَعضهم أَن يكون رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَه، قَالَ عَطاء: اخْتلف الروَاة فِي أَدَاء لفظ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك، فَقَالَ مُحَمَّد بن زيد بن وَاقد بن عبد الله بن عمر بن الْخطاب، وَسُئِلَ عَن تَفْسِير هَذَا الحَدِيث، فَقَالَ: إِنَّمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يَزْنِين مُؤمن وَلَا يَسْرِقن مُؤمن. . وَقَالَ آخَرُونَ. عَنى بذلك لَا يَزْنِي الزَّانِي وَهُوَ مستحل للزنى غير مُؤمن بِتَحْرِيم الله ذَلِك عَلَيْهِ، فَأَما إِن زنى وَهُوَ مُعْتَقد تَحْرِيمه فَهُوَ مُؤمن، روى ذَلِك عِكْرِمَة من مَوْلَاهُ، وحجتهم فِيهِ حَدِيث أبي ذَر يرفعهُ: من قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله دخل الْجنَّة وَإِن زنى وَإِن سرق، وَقَالَ آخَرُونَ: ينْزع مِنْهُ الْإِيمَان فيزول عَنهُ، فَيُقَال لَهُ: مُنَافِق وفاسق، رُوِيَ هَذَا عَن الْحسن قَالَ: النِّفَاق نفاقان: تَكْذِيب بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهَذَا لَا يغْفر، ونفاق خَطَايَا وذنوب يُرْجَى لصَاحبه، وَعَن الْأَوْزَاعِيّ: كَانُوا لَا يكفرون أحدا بذنب وَلَا يشْهدُونَ على أحد بِكفْر ويتخوفون نفاق الْأَعْمَال على أنفسهم، وَقَالَ آخَرُونَ: إِذا أَتَى الْمُؤمن كَبِيرَة نزع مِنْهُ الْإِيمَان فَإِذا فَارقهَا عَاد إِلَيْهِ الْإِيمَان. وَقَالَ بعض الْخَوَارِج والرافضة والأباضية: من فعل شَيْئا من ذَلِك فَهُوَ كَافِر خَارج عَن الْإِيمَان لأَنهم يكفرون الْمُؤمن بالذنب ويوجبون عَلَيْهِ التخليد فِي النَّار بِالْمَعَاصِي، وحجتهم ظَاهر حَدِيث أبي هُرَيْرَة هَذَا، وَقَالَ الْمُهلب: قَوْله: (ينْزع مِنْهُ نور الْإِيمَان) يَعْنِي: ينْزع نور بصيرته فِي طَاعَة الله لغَلَبَة شَهْوَته عَلَيْهِ، فَكَأَن تِلْكَ البصيرة نور طفته الشَّهْوَة من قلبه، يشْهد لهَذَا قَوْله عز وَجل {كلا بل ران على قُلُوبهم مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (المطففين: ٤١) وَقيل: هَذَا من بَاب التَّغْلِيظ أَو مَعْنَاهُ نفي الْكَمَال. وَقَالَ ابْن عَبَّاس: المُرَاد مِنْهُ الْإِنْذَار بِزَوَال الْإِيمَان إِذا اعتاده، فَمن حام حول الْحمى أَو شكّ أَن يَقع

<<  <  ج: ص:  >  >>