للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (سمع أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ يَقُول: الدِّينَار بالدينار وَالدِّرْهَم بالدرهم) ، كَذَا وَقع فِي هَذَا الطَّرِيق، وَفِي رِوَايَة مُسلم من طَرِيق ابْن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن أبي صَالح قَالَ: (سَمِعت أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ يَقُول: الدِّينَار بالدينار وَالدِّرْهَم بالدرهم. مثل بِمثل، من زَاد أَو أزداد فقد أربى، فَقلت: أَرَأَيْت هَذَا الَّذِي يَقُول؟ أَشَيْء سمعته من رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ أَو وجدته فِي كتاب الله تَعَالَى؟ فَقَالَ: لم أسمعهُ من رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلم أَجِدهُ فِي كتاب الله تَعَالَى، وَلَكِن حَدثنِي أُسَامَة بن زيد، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: الرِّبَا فِي النَّسِيئَة) . قَوْله: (إِن ابْن عَبَّاس لَا يَقُول) ، وَفِي رِوَايَة مُسلم: (يَقُول غير هَذَا) ، قَوْله: (قَالَ أَبُو سعيد: سَأَلته) وَفِي رِوَايَة مُسلم: (قد لقِيت ابْن عَبَّاس، فَقلت لَهُ) . قَوْله: (كل ذَلِك) ، بِالرَّفْع، أَي: لم يكن لَا السماع من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا الوجدان فِي كتاب الله تَعَالَى، وَيجوز بِالنّصب على أَنه مفعول مقدم وفاعله. قَوْله: (لَا أَقُول) ، وَالْفرق بَين الإعرابين أَن الْمَرْفُوع هُوَ السَّلب الْكُلِّي، والمنصوب لسلب الْكل، وَالْأول أبلغ وأعم وَإِن كَانَ أخص من وَجه آخر. وَفِي رِوَايَة مُسلم: (لم أسمعهُ من رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلم أَجِدهُ فِي كتاب الله تَعَالَى) . كَمَا ذَكرْنَاهُ الْآن، وَفِي رِوَايَة أُخْرَى لمُسلم، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: عَن عَطاء أَن أَبَا سعيد لَقِي ابْن عَبَّاس فَذكر نَحوه، وَفِيه: (فَقَالَ كل: لَا أَقُول: أما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْتم أعلم بِهِ، وَأما كتاب الله فَلَا أعلمهُ) . أَي: لَا أعلم هَذَا الحكم فِيهِ. وَمعنى قَوْله: أَنْتُم أعلم برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأنكم كُنْتُم بالغين كَامِلين عِنْد مُلَازمَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا كنت صَغِيرا. قَوْله: (لَا رَبًّا إلَاّ فِي النَّسِيئَة) ، وَفِي رِوَايَة مُسلم: الرِّبَا فِي النَّسِيئَة، وَفِي رِوَايَة لمُسلم عَن ابْن عَبَّاس: إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَة، وَفِي رِوَايَة عَطاء عَنهُ: ألَا إِنَّمَا الرِّبَا، وَفِي رِوَايَة طَاوُوس عَنهُ: لَا رَبًّا فِيمَا كَانَ يدا بيد، وروى الْحَاكِم من طَرِيق حبَان الْعَدوي، بِالْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف: سَأَلت أَبَا مجلز عَن الصّرْف، فَقَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس لَا يرى بِهِ بَأْسا زَمَانا من عمره، مَا كَانَ مِنْهُ عينا بِعَين يدا بيد، وَكَانَ يَقُول: إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَة، فَلَقِيَهُ أَبُو سعيد بِالشَّعِيرِ، فَذكر الْقِصَّة، والْحَدِيث، وَفِيه: التَّمْر بِالتَّمْرِ وَالْحِنْطَة بِالْحِنْطَةِ وَالشعِير بِالشَّعِيرِ وَالذَّهَب بِالذَّهَب وَالْفِضَّة بِالْفِضَّةِ يدا بيد مثلا بِمثل، فَمن زَاد فَهُوَ رَبًّا، فَقَالَ ابْن عَبَّاس: اسْتغْفر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ. فَكَانَ ينْهَى عَنهُ أَشد النَّهْي.

