أَي هَذَا كتاب فِي بَيَان أَحْكَام الْمُحَاربين من أهل الْكفْر وَالرِّدَّة، وَقَالَ بَعضهم فِي كَون هَذِه التَّرْجَمَة فِي هَذَا الْموضع إِشْكَال وأظنها مِمَّا انْقَلب على الَّذين نسخوا كتاب الْبَارِي من المسودة، وَالَّذِي يظْهر أَن محلهَا بَين كتاب الدِّيات وَبَين اسْتِتَابَة الْمُرْتَدين، وَأطَال الكلامم فِيهِ.
قلت: هَذَا بعيد جدا لتوفر الدَّوَاعِي من ضباط هَذَا الْكتاب من حِين أَلفه البُخَارِيّ إِلَى يَوْمنَا وَلَا سِيمَا اطلَاع خلق كثير من أكَابِر الْمُحدثين وأكابر الشُّرَّاح عَلَيْهِ. والمناسبة فِي وضع هَذِه التَّرْجَمَة هُنَا مَوْجُودَة لِأَن كتاب الحدودالذي قبله مُشْتَمل على أَبْوَاب مُشْتَمِلَة على شرب الْخمر وَالسَّرِقَة وَالزِّنَا، وَهَذِه معاصٍ دَاخِلَة فِي محاربة الله وَرَسُوله. وَأَيْضًا قد ثَبت فِي بعض النّسخ فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ بعد قَوْله: من أهل الْكفْر وَالرِّدَّة، وَمن يجب عَلَيْهِ حد الزِّنَا، وقدضم حد الزِّنَا إِلَى الْمُحَاربين فَيكون دَاخِلا فِيهَا لإفضائه إِلَى الْقَتْل فِي بعض الصُّور، وَقَالَ هَذَا الْقَائِل أَيْضا: وعَلى هَذَا فَالْأولى أَن يُبدل لفظ كتاب بِبَاب وَتَكون الْأَبْوَاب كلهَا دَاخِلَة فِي كتاب الْحُدُود.
قلت: فِيهِ أَبْوَاب لَا تتَعَلَّق إلَاّ بِغَيْر مَا تتَعَلَّق بالمحاربين فحينئذٍ ذكره بِلَفْظ كتاب أولى لِأَنَّهُ يشْتَمل على أَبْوَاب.