سُؤال عَائِشَة إِنَّمَا وَقع عَن النشر فأجابها بِلَا، وَفِي رِوَايَة عمْرَة عَن عَائِشَة: فَنزل رجل فاستخرجه، وَفِيه من الزِّيَادَة أَنه وجد فِي الطلعة تمثالاً من شمع، تِمْثَال رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَإِذا فِيهِ إبر مغروزة وَإِذا وترفيه إِحْدَى عشرَة عقدَة، فَنزل جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بالمعوذتين، فَكلما قَرَأَ آيَة انْحَلَّت عقدَة، وَكلما نزع إبرة وجد لَهَا ألماً، ثمَّ يجد بعْدهَا رَاحَة. وَقَوله: (على النَّاس) فِيهِ تَعْمِيم وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن نمير: على أمتِي، وَهُوَ أَيْضا قَابل للتعميم، لِأَن الْأمة تطلق على أمة الْإِجَابَة، وَأمة الدعْوَة، وعَلى مَا هُوَ أَعم، وَهُوَ يرد على من زعم: أَن المُرَاد بِالنَّاسِ هُنَا لبيد بن الأعصم، لِأَنَّهُ كَانَ منافقاً فَأَرَادَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن لَا يثير عَلَيْهِ شرا، لِأَنَّهُ كَانَ يُؤثر الإغضاء عَمَّن يظْهر الْإِسْلَام وَلَو صدر مِنْهُ مَا صدر، وَوَقع فِي حَدِيث عمْرَة عَن عَائِشَة: فَقيل: يَا رَسُول الله! لَو قتلته. قَالَ: مَا وَرَاءه من عَذَاب الله أَشد، وَفِي رِوَايَة عمْرَة: فَأَخذه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاعترف فَعَفَا عَنهُ، وَقد تقدم فِي كتاب الْجِزْيَة قَول ابْن شهَاب: إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يقْتله. وَأخرج ابْن سعد من مُرْسل عِكْرِمَة: أَنه لم يقْتله، وَنقل عَن الْوَاقِدِيّ أَن ذَلِك أصح من رِوَايَة من قَالَ: إِنَّه قَتله. قَوْله: (فَأمر بهَا) أَي: بالبئر (فدفنت) .
تابَعَهُ أبُو أُسامَةَ وأبُو ضَمرَةَ وابنُ أبي الزِّناد عنْ هِشامٍ.
أَي: تَابع عِيسَى يُونُس هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة فِي روايتهم عَن هِشَام بن عُرْوَة. الأول: أَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة وَيَأْتِي مَوْصُولا بعد بَابَيْنِ، وَهُوَ: بَاب السحر، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبيد بن إِسْمَاعِيل عَن هِشَام إِلَى آخِره. الثَّانِي: أَبُو ضَمرَة، بِفَتْح الضَّاد الْمُعْجَمَة وَإِسْكَان الْمِيم وبالراء: أنس بن عِيَاض اللَّيْثِيّ الْمدنِي، وَسَيَأْتِي مَوْصُولا فِي كتاب الدَّعْوَات إِن شَاءَ الله تَعَالَى. الثَّالِث: ابْن أبي الزِّنَاد، بالزاي وَالنُّون عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن ذكْوَان مفتي بَغْدَاد.
وَقَالَ اللَّيْثُ وابنُ عُيَيْنَةَ عنْ هِشامٍ: فِي مُشْطٍ ومُشاقَةٍ.
أَي: قَالَ اللَّيْث بن سعد وسُفْيَان بن عُيَيْنَة فِي روايتهما عَن هِشَام بن عُرْوَة: فِي مشط ومشاقة، بِضَم الْمِيم وَتَخْفِيف الشين الْمُعْجَمَة وبالقاف، قَالَ الْكرْمَانِي: مَا يغزل من الْكَتَّان. قلت: المشاقة مَا يتقطع من الْكَتَّان عِنْد تخليصه وتسريحه، وَقيل: المشاقة هِيَ المشاطة بِعَينهَا، وَالْقَاف بدل من الطَّاء لقرب الْمخْرج، وَفِيه نظر.
ويُقالُ: المُشاطَةُ مَا يخْرُجُ مِنَ الشَّعَرِ إِذا مُشِطَ، والمُشاقَةُ مِنْ مُشاقَةِ الكَتّانِ.
وَهِي رِوَايَة أبي ذَر قَوْله: (مشط) على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله: (والمشاقة من مشاقة الْكَتَّان) ، وَالصَّوَاب: المشاقة من الْكَتَّان، إلَاّ إِذا فتح الْمِيم من مشاقة الْكَتَّان، وَيكون معنى المشاقة من: مشق الْكَتَّان، وَهُوَ تَخْلِيص الْكَتَّان مِنْهُ.
٤٨ - (بابٌ الشِّرْكُ والسِّحْرُ مِنَ المُوبقاتِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان أَن الشّرك بِاللَّه وَالسحر من الموبقات أَي: المهلكات، وَهُوَ جمع موبقة، من أوبق يُقَال: وبق يبْق من بَاب ضرب يضْرب، ووبق يوبق من بَاب علم إِذا هلك، وأوبقه غَيره فَهُوَ موبق بِفَتْح الْبَاء، وَالْفَاعِل موبق بِكَسْرِهَا، وَهَذَا الْبَاب لم يذكرهُ ابْن بطال وَغَيره، وَحذف الحَدِيث أَيْضا لكَونه سلف فِي الْوَصَايَا.
٥٧٦٤ - حدّثني عبْدُ العَزِيزِ بنُ عبْدِ الله قَالَ: حدّثني سُلَيْمانُ عنْ ثَوْرِ بنِ زَيْدٍ عنْ أبي الغيْثِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ أَن رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اجْتَنِبُوا الْمُوبِقاتِ الشِّرْكُ بِاللَّه والسِّحْرُ. (انْظُر الحَدِيث: ٢٧٦٦ وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَعبد الْعَزِيز بن عبد الله بن يحيى الأويسي الْمدنِي، وَسليمَان هُوَ ابْن بِلَال، وثور بِلَفْظ الْحَيَوَان الْمَشْهُور ابْن زيد الدئلي الْمدنِي، وَأَبُو الْغَيْث بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالثاء الْمُثَلَّثَة سَالم مولى عبد الله بن مُطِيع، وَهَكَذَا أورد الحَدِيث مُخْتَصرا، وَقد تقدم فِي كتاب الْوَصَايَا فِي: بَاب قَول الله تَعَالَى: إِن الَّذين يَأْكُلُون أَمْوَال الْيَتَامَى ظلما} (النِّسَاء: ١٠) الْآيَة فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ بِكَمَالِهِ بِعَين هَذَا الْإِسْنَاد عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الله عَن سُلَيْمَان الخ ... قَالَ بَعضهم: النُّكْتَة فِي اقْتِصَاره على اثْنَتَيْنِ من السَّبع هُنَا الرَّمْز إِلَى تَأْكِيد أَمر السحر، وَظن بعض النَّاس أَن هَذَا الْقدر جملَة الحَدِيث، فَقَالَ: ذكر الموبقات وَهُوَ صِيغَة جمع وفسرها بِاثْنَتَيْنِ فَقَط، وَهُوَ من قبيل قَوْله تَعَالَى: {فِيهِ آيَات بَيِّنَات مقَام ابراهيم