للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المظلومين، وَنقل ابْن التِّين عَن الدَّاودِيّ نَحوه، قَالَ: وَيحْتَمل أَن يكون هَذَا فِي حق الْكَافِر لِأَن الْمُؤمن لَا بُد لَهُ من نصيحة. قلت: هَذَا احْتِمَال بعيد جدا، وَالتَّعْلِيل بالكافر مَرْدُود لِأَن الْكَافِر لَا يدْخل الْجنَّة، وَلَو كَانَ ناصحاً. وَقَالَ الْكرْمَانِي: معنى حرم الله أَي: فِي أول الْحَال، أَو هُوَ للتغليظ أَو عِنْد الاستحلال.

٩ - (بابٌ مَنْ شاقَّ شَقَّ الله عَلَيْهِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان من شاق على النَّاس شقّ الله عَلَيْهِ لِأَن الْجَزَاء من جنس الْعَمَل، وَمعنى: شقّ الله عَلَيْهِ، ثقل الله عَلَيْهِ، يُقَال: شققت عَلَيْهِ أَي: أدخلت عَلَيْهِ الْمَشَقَّة، وأصل شاق شاقق لِأَنَّهُ من بَاب المفاعلة فأدغمت الْقَاف فِي الْقَاف هَكَذَا، رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة النَّسَفِيّ: من شقّ.

٧١٥٢ - حدّثنا إسْحَاقُ الواسِطِيُّ، حدّثنا خالِدٌ، عنِ الجُرَيْرِيِّ، عنْ طَرِيفٍ أبي تَمِيمَةَ قَالَ: شَهِدْتُ صَفْوانَ وجُنْدَباً وأصْحابَهُ وهْوَ يُوصِيهِمْ، فَقالُوا: هَلْ سَمِعْتُ مِنْ رسولِ الله شَيْئاً قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ الله بِهِ يَوْمَ القِيامَةِ قَالَ: ومَنْ يُشاقِقْ يَشْققِ الله عَلَيْهِ يَوْمَ القِيامَةِ فَقالُوا: أوْصِنا، فَقَالَ: إنَّ أوَّلَ مَا يُنْتِنُ مِنَ الإنْسان بَطْنَهُ، فَمَنِ اسْتطاعَ أنْ لَا يَأْكلُ إلاّ طَيِّباً فَلْيَفْعَلْ، ومَنِ اسْتطاعَ أنْ لَا يُحالَ بَيْنَهُ وبَيْنَ الجَنةِ بِمِلْءٍ كَفِّهِ مِنْ دَمٍ أهْرَاقَهُ فَلْيَفْعَلْ.

قُلْتُ لأبي عَبْدِ الله: مَنْ يَقُولُ: سَمِعْتُ رسولَ الله جُنْدُبُ قَالَ: نَعَمْ جُنْدَبٌ.

انْظُر الحَدِيث ٦٤٩٩

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَإِسْحَاق شيخ البُخَارِيّ هُوَ إِسْحَاق بن شاهين أَبُو بشر الوَاسِطِيّ روى عَنهُ فِي مَوَاضِع وَلم يزدْ على قَوْله: حَدثنَا إِسْحَاق الوَاسِطِيّ، يروي هُنَا عَن خَالِد بن عبد الله الطَّحَّان، والجريري بِضَم الْجِيم وَفتح الرَّاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف نِسْبَة إِلَى جرير بن عباد أخي الْحَارِث بن عباد بن ضبيعة بن قيس بن بكر بن وَائِل، وَمن المنسوبين إِلَيْهِ هُوَ سعيد بن إِيَاس الْجريرِي، وطريف بِالطَّاءِ الْمُهْملَة على وزن كريم ابْن مجَالد بِضَم الْمِيم وَتَخْفِيف الْجِيم الجهيمي بِالْجِيم مُصَغرًا نِسْبَة إِلَى بني جهيم بطن من تَمِيم، وَكَانَ مَوْلَاهُم وَهُوَ بَصرِي وَمَاله فِي البُخَارِيّ عَن أحد من الصَّحَابَة إلَاّ هَذَا الحَدِيث وَحَدِيث آخر مضى فِي الْأَدَب من رِوَايَته عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ. قَوْله: أبي تَمِيمَة كنية طريف.

هُوَ ابْن مُحرز بن زِيَاد التَّابِعِيّ الثِّقَة الْمَشْهُور من أهل الْبَصْرَة. قَوْله: وجندباً هُوَ ابْن عبد الله البَجلِيّ الصَّحَابِيّ الْمَشْهُور. قَوْله: وَأَصْحَابه أَي أَصْحَاب صَفْوَان. قَوْله: وَهُوَ يوصيهم أَي: صَفْوَان بن مُحرز يوصيهم، كَذَا قَالَه بَعضهم فَجعل الضَّمِير رَاجعا، إِلَى صَفْوَان. وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَهُوَ ابْن جُنْدُب كَانَ يُوصي أَصْحَابه. فَجعل الضَّمِير رَاجعا إِلَى جُنْدُب، وَالصَّوَاب مَعَ الْكرْمَانِي يدل عَلَيْهِ أَيْضا مَا ذكره الْمزي فِي الْأَطْرَاف بِلَفْظ: شهِدت صَفْوَان وَأَصْحَابه وجندباً يوصيهم. قَوْله: فَقَالُوا أَي: فَقَالَ صَفْوَان وَأَصْحَابه لجندب: هَل سَمِعت من رَسُول الله شَيْئا قَالَ: أَي جُنْدُب: سمعته، أَي سَمِعت النَّبِي يَقُول: من سمع بِالتَّشْدِيدِ أَي: من عمل للسمعة يظْهر الله للنَّاس سَرِيرَته ويملأ أسماعهم بِمَا ينطوي عَلَيْهِ من خبث السرائر جَزَاء لفعله، وَقيل: أَي يسمعهُ الله ويريه ثَوَابه من غير أَن يُعْطِيهِ، وَقيل: من أَرَادَ بِعِلْمِهِ النَّاس أسمعهُ الله النَّاس وَذَلِكَ ثَوَابه فَقَط. وَفِيه أَن الْجَزَاء من جنس الذَّنب، وَقَالَ الْخطابِيّ: من رأى بِعَمَلِهِ وَسمع النَّاس يعظموه بذلك: شهره الله يَوْم الْقِيَامَة وفضحه حَتَّى يرى النَّاس ويسمعون مَا يحل بِهِ من الفضيحة عُقُوبَة على مَا كَانَ مِنْهُ فِي الدُّنْيَا من الشُّهْرَة، وَقَالَ الدَّاودِيّ: يَعْنِي من سمع بِمُؤْمِن شَيْئا بشهرته أَقَامَهُ الله يَوْم الْقِيَامَة مقَاما يسمع بِهِ. وَقَالَ صَاحب الْعين سَمِعت بِالرجلِ إِذا أذعت عَنهُ عَيْبا، والسمعة مَا يسمع بِهِ من طَعَام أَو غَيره ليرى وَيسمع. وَقَالَ أَبُو عبيد فِي حَدِيث الْبَاب: من سمع الله بِعَمَلِهِ سمع الله بِهِ خلقه وحقره وصغره. قَوْله: وَمن يُشَاقق يشقق الله عَلَيْهِ كَذَا فِي رِوَايَة السَّرخسِيّ وَالْمُسْتَمْلِي بِصِيغَة الْمُضَارع وَفك الْقَاف فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: وَمن شاق شقّ الله عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>