للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(كتاب البُخَارِيّ) ، وَالصَّحِيح الْكسر، قلت: الْفَتْح إِنَّمَا يتَوَجَّه على رِوَايَة: يضل، بالضاد فَيكون: أَن، مَعَ الْفِعْل بعْدهَا بِتَأْوِيل الْمصدر، أَي: يجهل درايته وينسى عدد ركعاته. فَإِن قلت: ثَبت لَهُ الضراط فِي إدباره الأول وَلم يثبت فِي الثَّانِي؟ قلت: لِأَن الشدَّة فِي الأول تلْحقهُ على سَبِيل الْغَفْلَة فَيكون أعظم، أَو يكون اكْتفى بِذكرِهِ فِي الأول عَن ذكره فِي الثَّانِي.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ فِيهِ: أَن الْأَذَان لَهُ فضل عَظِيم حَتَّى يلْحق الشَّيْطَان مِنْهُ أَمر عَظِيم، كَمَا ذَكرْنَاهُ، وَكَذَلِكَ الْمُؤَذّن، لَهُ أجر عَظِيم، إِذْ كَانَ أَذَانه احتسابا لله تَعَالَى، وَفِي (صَحِيح) ، ابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان:) الْمُؤَذّن يغْفر لَهُ مد صَوته، ويستغفر لَهُ كل رطب ويابس، وَشَاهد الصَّلَاة يكْتب لَهُ خمس وَعِشْرُونَ حَسَنَة وَيكفر عَنهُ مَا بَينهمَا) وَعند أَحْمد: (ويصدقه كل رطب ويابس سَمعه) ، وَعند أبي الشَّيْخ: (كل مَدَرَة وصخرة سَمِعت صَوته) . وَفِي كتاب (الْفَضَائِل) لحميد بن زَنْجوَيْه. من حَدِيث أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا: (يكْتب الْمُؤَذّن عِنْد أَذَانه أَرْبَعُونَ وَمِائَة حَسَنَة، وَعند الأقامة عشرُون وَمِائَة حَسَنَة) ، وَفِي كتاب أبي الْقَاسِم الْجَوْزِيّ عَن أبي سعيد، وَغَيره: (ثَلَاثَة يَوْم الْقِيَامَة على كثب من مسك أسود لَا يهولهم فزع وَلَا ينالهم حِسَاب) . الحَدِيث، وَفِيه: (رجل أذن ودعا إِلَى الله عزوجل ابْتِغَاء وَجه الله تَعَالَى) وَعند السراج عَن أبي هُرَيْرَة بِسَنَد جيد: (المؤذنون أطول أعناقا، لقَولهم: لَا إِلَه إِلَّا الله،) . وَفِي لفظ: (يعْرفُونَ بطول أَعْنَاقهم يَوْم الْقِيَامَة) ، أخرجه أَيْضا ابْن حبَان فِي (صَحِيحه) . وَعند أبي الشَّيْخ (من أذن خمس صلوَات إِيمَانًا واحتسابا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه) ، وَفِي (كتاب الصَّحَابَة) لأبي مُوسَى من حَدِيث كثير بن مرّة الْحَضْرَمِيّ مَرْفُوعا: (أول من يكسى من حلل الْجنَّة بعد النَّبِيين، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَالشُّهَدَاء: بِلَال وَصَالح المؤذنين) . وَفِي كتاب (شعب الْإِيمَان) للبيهقي، من حَدِيث أبي مُعَاوِيَة: عَن أبي يعِيش السكونِي عَن عبَادَة بن نسي يرفعهُ: (من حَافظ على النداء بِالْأَذَانِ سنة أوجب الْجنَّة) ، وَعند أبي أَحْمد بن عدي، من حَدِيث عمر بن حَفْص الْعَبْدي، وَهُوَ مَتْرُوك، عَن ثَابت عَن أنس: (يَد الله تَعَالَى على رَأس الْمُؤَذّن حَتَّى يفرغ من أَذَانه، أَو أَنه ليغفر لَهُ مد صَوته واين بلغ) . زَاد أَبُو الشَّيْخ من حَدِيث النُّعْمَان: (فَإِذا فرغ قَالَ الرب تَعَالَى: صدقت عَبدِي وَشهِدت شَهَادَة الْحق فأبشر) . وَعند أبي الففرج (يحْشر المؤذنون) على نُوق من نُوق الْجنَّة يخَاف النَّاس وَلَا يخَافُونَ ويحزن النَّاس وَلَا يَحْزَنُونَ وَعند ابي الشَّيْخ من حَدِيث أبي مُوسَى: (يبْعَث يَوْم الْجُمُعَة زاهرا منيرا وَأهل الْجنَّة محفوفون بِهِ كالعروس تهدى إِلَى بَيت زَوجهَا، لَا يخالطهم إلَاّ المؤذنون المحتسبون) . وَحَدِيث جَابر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: (قيل: يَا رَسُول الله! مَن أول النَّاس دُخُولا الْجنَّة؟ قَالَ: الْأَنْبِيَاء، ثمَّ الشُّهَدَاء، ثمَّ مؤذنوا الْكَعْبَة، ثمَّ مؤذنوا بَيت الْمُقَدّس، ثمَّ مؤدنوا مَسْجِدي هَذَا، ثمَّ سَائِر المؤذنين) ، سندهما صَالح، وَحَدِيث أبي بن كَعْب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: (دخلت الْجنَّة فَرَأَيْت فِيهَا جنابذ اللُّؤْلُؤ، فَقلت: لمن هَذَا يَا جِبْرِيل؟ فَقَالَ: للمؤذنين وَالْأَئِمَّة من أمتك) ، وَقَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: هَذَا حَدِيث مُنكر، وَعند عبد الرَّزَّاق: من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن سعيد بن عمار بن سعد الْمُؤَذّن عَن صَفْوَان بن سليم عَن أنس رَفعه: (إِذا أذن فِي قَرْيَة أمنها الله تَعَالَى من عَذَابه ذَلِك الْيَوْم) . وَعند السراج بِسَنَد صَحِيح: (الإِمَام ضَامِن، والمؤذن مؤتمن أللهم أرشد الْأَئِمَّة واغفر للمؤذنين) . وَمن هَذَا أَخذ الشَّافِعِي أَن الْأَذَان أفضل من الْإِمَامَة، وَعِنْدنَا الْإِمَامَة أفضل لِأَنَّهَا وَظِيفَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

