للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١ - (بابُ إثْمِ مَنْ أشْرَكَ بِالله وعُقُوبَتِهِ فِي الدُّنْيا والآخِرَةِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر إِثْم من أشرك بِاللَّه ... الخ، وَفِي رِوَايَة الْقَابِسِيّ، حذف لفظ: بَاب، وَقَوله: إِثْم من أشرك بِاللَّه بعد قَوْله: وقتالهم.

قَالَ الله تَعَالَى: {وَإِذ قَالَ لُقْمَان لِابْنِهِ وَهُوَ يعظه يابني لَا تشرك بِاللَّه إِن الشّرك لظلمٌ عَظِيم} .

ذكر الْآيَة الأولى لِأَنَّهُ لَا إِثْم أعظم من الشّرك. وأصل الظُّلم وضع الشَّيْء فِي غير مَوْضِعه، فالمشرك أصل من وضع الشَّيْء فِي غير مَوْضِعه، لِأَنَّهُ جعل لمن أخرجه من الْعَدَم إِلَى الْوُجُود مُسَاوِيا، فنسب النِّعْمَة إِلَى غير الْمُنعم بهَا. وَأما الْآيَة الثَّانِيَة: فَإِنَّهُ خُوطِبَ بهَا النَّبِي وَلَكِن المُرَاد غَيره. والإحباط الْمَذْكُور مُقَيّد بِالْمَوْتِ على الشّرك لقَوْله تَعَالَى: {يَسْأَلُونَك عَن الشَّهْر الْحَرَام قتال فِيهِ قل قتال فِيهِ كَبِير وصدعن سَبِيل الله وَكفر بِهِ وَالْمَسْجِد الْحَرَام وَإِخْرَاج أَهله مِنْهُ أكبر عِنْد الله والفتنة أكبر من الْقَتْل وَلَا يزالون يقاتلونكم حَتَّى يردوكم عَن دينكُمْ إِن اسْتَطَاعُوا وَمن يرتدد مِنْكُم عَن دينه فيمت وَهُوَ كَافِر فأولائك حبطت أَعْمَالهم فِي الدُّنْيَا والأخرة وَأُولَئِكَ أَصْحَاب النَّار هم فِيهَا خَالدُونَ} وَوَقع فِي بعض النّسخ: {وَلَئِن أشركت ليحبطن عَمَلك} بِالْوَاو فِيهِ لعطف هَذِه الْآيَة على الْآيَة الَّتِي قبلهَا تَقْدِيره: وَقَالَ الله تَعَالَى: {لَئِن أشركت}

حدّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ، حدّثنا جَرِيرٌ عنِ الأعْمَشِ، عنْ إبْرَاهِيمَ عَن عَلْقَمَةَ، عنْ عَبْدِ الله، رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هاذِهِ الآيَةُ: {الَّذين ءامنوا وَلم بلبسوا إِيمَانهم بطلم أُولَئِكَ لَهُم الْأَمْن وهم مهتدون} شَقَّ ذالِكَ عَلى أصْحابِ النبيِّ وقالُوا: أيُّنا لَمْ يَلْبِسْ إيمانَهُ بِظلْمٍ؟ فَقَالَ رَسُول الله إنَّهُ لَيْسَ بِذاكَ أَلا تَسْمَعُونَ إِلَى قَوْلِ لُقْمانَ: {وَإِذ قَالَ لُقْمَان لِابْنِهِ وَهُوَ يعظه يَبْنِي لَا تشرك بِاللَّه إِن الشّرك لظلم للعبيد} .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَجَرِير بِفَتْح الْجِيم هُوَ ابْن عبد الحميد الرَّازِيّ أَصله من الْكُوفَة. وَالْأَعْمَش هُوَ سُلَيْمَان يروي عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ عَن عَلْقَمَة بن قيس عَن عبد الله بن مَسْعُود.

والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْإِيمَان فِي: بَاب ظلم دون ظلم، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: إِنَّه لَيْسَ بِذَاكَ ويروى: بذلك، أَي: بالظلم مُطلقًا، بل المُرَاد بِهِ ظلم عَظِيم يدل عَلَيْهِ التَّنْوِين وَهُوَ الشّرك. فَإِن قلت: كَيفَ يجْتَمع الْإِيمَان والشرك؟ . قلت: كَمَا اجْتمع فِي الَّذين قَالُوا: هَؤُلَاءِ الْآلهَة شفعاؤنا عِنْد الله الْكَبِير وآمنوا بِاللَّه وأشركوا بِهِ.

٦٩١٩ - حدّثنا مُسَدَّدٌ، حدّثنا بِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ، حدّثنا الجُرَيْرِيُّ، وحدّثني قَيْسُ بنُ حَفْصٍ، حدّثنا إسْماعِيلُ بنُ إبْراهِيم، أخبرنَا سَعِيدٌ الجُرَيْرِيُّ، حدّثنا عَبْدُ الرَّحْمانِ بنُ أبي بَكْرَةَ، عنْ أبِيهِ رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أكْبَرُ الكَبائِرِ الإشْراكُ بِالله، وعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وشَهادَةُ الزُّوررِ وشَهادَةُ الزُّورِ ثَلَاثاً أوْ قَوْلُ الزُّورِ فَما زَالَ يُكَرِّرُها حتَّى قُلْنا: لَيْتَهُ سَكَتَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: الْإِشْرَاك بِاللَّه.

والجريري، بِضَم الْجِيم وَفتح الرَّاء مصغر الْجَرّ نِسْبَة إِلَى جرير بن عباد بِضَم الْعين وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة واسْمه سعيد بن إِيَاس الْبَصْرِيّ، وَإِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم هُوَ إِسْمَاعِيل بن علية، وَأَبُو بكرَة نفيع بن الْحَارِث الثَّقَفِيّ نزل الْبَصْرَة ثمَّ تحول إِلَى الْكُوفَة.

والْحَدِيث قد مضى فِي الشَّهَادَات وَفِي كتاب الْأَدَب فِي عقوق الْوَالِدين، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: أَو قَول الزُّور شكّ من الرَّاوِي. قَوْله: ليته سكت قيل: تمنوا سُكُوته وَكَلَامه لَا يمل مِنْهُ، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام؟ . وَأجِيب: بِأَنَّهُم أَرَادوا استراحته وَمَا ورد من قَوْله الْقَتْل من أكبر الْكَبَائِر وَكَذَا الزِّنَا وَنَحْوه، فوارد فِي كل مَكَان بِمُقْتَضى الْمقَام وَمَا يُنَاسب حَال الْحَاضِرين لذَلِك الْمقَام.

<<  <  ج: ص:  >  >>