الثَّانِي فِيهِ الدّلَالَة على مَشْرُوعِيَّة سَجْدَتي السَّهْو وَأَن الْمَشْرُوع سَجْدَتَانِ فَلَو اقْتصر على سَجْدَة وَاحِدَة سَاهِيا أَو عَامِدًا لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء وَذكر بَعضهم أَنه لَو تَركهَا عَامِدًا بطلت صلَاته لِأَنَّهُ تعمد الْإِتْيَان بِسَجْدَة زَائِدَة لَيست مَشْرُوعَة (قلت) كَيفَ تبطل الصَّلَاة إِذا زَاد فِيهَا شَيْئا من جِنْسهَا الثَّالِث فِيهِ أَن سَجْدَتي السَّهْو قبل السَّلَام وَقد ذكرنَا الْخلاف فِيهِ مَعَ حججه فِيمَا مضى. الرَّابِع فِيهِ أَن الْمَأْمُوم يسْجد مَعَ الإِمَام سَجْدَتي السَّهْو إِذا سَهَا الإِمَام وَإِن سَهَا الْمَأْمُوم لم يلْزمه وَلَا الإِمَام وَفِي مَبْسُوط أبي الْيُسْر وَيسْجد الْمَسْبُوق مَعَ الإِمَام للسَّهْو سَوَاء أدْركهُ فِي الْقعدَة أَو فِي وسط الصَّلَاة الْخَامِس فِيهِ أَن السَّهْو وَالنِّسْيَان جائزان على الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وأزكى السَّلَام فِيمَا طَرِيقه التشريع. السَّادِس فِيهِ أَن مَحل سَجْدَتي السَّهْو آخر الصَّلَاة.
(بَاب إِذا صلى خمْسا)
أَي هَذَا بَاب يذكر فِيهِ إِذا صلى الْمُصَلِّي الرّبَاعِيّة خمس رَكْعَات وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى التَّفْرِقَة بَين مَا إِذا كَانَ السَّهْو بِالنُّقْصَانِ وَبَين مَا إِذا كَانَ بِالزِّيَادَةِ فَفِي الْبَاب الأول كَانَ السُّجُود قبل السَّلَام وَفِي هَذَا بعد السَّلَام وَإِلَى التَّفْرِقَة ذهب مَالك كَمَا ذَكرْنَاهُ.
٢٤٩ - (حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد قَالَ حَدثنَا شُعْبَة عَن الحكم عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة عَن عبد الله رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى الظّهْر خمْسا فَقيل لَهُ أَزِيد فِي الصَّلَاة فَقَالَ وَمَا ذَاك قَالَ صليت خمْسا فَسجدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَمَا سلم) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَمضى هَذَا الحَدِيث بِعَيْنِه فِي بَاب مَا جَاءَ فِي الْقبْلَة فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُسَدّد عَن يحيى عَن شُعْبَة عَن الحكم إِلَى آخِره وَهنا عَن أبي الْوَلِيد هِشَام بن عبد الْملك عَن شُعْبَة بن الْحجَّاج عَن الحكم بِفتْحَتَيْنِ ابْن عتيبة عَن إِبْرَاهِيم بن يزِيد النَّخعِيّ عَن عَلْقَمَة بن قيس عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ والتفاوت بَينهمَا يسير سندا ومتنا فَاعْتبر ذَلِك بِالنّظرِ وَأخرجه أَيْضا فِي بَاب التَّوَجُّه نَحْو الْقبْلَة بأطول مِنْهُ عَن عُثْمَان عَن جرير عَن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة قَالَ قَالَ عبد الله صلى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى آخِره وَقد ذكرنَا هُنَاكَ أَن حَدِيث عُثْمَان أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَحَدِيث أبي الْوَلِيد أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه. فَلفظ مُسلم " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى الظّهْر خمْسا فَلَمَّا سلم قيل أَزِيد فِي الصَّلَاة قَالَ وَمَا ذَاك قَالُوا صليت خمْسا فَسجدَ سَجْدَتَيْنِ " وَفِي لفظ لَهُ " صلى بِنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خمْسا فَقُلْنَا يَا رَسُول الله أَزِيد فِي الصَّلَاة قَالَ وَمَا ذَاك قَالُوا صليت خمْسا قَالَ إِنَّمَا أَنا بشر مثلكُمْ أذكر كَمَا تذكرُونَ وأنسى كَمَا تنسون ثمَّ سجد سَجْدَتي السَّهْو " وَفِي لفظ لَهُ " صلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَزَاد أَو نقص قَالَ إِبْرَاهِيم وَالوهم مني فَقيل يَا رَسُول الله أَزِيد فِي الصَّلَاة شَيْء فَقَالَ إِنَّمَا أَنا بشر مثلكُمْ أنسى كَمَا تنسون فَإِذا نسي أحدكُم فليسجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس ثمَّ تحول رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَسجدَ سَجْدَتَيْنِ " وَفِي لفظ لَهُ " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سجد سَجْدَتي السَّهْو بعد السَّلَام وَالْكَلَام " وَفِي لفظ لَهُ " قَالَ صلينَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فإمَّا زَاد أَو نقص قَالَ إِبْرَاهِيم وأيم الله مَا جَاءَ ذَاك إِلَّا من قبلي قَالَ قُلْنَا يَا رَسُول الله أحدث فِي الصَّلَاة شَيْء قَالَ لَا قَالَ قُلْنَا لَهُ الَّذِي صنع فَقَالَ إِذا زَاد الرجل أَو نقص فليسجد سَجْدَتَيْنِ قَالَ ثمَّ سجد سَجْدَتَيْنِ " وَفِي لفظ أبي دَاوُد قَالَ " صلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الظّهْر خمْسا " وَالْبَاقِي نَحْو لفظ البُخَارِيّ وَفِي لفظ لَهُ " قَالَ عبد الله صلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ إِبْرَاهِيم فَلَا أَدْرِي أزاد أم نقص فَلَمَّا سلم قيل يَا رَسُول الله أحدث فِي الصَّلَاة شَيْء قَالَ وَمَا ذَاك قَالُوا صليت كَذَا وَكَذَا قَالَ فَثنى رجلَيْهِ واستقبل الْقبْلَة فَسجدَ بهم سَجْدَتَيْنِ ثمَّ سلم فَلَمَّا انْفَتَلَ أقبل علينا بِوَجْهِهِ فَقَالَ أَنه لَو أحدث فِي الصَّلَاة شَيْء أنبأتكم بِهِ وَلَكِن إِنَّمَا أَنا بشر أنسى كَمَا تنسون فَإِذا نسيت فذكروني وَإِذا شكّ أحدكُم فِي صلَاته فليتحر الصَّوَاب فليتم عَلَيْهِ ثمَّ ليسلم ثمَّ ليسجد سَجْدَتَيْنِ " وَفِي لفظ لَهُ " فَإِذا نسي أحدكُم فليسجد سَجْدَتَيْنِ ثمَّ تحول فَسجدَ سَجْدَتَيْنِ " وَفِي لفظ لَهُ " قَالَ عبد الله صلى بِنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خمْسا فَلَمَّا انْفَتَلَ توشوش الْقَوْم بَينهم فَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute