للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يذكرهُ ظَاهرا، أما اعْتِمَادًا على الْعلم بِوُجُوبِهِ قبل ذَلِك أَو هُوَ اخْتِصَار من الرَّاوِي: كَمَا قيل، وَقد ذَكرْنَاهُ. على أَنا نقُول: إِذا جَاءَت صِيغَة الْأَمر فِي حَدِيث آخر بِشَيْء لم يذكر فِي هَذَا الحَدِيث تقدم، وَيعْمل بهَا.

الثَّامِن: فِيهِ وجوب الْإِعَادَة على من يخل بِشَيْء من الْأَركان، واستحباب الْإِعَادَة على من يخل بِشَيْء من الْوَاجِبَات للِاحْتِيَاط فِي بَاب الْعِبَادَات.

التَّاسِع: فِيهِ أَن الشُّرُوع فِي النَّافِلَة مُلْزم، لِأَن الظَّاهِر أَن صَلَاة ذَلِك الرجل كَانَت نَافِلَة.

الْعَاشِر: فِيهِ الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر.

الحاي عشر: فِيهِ حسن التَّعْلِيم بالرفق دون التَّغْلِيظ والتعنيف.

الثَّانِي عشر: فِيهِ إِيضَاح الْمَسْأَلَة وتلخيص الْمَقَاصِد.

الثَّالِث عشر: فِيهِ جُلُوس الإِمَام فِي الْمَسْجِد وجلوس أَصْحَابه مَعَه.

الرَّابِع عشر: فِيهِ التَّسْلِيم للْعَالم والانقياد لَهُ.

الْخَامِس عشر: فِيهِ الإعتراف بالتقصير، وَالتَّصْرِيح بِحكم البشرية فِي جَوَاز الْخَطَأ.

السَّادِس عشر: فِيهِ حسن خلقه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولطف معاشرته مَعَ أَصْحَابه.

السَّابِع عشر: قَالَ عِيَاض: فِيهِ حجَّة على من أجَاز الْقِرَاءَة بِالْفَارِسِيَّةِ، لكَون مَا لَيْسَ بِلِسَان الْعَرَب لَا يُسمى قُرْآنًا. قلت: هَذَا الْخلاف مَبْنِيّ على أَن الْقُرْآن اسْم للمعنى فَقَط، أَو للنظم وَالْمعْنَى جَمِيعًا، فَمن ذهب إِلَى أَنه اسْم للمعنى احْتج بقوله تَعَالَى: {وَإنَّهُ لفي زبر الْأَوَّلين} (الشُّعَرَاء: ١٩٦) . وَلم يكن الْقُرْآن فِي زبر الْأَوَّلين بِلِسَان الْعَرَب، وَقَوله: لكَون مَا لَيْسَ بِلِسَان الْعَرَب لَا يُسمى قُرْآنًا فِيهِ نظر، لِأَن التَّوْرَاة الَّذِي أنزلهُ الله تَعَالَى على مُوسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، يُطلق على أَنه قُرْآن وَهُوَ لَيْسَ بِلِسَان الْعَرَب، وَكَذَلِكَ الْإِنْجِيل وَالزَّبُور، لِأَن الْقُرْآن كَلَام الله تَعَالَى قَائِم بِذَاتِهِ لَا يتَجَزَّأ وَلَا ينْفَصل عَنهُ، غير أَنه إِذا نزل بِلِسَان الْعَرَب سمي قُرْآنًا، وَلما نزل على مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَام، سمي توراة، وَلما نزل على عِيسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، سمي إنجيلاً، وَلما نزل على دَاوُد سمي زبورا. وَاخْتِلَاف الْعبارَات باخْتلَاف الاعتبارات.

الثَّامِن عشر: فِيهِ أَن الْمُفْتِي إِذا سُئِلَ عَن شَيْء وَكَانَ هُنَاكَ شَيْء آخر يحْتَاج إِلَيْهِ السَّائِل يسْتَحبّ لَهُ أَن يذكرهُ لَهُ، وَإِن لم يسْأَله عَنهُ، وَيكون ذَلِك مِنْهُ نصيحة لَهُ وَزِيَادَة خير.