وَمِمَّا يُسْتَفَاد مِنْهُ: أَن السَّهْو الَّذِي يحصل للْمُصَلِّي فِي صلَاته من وَسْوَسَة الشَّيْطَان.

٥ - (بابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بالنِّدَاءِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان رفع الصَّوْت بالنداء، أَي: رفع الْمُؤَذّن صَوته بِالْأَذَانِ، قَالَ ابْن الْمُنِير: لم ينص على حكم رفع الصَّوْت لِأَنَّهُ من صفة الْأَذَان، وَهُوَ لم ينص فِي أصل الْأَذَان على حكم، قلت: هُوَ فِي الْحَقِيقَة صفة الْمُؤَذّن لَا صفة الْأَذَان، وَلَا يحْتَاج إِلَى نَص الحكم ظَاهرا، لِأَن حَدِيث الْبَاب يدل على أَن المُرَاد ثَوَاب رفع الْمُؤَذّن صَوته، فَيكون تَقْدِير كَلَامه: بَاب فِي بَيَان ثَوَاب رفع الْمُؤَذّن صَوته عِنْد الْأَذَان، كَمَا ترْجم النَّسَائِيّ: بَاب الثَّوَاب على رفع الصَّوْت بِالْأَذَانِ.

وَقَالَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيزِ أذانْ أذانا سمْحا وإلاِّ فاعْتَزِلْنَا

مُطَابقَة هَذَا الْأَثر للتَّرْجَمَة، مَا قَالَه الدَّاودِيّ: لَعَلَّ هَذَا الْمُؤَذّن لم يكن يحسن مد الصَّوْت إِذا رفع بِالْأَذَانِ فَعلمه، وَلَيْسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>