(الأسْوَدِ عَنْ عَبْدِ الله قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَارٍ إذْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ وَالمُلاْسِلاتِ فَإنَّهُ لَيَتْلُوها وَإنِّي لأتَلَقَّاها مِنْ فِيهِ وَإنَّ فَاهُ فَرَطْبٌ بِها إذْ وَثَبَتْ عَلَيْنَا حَيَّةٌ فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اقْتُلُوها فَابْتَدَرْناها فَذَهَبَتْ فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وُقِيَتْ شَرَّكُمْ كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّها.
قَالَ عُمَرُ حَفِظْتُهُ مِنْ أبِي فِي غَارٍ بِمَنًى.
هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث ابْن مَسْعُود فِي الْحَيَّة الْمَذْكُورَة. أخرجه عَن عمر بن حَفْص عَن أَبِيه حَفْص بن غياث عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ عَن الْأسود بن يزِيد إِلَى آخِره.
قَوْله: (إِذْ وَثَبت) ، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي: وثب، بالتذكير وَكَذَا قَالَ: اقْتُلُوهُ. قَوْله: (قَالَ عمر) ، هُوَ ابْن حَفْص شيخ البُخَارِيّ.
٨٧ - (سُورَةُ {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} (النبأ: ١)
أَي: هَذَا فِي تَفْسِير بعض سُورَة {عَم يتساءلون} وَتسَمى أَيْضا سُورَة النبأ وَهِي: مَكِّيَّة، وَهِي: سَبْعمِائة وَسَبْعُونَ حرفا وَمِائَة وَثَلَاث وَسَبْعُونَ كلمة وَأَرْبَعُونَ آيَة. قَوْله: (عَم) أَصله: عَمَّا حذفت الْألف للتَّخْفِيف وَبِه قَرَأَ الْجُمْهُور وَعَن ابْن كثير رِوَايَة بِالْهَاءِ وَهِي هَاء السكت. قَوْله: (يتساءلون) أَي: عَن أَي شَيْء يتساءل هَؤُلَاءِ الْمُشْركُونَ؟ .
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لَا يَرْجُونَ حِسابا لَا يَخَافُونَهُ
أَي: قَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّهُم كَانُوا لَا يرجون حسابا} (النبأ: ٧٢) وَفَسرهُ بقوله: (لَا يخافونه) وَرَوَاهُ عبد بن حميد عَن شَبابَة عَن وَرْقَاء عَن ابْن أبي نجيح عَنهُ وَلَفظه: لَا يبالون فيصدقون بِالْبَعْثِ والرجاء يسْتَعْمل فِي الأمل وَالْخَوْف وَلَيْسَ فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَقَالَ مُجَاهِد.
صَوَابا حَقّا فِي الدُّنْيَا وَعَمِلَ بِهِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا من أذن لَهُ الرَّحْمَن وَقَالَ صَوَابا} (النبأ: ٨٣) وَفَسرهُ بقوله: (حَقًا فِي الدُّنْيَا وَعمل بِهِ) وَقَالَ أَبُو صَالح: قَالَ صَوَابا. قَالَ: لَا إلاه إِلَّا لله فِي الدُّنْيَا.
لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطابا (النبأ: ٧٣) لَا يُكَلِّمُونَهُ إلَاّ أنْ يَأْذَنَ لَهُمْ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {رب السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا الرحمان لَا يملكُونَ مِنْهُ خطابا} وَالضَّمِير فِي: لَا يملكُونَ، لأهل السَّمَوَات وَالْأَرْض أَي: لَيْسَ فِي أَيْديهم مِمَّا يُخَاطب بِهِ الله، وَقيل: لَا يملكُونَ أَن يخاطبوه بِشَيْء من نقص الْعَذَاب أَو زِيَادَة فِي الثَّوَاب إلَاّ أَن يَأْذَن لَهُم فِي ذَلِك وَيَأْذَن لَهُم فِيهِ.
وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: ثَجاجا مُنْصَبّا
أَي: قَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {وأنزلنا من المعصرات مَاء ثجاجا} (النبأ: ٤١) وَفسّر ثجاجا. بقوله: (منصبا) وَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة وَهَذَا ثَبت للنسفي وَحده.
ألْفافا مُلْتَفَّةً
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: (وجنات ألفافا) (النبأ: ٦١) وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ: ألفافا متلفا بعضه بِبَعْض، وَاحِدهَا ألف، فِي قَول نجاة الْبَصْرَة وَلَيْسَ بِالْقَوِيّ، وَقَالَ آخَرُونَ، وَاحِدهَا لفيف، وَقيل: هُوَ جمع الْجمع، وَيُقَال: جنَّة لفاء وَنبت لف وجنان لف بِضَم اللَّام. ثمَّ يجمع اللف على الفاف، وَهَذَا أَيْضا للنسفي وَحده.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَهَاجا مُضِيئا
أَي: قَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {وَجَعَلنَا سِرَاجًا وهاجا} (النبأ: ٣١) وَفَسرهُ بقوله: (مضيئا) وَرَوَاهُ ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس.
وَقَالَ غَيْرُهُ غَساقا غَسَقَتْ عَيْنُهُ وَيَنْسقُ الْجُرحُ يَسِيلُ كأنَّ الغَساقِ وَالغَسِيقَ وَاحِدٌ أَي قَالَ غير ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: (ر يذيقون فِيهَا بردا وَلَا شرابًا إِلَّا حميماً وغساقا (النبأ: ٤٢، ٥٢) هَذَا لم يثبت إلَاّ لأبي ذَر، وَوَقع عِنْد النَّسَفِيّ والجرجاني، وَقَالَ معمر فَذكره، وَمعمر هُوَ أَبُو عُبَيْدَة. قَوْله: (غسقت عينه ويغسق الْجرْح يسيل) أَشَارَ بِهِ إِلَى