ابْن أبي هِنْد، والْحَدِيث مَحْفُوظ لَهُ لَا لعبد ربه.
قَوْله: (حَدثنِي ابْن كَعْب) هُوَ معبد بن كَعْب بن مَالك الْمَذْكُور فِي السَّنَد الأول. قَوْله: (مستريح)
إِلَى آخِره أخرجه مُخْتَصرا هَكَذَا بِدُونِ السُّؤَال وَالْجَوَاب.
٤١٥٦ - حدّثنا الحُمَيْدِيُّ حدّثنا سُفْيانُ حَدثنَا عَبْدُ الله بنُ أبي بَكْرِ بنِ عَمْرو بنِ حَزْمٍ سَمِعَ أنَسَ بنَ مالِكٍ يَقُولُ: قَالَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (يَتْبَعُ المَيِّتَ ثَلاثَةٌ فَيَرْجِعُ اثْنانِ ويَبْقى مَعَهُ واحِدٌ، يتبَعُهُ أهْلُهُ ومالُهُ وَعَمله فَيرجع أَهله وَمَاله ويَبْقى عَمَلُهُ) .
تؤخذه مطابقته للتَّرْجَمَة من قَوْله: (يتبع الْمَيِّت) . لِأَن كل ميت يقاسي سكرة الْمَوْت.
والْحميدِي هُوَ عبد الله بن الزبير بن عِيسَى مَنْسُوب إِلَى أحد أجداده حميد مصغر حمد وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة وَلَيْسَ لشيخه عبد الله بن أبي بكر عَن أنس غير هَذَا الحَدِيث.
وَأخرجه مُسلم فِي الزّهْد عَن يحيى بن يحيى وَزُهَيْر بن حَرْب. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن سُوَيْد بن نصر. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الرَّقَائِق عَن سُوَيْد بن نصر وَفِي الْجَنَائِز عَن قُتَيْبَة.
قَوْله: (يتبع الْمَيِّت) هَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين والسرخسي، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي. يتبع الْمَرْء، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْكشميهني: يتبع الْمُؤمن، وَالْأول هُوَ الْمَحْفُوظ. قيل: التّبعِيَّة فِي بَعْضهَا حَقِيقَة وَفِي بَعْضهَا مجَاز فَكيف جَازَ اسْتِعْمَال لفظ وَاحِد فيهمَا؟ وَأجِيب: بِأَنَّهُ يجوز عِنْد الشَّافِعِيَّة ذَلِك، وَأما عِنْد غَيرهم فَيحمل على عُمُوم الْمجَاز. قَوْله: (يتبعهُ أَهله)
إِلَى آخِره توضيح قَوْله ثَلَاثَة، وَهَذَا يَقع فِي الْأَغْلَب، وَرب ميت لَا يتبعهُ إلَاّ عمله فَقَط. قَوْله: (وَمَاله) مثل رَقِيقه ودوابه على مَا جرت بِهِ عَادَة الْعَرَب. قَوْله: (وَيبقى عمله) وَمعنى بَقَاء عمله أَنه إِن كَانَ صَالحا يَأْتِيهِ فِي صُورَة رجل حسن الْوَجْه حسن الثِّيَاب حسن الرَّائِحَة فَيَقُول: أبشر بِالَّذِي يَسُرك، فَيَقُول: من أَنْت؟ فَيَقُول: أَنا عَمَلك الصَّالح. وَقَالَ فِي الحَدِيث فِي حق الْكَافِر: ويأتيه رجل قَبِيح الْوَجْه فَيَقُول: أَنا عَمَلك الْخَبيث. هَذَا وَقع هَكَذَا فِي حَدِيث الْبَراء بن عَازِب أخرجه أَحْمد وَغَيره.