التَّاسِع عشر: فِيهِ اسْتِحْبَاب صَبر الْآمِر بِالْمَعْرُوفِ والناهي عَن الْمُنكر على من يُنكر فعله أَو يَأْمُرهُ بِفِعْلِهِ، لاحْتِمَال نِسْيَان فِيهِ أَو تعقله فيتذكره، وَلَيْسَ ذَلِك من بَاب التَّقْرِير على الْخَطَأ.

الْعشْرُونَ: السُّؤَال الْوَارِد فِيهِ وَهُوَ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَيفَ سكت عَن تَعْلِيمه أَو لَا؟ فَقَالَ التوربشتي: إِنَّمَا سكت عَن تَعْلِيمه أَولا لِأَنَّهُ لما رَجَعَ لم يستكشف الْحَال من مورد الْوَحْي، وَكَأَنَّهُ اغْترَّ بِمَا عِنْده من الْعلم فَسكت عَن تَعْلِيمه زجرا لَهُ وتأديبا وإرشادا إِلَى استكشاف مَا استبهم عَلَيْهِ، فَلَمَّا طلب كشف الْحَال من مورده أرشده إِلَيْهِ، وَقَالَ النَّوَوِيّ: إِنَّمَا لم يُعلمهُ أَولا ليَكُون أبلغ فِي تَعْرِيفه وتعريف غَيره بِصفة الصَّلَاة المجزئة، وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: يحْتَمل أَن يكون ترديده لتفخيم الْأَمر وتعظيمه عَلَيْهِ، وَرَأى أَن الْوَقْت لم يفته فَأَرَادَ إيقاظ الفطنة للمتروك، وَقَالَ ابْن دَقِيق الْعِيد: لَيْسَ التَّقْرِير بِدَلِيل على الْجَوَاز مُطلقًا، بل لَا بُد من انْتِفَاء الْمَوَانِع، وَلَا شكّ أَن فِي زِيَادَة قبُول التَّعَلُّم لما يلقى إِلَيْهِ بعد تكْرَار فعله واستجماع نَفسه وَتوجه سُؤَاله مصلحَة مَانِعَة من وجوب الْمُبَادرَة إِلَى التَّعَلُّم، لَا سِيمَا مَعَ عدم خوف الْفَوات، إِمَّا بِنَاء على ظَاهر الْحَال أَو بِوَحْي خَاص.

(بابُ القِرَاءَةِ فِي الظهرْ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الْقِرَاءَة فِي صَلَاة الظّهْر. قَالَ الْكرْمَانِي: الظَّاهِر أَن المُرَاد بهَا بَيَان قِرَاءَة غير الْفَاتِحَة قلت: الْعجب مِنْهُ كَيفَ يَقُول ذَلِك؟ وَأَيْنَ الظَّاهِر الَّذِي يدل على مَا قَالَه؟ بل مُرَاده الرَّد على من لَا يُوجب الْقِرَاءَة فِي الظّهْر، وَقد ذكرنَا أَن قوما، مِنْهُم: سُوَيْد بن غَفلَة وَالْحسن بن صَالح وَإِبْرَاهِيم بن علية وَمَالك فِي رِوَايَة قَالُوا: لَا قِرَاءَة فِي الظّهْر وَالْعصر.

٧٥٨ - ح دَّثنا أبُو النُّعْمَانِ قَالَ حدَّثنا أبُو عَوَانَةَ عنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ عَنْ جابِرِ بنَ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ سَعْدٌ كُنّتُ أُصَلِّي بِهِمْ صَلَاةَ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاتَيْ الْعَشِيِّ لَا أخْرِمُ عَنْهَا كُنْتُ أرْكُدُ فِي الأُولَيَيْنِ وأخِفُّ فِي اْلأُخْرَيَيْنِ فقالَ عُمَرُ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ذَاكَ الظَّنُّ بِكَ. (انْظُر الحَدِيث ٧٥٥ وطرفه) .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (كنت أركد فِي الْأَوليين) ، لِأَن ركوده فيهمَا كَانَ للْقِرَاءَة. وَقَوله: (صَلَاة الْعشي) هِيَ صَلَاة الظّهْر وَالْعصر وَقد مر هَذَا الحَدِيث فِي الْبَاب السَّابِق بِتَمَامِهِ، أخرجه عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن أبي عوَانَة الوضاح الْيَشْكُرِي،

<<  <  ج: ص:  >  >>