وَاتفقَ الْعلمَاء على صِحَة حَدِيث أُسَامَة وَاخْتلفُوا فِي الْجمع ببينه وَبَين حَدِيث أبي سعيد، فَقيل: مَنْسُوخ، وَقيل: معنى لَا رَبًّا لَا رَبًّا أغْلظ شَدِيد التَّحْرِيم المتوعد عَلَيْهِ بالعقاب الشَّديد، كَمَا تَقول الْعَرَب: لَا عَالم فِي الْبَلَد إلَاّ زيد، مَعَ أَن فِيهَا عُلَمَاء غَيره، وَإِنَّمَا الْقَصْد نفي الْأَكْمَل، لَا نفي الأَصْل، وَأَيْضًا فنفي تَحْرِيم رَبًّا الْفضل من حَدِيث أُسَامَة إِنَّمَا هُوَ بِالْمَفْهُومِ، فَيقدم عَلَيْهِ حَدِيث أبي سعيد، لِأَن دلَالَته بالمنطوق، وَيحمل حَدِيث أُسَامَة على الرِّبَا الْأَكْبَر. وَقَالَ الطَّبَرِيّ: معنى حَدِيث أُسَامَة: لَا رَبًّا إلَاّ فِي النَّسِيئَة، إِذا اخْتلف أَنْوَاع الْمَبِيع، وَالْفضل فِيهِ يدا بيد رَبًّا، جمعا بَينه وَبَين حَدِيث أبي سعيد. وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: مَا التلفيق بَين حَدِيث أُسَامَة وَحَدِيث أبي سعيد؟ قلت: الْحصْر إِنَّمَا يخْتَلف بِحَسب اخْتِلَاف اعْتِقَاد السَّامع، فَلَعَلَّهُ كَانَ يعْتَقد الرِّبَا فِي غير الْجِنْس حَالا، فَقيل: ردا لاعْتِقَاده لَا رَبًّا إلَاّ فِي النَّسِيئَة، أَي: فِيهِ مُطلقًا، وَقد أَوله الْعلمَاء بِأَنَّهُ مَحْمُول على غير الربويات، وَهُوَ كَبيع الدّين بِالدّينِ مُؤَجّلا، بِأَن يكون لَهُ ثوب مَوْصُوف فيبيعه بِعَبْد مَوْصُوف مُؤَجّلا، وَإِن بَاعه بِهِ حَالا يجوز أَو مَحْمُول على الْأَجْنَاس الْمُخْتَلفَة فَإِنَّهُ لَا رَبًّا فِيهَا من حَيْثُ التَّفَاضُل، بل يجوز مُتَفَاضلا يدا بيد، وَهُوَ مُجمل. وَحَدِيث أبي سعيد مُبين، فَوَجَبَ الْعَمَل بالمبين وتنزيل الْمُجْمل عَلَيْهِ، أَو: هُوَ مَنْسُوخ، وَقد أجمع الْمُسلمُونَ على ترك الْعَمَل بِظَاهِرِهِ.

٠٨ - (بابُ بَيْع الوَرَقِ بالذَّهَبِ نَسيئَةً)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم بيع الْوَرق أَي: الْفضة بِالذَّهَب حَال كَونه نَسِيئَة، أَي: مُؤَجّلا.

١٨١٢ - حدَّثنا حَفْصُ بنُ عُمَرَ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ قَالَ أخبرنِي حَبِيبُ بنُ أبي ثابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ أبَا المِنْهَالِ قَالَ سألْتُ البَرَاءَ بنَ عَازِبٍ وزَيْدَ بنَ أرْقَمَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُمْ عنِ الصَّرْف فَكُلُّ واحدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>