للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتحهَا وبالراء: ابْن عبد الرَّحْمَن المسلمي، بِضَم الْمِيم وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة وباللام. الْحَارِث من مذْحج.

٦ - (بابٌ: {يَا أيُّهَا النبيُّ حَرِّضِ المُؤْمِنينَ عَلَى القِتالِ إنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِأَتَيْنِ وَإنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا ألْفا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بأنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ} (الْأَنْفَال: ٦)

أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا النَّبِي} الْآيَة. وَلم يذكر لفظ بَاب، عِنْد أحد من الروَاة، وَسِيَاق الْآيَة إِلَى (يفقهُونَ) غير أبي ذَر، وَعِنْده: {يَا أَيهَا النَّبِي حرض الْمُؤمنِينَ على الْقِتَال} الْآيَة. قَوْله: (حرض الْمُؤمنِينَ) ، من التحريض وَهُوَ الْحَث على الشَّيْء. قَوْله: (وَإِن يكن مِنْكُم مائَة) ، أَي: صابرة محتسبة تثبت عِنْد لِقَاء الْعَسْكَر. قَوْله: (قوم لَا يفقهُونَ) أَي: إِن الْمُشْركين يُقَاتلُون على غير احتساب وَلَا طلب ثَوَاب.

٤٦٥٢ - ح دَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله حدَّثنا سُفْيَانُ عَنْ عَمْروٍ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا لمَّا نَزَلَتْ: {إنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مَائَتَيْنِ} فَكُتِبَ عَلَيْهِمْ أنْ لَا يَفِرَّ وَاحِدٌ مِنْ عَشَرَةٍ فَقَالَ سُفْيَانُ غَيْرَ مَرَّةٍ أنْ لَا يَفِرَّ عِشْرُونَ مِنْ مَائَتَيْنِ ثُمَّ نَزَلَتْ: {الآنَ خَفَّفَ الله عنْكُمْ} (الْأَنْفَال: ٦٦) الآيَةَ فَكَتَبَ أنْ لَا يَفِرَّ مِائَةٌ مِنْ مَائَتَيْنِ وَزَادَ سُفْيَانُ مَرَّةً نَزَلَتْ: {حَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَلَى القِتالِ إنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ} قَالَ سُفْيَانُ وَقَالَ ابنُ شُبْرَمَةَ وَأُرَى الأمْرَ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ المُنْكَرِ مِثْلَ هَذَا.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعلي بن عبد الله الْمَعْرُوف بِابْن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَعَمْرو هُوَ ابْن دِينَار. والْحَدِيث من أَفْرَاده.

قَوْله: (فَكتب عَلَيْهِم) أَي: فرض عَلَيْهِم. وَالْآيَة وَإِن كَانَت بِلَفْظ الْخَبَر وَلَكِن المُرَاد مِنْهُ الْأَمر فَلذَلِك دَخلهَا النّسخ لِأَنَّهُ لما شقّ ذَلِك عَلَيْهِم حط الْفَرْض إِلَى ثُبُوت الْوَاحِد للاثنين فَهُوَ على هَذَا تَخْفيف لَا نسخ. وَقَالَ القَاضِي أَبُو بكر بن الطّيب أَن الحكم إِذا نسخ بعضه أَو بعض أَوْصَافه أَو غير عدده فَجَائِز أَن يُقَال: إِنَّه نسخ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ بِالْأولِ بل هُوَ غَيره، وَقَالَ قوم: إِنَّه كَانَ يَوْم بدر، قَالَ ابْن الْعَرَبِيّ: وَهُوَ خطأ، وَقد نَص مقَاتل على أَنه كَانَ بعد بدر، وَالْآيَة معلقَة بِأَنَّهُم كَانُوا يفقهُونَ مَا يُقَاتلُون بِهِ وَهُوَ الثَّوَاب، وَالْكفَّار لَا يفقهونه. وَقيل: أَنهم كَانُوا فِي أول الْإِسْلَام قَلِيلا فَلَمَّا كَثُرُوا خفف، ثمَّ هَذَا فِي حَقنا، وَأما سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيجب عَلَيْهِ مصابرة الْعَدو الْكثير لِأَنَّهُ مَوْعُود بالنصر كَامِل الْقُوَّة. قَوْله: (وَقَالَ سُفْيَان غير مرّة) أَرَادَ بِهِ أَن سُفْيَان كَانَ يرويهِ بِالْمَعْنَى. فَتَارَة يَقُول بِاللَّفْظِ الَّذِي وَقع فِي الْقُرْآن مُحَافظَة على التِّلَاوَة وَهُوَ الْأَكْثَر، وَتارَة يرويهِ بِالْمَعْنَى، وَهُوَ: أَن لَا يفر وَاحِد من عشرَة، وَيحْتَمل أَن يكون سَمعه باللفظين وَيكون التَّأْوِيل من غَيره. قَوْله: (ثمَّ نزلت أَي) الْآيَة الَّتِي هِيَ قَوْله: {الْآن خفف الله عَنْكُم} قَوْله: (وَزَاد سُفْيَان) أَشَارَ بِهِ إِلَى أَنه حدث مرّة بِالزِّيَادَةِ وَمرَّة بِدُونِهَا. قَوْله: (وَقَالَ ابْن شبْرمَة) بِضَم الشين الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَضم الرَّاء، واسْمه عبد الله التَّابِعِيّ قَاضِي الْكُوفَة وعالمها مَاتَ سنة أَربع وَأَرْبَعين وَمِائَة، وَقَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) هَذَا التَّعْلِيق رَوَاهُ ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن يزِيد الْمقري عَن سُفْيَان. قَالَ: قَالَ ابْن شبْرمَة، فَذكره وَمَعْنَاهُ أَن لَا يفر من اثْنَيْنِ إِذا كَانَا على مُنكر وَله أَن يفر إِذا كَانَ الَّذِي على الْمُنكر أَكثر مِنْهُمَا. قيل: وهم من زعم أَنه مُعَلّق قَالَ فِي رِوَايَة ابْن أبي عمر عَن سُفْيَان عِنْد أبي نعيم فِي (الْمُسْتَخْرج) قَالَ سُفْيَان فَذَكرته لِابْنِ شبْرمَة فَذكر مثله. قَوْله: (مثل هَذَا) أَي: مثل الحكم الْمَذْكُور فِي الْجِهَاد وَوجه الْجَامِع بَينهمَا أَعْلَاهُ كلمة الْحق وإخماد كلمة الْبَاطِل.

٧ - (بابٌ الْآن: {خَفَّفَ الله عَنْكُمْ وَعَلِمَ أنَّ فِيكُمْ ضُعْفا} (الْأَنْفَال: ٦٦) الآيَةَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>