٥١٥٦ - حدّثنا أبُو النُّعْمانِ حَدثنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ عنْ أيُّوبَ عنْ نافِعٍ عَن ابنِ عُمَرَ رَضِي الله عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِذا ماتَ أحَدُكُمْ عُرضَ علَيْهِ مَقْعَدُهُ غُدوَةَ وعَشِيا، إمَّا النَّارُ وإمَّا الجَنَّةُ، فَيُقالُ: هاذا مَقْعَدُكَ حَتَّى تُبْعَثَ) . (انْظُر الحَدِيث ٩٧٣١ وطرفه) .
تُؤْخَذ مطابقته للتَّرْجَمَة من قَوْله: (إِذا مَاتَ) لِأَن الَّذِي يَمُوت لَا بُد لَهُ من سكرة الْمَوْت.
وَأَبُو النُّعْمَان مُحَمَّد بن الْفضل السدُوسِي الْبَصْرِيّ يُقَال لَهُ عَارِم، وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ. والْحَدِيث من أَفْرَاده.
قَوْله: (عرض عَلَيْهِ مَقْعَده) كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة السَّرخسِيّ وَالْمُسْتَمْلِي: عرض على مَقْعَده، وَالْأول هُوَ الأَصْل وَالثَّانِي من بَاب الْقلب نَحْو: عرض النَّاقة على الْحَوْض. قَوْله: (غدْوَة وعشياً) أَي: أول النَّهَار وَآخره بِالنِّسْبَةِ إِلَى أهل الدُّنْيَا، وَالَّذِي يعرض على الْمُؤمن مقعدان يراهما جَمِيعًا. وَفَائِدَة الْعرض لِلْمُؤمنِ نوع من الْفَرح وللكافر نوع من الْعَذَاب، وَالْعرض على الرّوح حَقِيقَة وعَلى مَا يتَّصل بِهِ من الْبدن الِاتِّصَال الَّذِي يُمكن بِهِ إِدْرَاك التَّنْعِيم أَو التعذيب. وَقَالَ ابْن بطال حاكياً عَن غَيره: إِن المُرَاد بِالْعرضِ هُنَا الْإِخْبَار بِأَن هَذَا مَوضِع جزائكم على أَعمالكُم عِنْد الله، لِأَن الْعرض لَا يَقع على شَيْء فانٍ، فالعرض الَّذِي يَدُوم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة هُوَ الْعرض الَّذِي على الْأَرْوَاح خَاصَّة، وَاعْترض عَلَيْهِ بِأَن حمل الْعرض على الْإِخْبَار عدُول عَن الظَّاهِر بِغَيْر مُقْتَضى لذَلِك، فَلَا يجوز الْعُدُول إلَاّ بصارفٍ يصرفهُ عَن الظَّاهِر. انْتهى.
قلت: فِيهِ نظر لِأَن الْأَبدَان تفنى وَالَّذِي يفنى حكمه حكم المعدم وَلَا يتَصَوَّر الْعرض على الْمَعْدُوم. وَقَوله: (عدُول عَن الظَّاهِر بِغَيْر مُقْتَضى، غير مُسلم لِأَن الحكم بِالظَّاهِرِ مُتَعَذر، والصارف عَن الظَّاهِر مَوْجُود وَهُوَ امْتنَاع الْعرض على الْمَعْدُوم، وَقَالَ بَعضهم: يُؤَيّد الْحمل على الظَّاهِر أَن الْخَبَر ورد على الْعُمُوم فِي الْمُؤمن وَالْكَافِر، فَلَو اخْتصَّ الْعرض بِالروحِ لم يكن للشهيد فِي ذَلِك كثير فَائِدَة لِأَن روحه منعمة جزما، كَمَا فِي الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة، وَكَذَا روح الْكَافِر معذبة فِي النَّار جزما، فَإِذا حمل على الرّوح الَّتِي لَهَا اتِّصَال بِالْبدنِ ظَهرت فَائِدَة ذَلِك فِي حق الشَّهِيد، وَفِي حق الْكَافِر أَيْضا. انْتهى.
قلت: كَون عُمُوم الْخَبَر يُؤَيّد الْحمل على الظَّاهِر غير مُسلم لما ذكرنَا. ثمَّ تَقْوِيَة ذَلِك بقوله: فَلَو اخْتصَّ