للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْعرض بِالروحِ ... إِلَى آخِره غير مُسلم أَيْضا، لِأَن الْعرض فِي حق الشَّهِيد زِيَادَة فَرح وسرور وَفِي حق الْكَافِر زِيَادَة جزع وتحسر، وَيُؤَيّد هَذَا مَا رَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا وَالطَّبَرَانِيّ وَصَححهُ ابْن حبَان من حَدِيث أبي هُرَيْرَة فِي فتْنَة السُّؤَال فِي الْقَبْر. وَفِيه: ثمَّ يفتح لَهُ بَاب من أَبْوَاب الْجنَّة، فَيُقَال لَهُ: هَذَا مَقْعَدك وَمَا أعده الله لَك فِيهَا، فَيَزْدَاد غِبْطَة وسروراً، ثمَّ يفتح لَهُ بَاب من أَبْوَاب النَّار فَيُقَال لَهُ: هَذَا مَقْعَدك وَمَا أعده الله لَك فِيهَا لَو عصيته، فَيَزْدَاد غِبْطَة وسروراً ... الحَدِيث. وَفِيه فِي حق الْكَافِر: ثمَّ يفتح لَهُ بَاب من أَبْوَاب النَّار، وَفِيه: فَيَزْدَاد حسرة وثبوراً فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَفِيه: لَو أطعته. قَوْله: (إِمَّا النَّار وَإِمَّا الْجنَّة) ، قيل كلمة: إِمَّا، التفصيلية تمنع الْجمع بَينهمَا. وَأجِيب بِأَنَّهُ قد يكون لمنع الْخُلُو عَنْهُمَا. فَإِن قلت: هَذَا الْعرض لِلْمُؤمنِ المتقي وَالْكَافِر ظَاهر، فَكيف الْأَمر فِي الْمُؤمن المخلص؟ .

قلت: يحْتَمل أَن يعرض عَلَيْهِ مَقْعَده من الْجنَّة الَّتِي سيصير إِلَيْهَا. فَإِن قلت: مَا فَائِدَة التكرر فِي الْعرض؟ .

قلت: فَائِدَته تذكارهم بذلك. قَوْله: (حَتَّى تبْعَث إِلَيْهِ) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: حَتَّى تبْعَث عَلَيْهِ، وَفِي طَرِيق مَالك: حَتَّى يَبْعَثك الله إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة. وَقَالَ الْكرْمَانِي: مَا معنى الْغَايَة الَّتِي فِي ... حَتَّى تبْعَث؟ ثمَّ أجَاب بقول: مَعْنَاهَا أَنه يرى بعد الْبَعْث من عِنْد الله كَرَامَة ينسى عِنْدهَا هَذَا المقعد، وَقَالَ الْكرْمَانِي أَيْضا: وَفِيه إِثْبَات عَذَاب الْقَبْر وَالأَصَح أَنه للجسد وَلَا بُد من اعادة الرّوح فِيهِ لِأَن الْأَلَم لَا يكون إِلَّا للحي قلت إِثْبَات عَذَاب الْقَبْر لَا تداع وَأما قَوْله وَالأَصَح أَنه للجسد، فَغير مُسلم لِأَن الْجَسَد يفنى وتعذيب الَّذِي فني غير مُتَصَوّر، وَأما قَوْله: وَلَا بُد من إِعَادَة الرّوح فِيهِ، فَفِيهِ اخْتِلَاف: هَل تعود الرّوح فِيهِ حَقِيقَة أَو تقرب من الْبدن بِحَسب مَا يعذب الْبدن بِوَاسِطَة أَو بِغَيْر ذَلِك؟ فحقيقة ذَلِك عِنْد الله، وَقد ضرب بعض الْعلمَاء لتعذيب الرّوح مثلا بالنائم فَإِن روحه تتنعم أَو تعذب والجسد لَا يحس بِشَيْء من ذَلِك، وَاعْلَم أَن نسمَة الْمُؤمن طَائِر يعلق فِي شجر الْجنَّة ويعرض عَلَيْهِ مقعدها غدْوَة وعشيا، وأرواح الْكفَّار فِي أَجْوَاف طيور سود تَغْدُو على جَهَنَّم وَتَروح كل يَوْم مرَّتَيْنِ، فَذَلِك عرضهَا. وَقد قيل: إِن أَرْوَاحهم فِي صَخْرَة سَوْدَاء تَحت الأَرْض السَّابِعَة على شَفير جَهَنَّم فِي حواصل طيور سود.

٦١٥٦ - حدّثنا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ أخبرنَا شُعْبَةُ عَن الأعْمَشِ عَنْ مُجاهِدٍ عنْ عائِشَةَ قالَتْ: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قَوْله: (لَا تَسُبُّوا الأمْواتَ فإنَّهُمْ قَدْ أفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا) (انْظُر الحَدِيث ٣٩٣١) .

ذكر هَذَا الحَدِيث هُنَا لكَونه فِي أَمر الْأَمْوَات الَّذين ذاقوا سَكَرَات الْمَوْت وَقد مضى فِي آخر كتاب الْجَنَائِز فِي: بَاب مَا ينْهَى عَن سبّ الْأَمْوَات، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَا ك عَن آدم عَن شُعْبَة عَن الْأَعْمَش وَهُوَ سُلَيْمَان عَن مُجَاهِد ... إِلَى آخِره.

عَليّ بن الْجَعْد بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة ابْن عبيد أَبُو الْحسن الْجَوْهَرِي الْبَغْدَادِيّ روى عَنهُ البُخَارِيّ فِي كِتَابه اثْنَي عشر حَدِيثا، وَقَالَ: مَاتَ بِبَغْدَاد آخر رَجَب سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: (أفضوا) أَي: وصلوا إِلَى جَزَاء أَعْمَالهم من الْخَيْر وَالشَّر.

٣٤ - (بابُ نَفْخِ الصُّورِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان نفخ الصُّور، وَهُوَ بِضَم الصَّاد الْمُهْملَة وَسُكُون الْوَاو، وروى عَن الْحسن أَنه قَرَأَهَا بِفَتْح الْوَاو جمع صُورَة، وتأوله على أَن المُرَاد النفخ فِي الأجساد لتعاد إِلَيْهَا الْأَرْوَاح. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة فِي (الْمجَاز) يُقَال: الصُّور، يَعْنِي بِسُكُون الْوَاو جمع صُورَة كَمَا يُقَال: سور الْمَدِينَة، جمع سُورَة، وَحكى الطَّبَرِيّ عَن قوم مثله: وَزَاد: كالصوف جمع صوفة، ورد على هَذَا بِأَن الصُّور اسْم جنس لَا جمع. قَالَ: وَقَالَ الْأَزْهَرِي: إِنَّه خلاف مَا عَلَيْهِ أهل السّنة وَالْجَمَاعَة، وَيَأْتِي تَفْسِيره الْآن.

قَالَ مُجاهِدٌ: الصُّورُ كَهَيْئَةِ البُوقِ

هَذَا التَّعْلِيق وَصله الْفرْيَابِيّ من طَرِيق ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد، قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَنفخ فِي الصُّور} (الْكَهْف: ٩٩ وَغَيرهَا) قَالَ: كَهَيئَةِ البوق

<<  <  ج: ص:  >  >>