عَلَيْهِ حميد الطَّوِيل، رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ فِي كتاب (شرح مَعَاني الْآثَار) من رِوَايَة شريك عَن حميد عَن أنس: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شرب من قربَة مَاء معلقَة وَهُوَ قَائِم ... والْحَدِيث الآخر الَّذِي فِيهِ رجل لم يسم.
٢٤ - (بابُ الشُّرْبِ مِنْ فَمِ السِّقاءِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا ورد من النَّهْي عَن الشّرْب من فَم السقاء، وَيجوز تَشْدِيد الْمِيم، ويروى: من فِي السقاء، قيل: لم يكتف البُخَارِيّ بالترجمة الَّتِي قبلهَا لِئَلَّا يظنّ أَن النَّهْي خَاص بِصُورَة الاختناث، وَأَشَارَ بِأَن النَّهْي يعم مَا يُمكن اختناثه وَمَا لَا يُمكن كالفخار مثلا. قلت: روى أَحَادِيث تدل على جَوَاز الشّرْب من فَم السقاء، مِنْهَا: مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أبي عمْرَة عَن جدته كَبْشَة، قَالَت: دخل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَشرب من فِي قربَة معلقَة، وَقَالَ: حَدِيث حسن صَحِيح. وَمِنْهَا: حَدِيث أنس بن مَالك رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي الشَّمَائِل، وَقد ذَكرْنَاهُ قبل هَذَا الْبَاب. وَمِنْهَا: حَدِيث عبد الله بن أنيس عَن أَبِيه قَالَ: رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَامَ إِلَى قربَة معلقَة فخنقها ثمَّ شرب من فمها، رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَأَبُو دَاوُد، وَقد صَحَّ عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فعل ذَلِك، فروى ابْن أبي شيبَة فِي (المُصَنّف) عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ لَا يرى بَأْسا بالشرب من فِي الْإِدَاوَة، وَعَن سعيد بن جُبَير قَالَ: رَأَيْت ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا يشرب من فِي الْإِدَاوَة، وَعَن نَافِع، أَن ابْن عمر كَانَ يشرب من فِي السقاء، وَعَن عباد بن مَنْصُور قَالَ: رَأَيْت سَالم بن عبد الله بن عمر يشرب من فِي الْإِدَاوَة.
فَإِن قلت: كَيفَ يجمع بَين هَذِه الْأَحَادِيث الَّتِي تدل على الْجَوَاز وَبَين حَدِيثي الْبَاب اللَّذين يدلان على الْمَنْع؟ قلت: قَالَ شَيخنَا، رَحمَه الله: لَو فرق بَين مَا يكون لعذر كَأَن تكون الْقرْبَة معلقَة وَلم يجد الْمُحْتَاج إِلَى الشّرْب إِنَاء متيسراً وَلم يتَمَكَّن من التَّنَاوُل بكفه فَلَا كَرَاهَة حينئذٍ، وعَلى هَذَا تحمل هَذِه الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة، وَبَين مَا يكون لغير عذر فَيحمل عَلَيْهِ أَحَادِيث النَّهْي. قيل: لم يرد حَدِيث من الْأَحَادِيث الَّتِي تدل على الْجَوَاز إلَاّ بِفِعْلِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَحَادِيث النَّهْي كلهَا من قَوْله فَهِيَ أرجح، وَالله أعلم.
٥٦٢٧ - حدّثنا علِيُّ بنُ عبْدِ الله حَدثنَا سُفْيانُ حَدثنَا أيُّوبُ قَالَ: قَالَ لَنا عِكْرِمَةُ: ألَا أُخْبرُكُمْ بأشْياءَ قِصارٍ حَدثنَا بِها أبُو هُرَيْرَةَ: نَهَى رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنِ الشُّرْبِ مِنْ فَمِ القِرْبَةِ أوِ السِّقاءِ وأنْ يَمْنَعَ جَارَهُ أنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ فِي دَارِهِ. (انْظُر الحَدِيث: ٢٤٦٣ وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَنَّهُ يُوضح الْإِبْهَام الَّذِي فِيهَا وَعلي بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ، وَعِكْرِمَة هُوَ مولى ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا.
والْحَدِيث أخرجه ابْن ماجة فِي الْأَشْرِبَة عَن بشر بن هِلَال الصَّواف عَن عبد الْوَارِث بن سعيد عَن أَيُّوب بِهِ.
قَوْله: (حَدثنَا) فَاعل حَدثنَا أَبُو هُرَيْرَة، وَالضَّمِير فِي: بهَا، يرجع إِلَى قَوْله: (بأَشْيَاء) وَالَّذِي أخبر بِهِ شَيْئَانِ، وَقد قَالَ: أَلا أخْبركُم بأَشْيَاء؟ وَلَعَلَّه أخبر بهَا وَلم يذكرهَا بعض الروَاة، وَيجوز أَن يكون ذَلِك عمدا أَو نِسْيَانا، وَقيل: أَو يكون أقل الْجمع عِنْده اثْنَان، وَبَين قَوْله: حَدثنَا، وَبَين قَوْله: أَلا أخْبركُم؟ شَيْء مُقَدّر تَقْدِيره: أَلا أخْبركُم بأَشْيَاء قصار؟ قُلْنَا: نعم، أَو نَحْو ذَلِك، فَقَالَ: حَدثنَا بهَا. قَوْله: (أَو السقاء) شكّ من الرَّاوِي، وَالْفرق بَين الْقرْبَة والسقاء أَن الْقرْبَة للْمَاء والسقاء للْمَاء وَاللَّبن. قَوْله: (وَأَن يمْنَع) أَي: وَنهى أَن يمْنَع الشَّخْص جَاره أَن يغرز أَي: بِأَن يغرز، وَأَن مَصْدَرِيَّة أَي: غرز خَشَبَة، بِإِضَافَة الْخشب إِلَى الضَّمِير الَّذِي يرجع إِلَى الْجَار، ويروى: خَشَبَة بِالتَّنْوِينِ. قَوْله: (فِي دَاره) ويروى: فِي جِدَاره، وَهَذَا أوضح (. وَفِي (التَّوْضِيح) : هُوَ عندنَا وَعند مَالك مَحْمُول على الِاسْتِحْبَاب، وَالْقَدِيم عندنَا وُجُوبه، وَبِه قَالَ ابْن حبيب وَغَيره.
٥٦٢٨ - حدّثنا مُسَدَّدٌ حَدثنَا إسْماعيلُ أخبرنَا أيُّوبُ عنْ عِكْرِمَةَ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نَهَى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنْ يُشْرَبَ مِنْ فِي السِّقاءِ. (انْظُر الحَدِيث: ٢٤٦٣ وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة مثل مَا ذكرنَا فِي الحَدِيث السَّابِق. وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن علية، وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ. وَقَالَ النَّوَوِيّ: اتَّفقُوا على أَن النَّهْي هُنَا للتنزيه لَا للتَّحْرِيم قيل فِي دَعْوَاهُ الِاتِّفَاق نظر، لِأَن أَبَا بكر الْأَثْرَم صَاحب أَحْمد أطلق أَن أَحَادِيث النَّهْي