طُوبَى فُعْلَى مِنْ كُلِّ شَيْءٍ طَيِّبٍ وهْيَ ياءٌ إِلَى الوَاوِ وهْيَ مِنْ يَطِيبُ
هَذَا أَيْضا من كَلَام البُخَارِيّ، فسر: طُوبَى، بِهَذَا وَقد ذكرنَا الْكَلَام فِيهِ.
١٧ - (بابُ فَضْلِ الخِدْمَةِ فِي الغَزْوِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان فضل الْخدمَة للغازي فِي الْغُزَاة، سَوَاء كَانَت من صَغِير لكبير، أَو من كَبِير لصغير، أَو لمن يُسَاوِيه، وَفِي هَذَا الْبَاب ثَلَاثَة أَحَادِيث كلهَا عَن أنس: فَفِي الأول: خدمَة الْكَبِير للصَّغِير، وَفِي الثَّانِي: خدمَة الصَّغِير للكبير، وَفِي الثَّالِث: تُوجد الْخدمَة لمن يُسَاوِيه، على مَا نذكرهُ.
٨٨٨٢ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عَرْعَرَةَ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ عنْ يُونُسَ بنِ عُبَيْدٍ عنْ ثابِتٍ البُنانِيِّ عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ صَحِبْتُ جَرِيرَ بنَ عَبْدِ الله فَكانَ يَخْدُمُنِي وهْوَ أكْبَرُ مِنْ أنَسٍ قَالَ جَرِيرٌ إنِّي رأيْتُ الأنْصَارَ يَصْنَعُونَ شَيْئاً لَا أجِدُ أحَدَاً مِنْهُمْ إلَاّ أكْرَمْتُهُ.
قيل: هَذَا الحَدِيث لَيْسَ فِي مَحَله، وَإِنَّمَا مَحَله المناقب، وَحَاصِله نفي الْمُطَابقَة.
قلت: هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ مُسلم من حَدِيث مُحَمَّد بن عرْعرة: حَدثنَا شُعْبَة عَن يُونُس بن عبيد عَن ثَابت الْبنانِيّ عَن أنس بن مَالك، قَالَ: خرجت مَعَ جرير بن عبد الله فِي سفر وَكَانَ يخدمني، فَقلت لَهُ: لَا تفعل، إِنِّي رَأَيْت الْأَنْصَار تصنع برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا آلَيْت أَن لَا أصحب أحدا مِنْهُم إلَاّ خدمته، وَفِي آخِره: وَكَانَ جرير أكبر من أنس. وَقَالَ ابْن بشار: أسن من أنس، انْتهى. فَهَذَا يدل على أَن معنى قَوْله: (صَحِبت جرير بن عبد الله) ، يَعْنِي: فِي السّفر. وَهُوَ أَعم من أَن يكون سفر الْغَزْو أَو غَيره، فَبِهَذَا يَقع الحَدِيث فِي بَابه، فتوجد الْمُطَابقَة.
قَوْله: (وَهُوَ أكبر من أنس) فِيهِ الْتِفَات أَو تَجْرِيد، وَكَانَ مُقْتَضى الظَّاهِر أَن يَقُول: وَهُوَ أكبر مني قَوْله: (يصنعون شَيْئا) ، أَي: من خدمَة رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا يَنْبَغِي وَمن تعظيمهم إِيَّاه غَايَة مَا يكون. قَوْله: (مِنْهُم) ، أَي: من الْأَنْصَار. وَقَوله فِي رِوَايَة مُسلم: آلَيْت، أَي: حَلَفت.
وَفِيه: فضل الْأَنْصَار وَفضل جرير وتواضعه ومحبته للرسول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
٩٨٨٢ - حدَّثنا عبْدُ العَزِيزِ بنُ عَبْدِ الله قَالَ حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ عنْ عَمْرِو بنِ أبِي عَمْرٍ ومَوْلى المطَّلِبِ بنِ حَنْطَبٍ أنَّهُ سَمِعَ أنَسَ بنَ مالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ يَقُولُ خَرَجْتُ مَعَ رَسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى خَيْبَرَ أخْدُمُهُ فلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَاجِعَاً وبدَا لَهُ أُحُدٌ قَالَ هاذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا ونُحِبُّهُ ثُمَّ أشارَ بِيَدِهِ إلَى المَدِينَةِ قَالَ ألَّلهُمَّ إنِّي احَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا كَتَحْرِيمِ إبْرَاهِيمَ مَكَّةَ أللَّهُمَّ بارِكْ لَنَا فِي صاعِنا ومُدِّنَا..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (خرجت مَعَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى خَيْبَر أخدمه) .
وَعبد الْعَزِيز بن عبد الله ابْن يحيى أَبُو الْقَاسِم الْقرشِي العامري الأويسي الْمَدِينِيّ، وَهُوَ من أَفْرَاده، وَمُحَمّد بن جَعْفَر بن أبي كثير الْأنْصَارِيّ الْمَدِينِيّ وَعَمْرو بن أبي عَمْرو مولى الْمطلب بن حنْطَب، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون النُّون وَفتح الطَّاء الْمُهْملَة، وَقد مر فِي: بَاب الْحِرْص على كِتَابَة الحَدِيث.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، عَن القعْنبِي، وَفِي الْمَغَازِي عَن عبد الله بن يُوسُف، وَفِي الِاعْتِصَام عَن إِسْمَاعِيل بن أبي إويس. وَأخرجه مُسلم فِي الْمَنَاسِك عَن قُتَيْبَة وَيحيى بن أَيُّوب وَعلي بن حجر وَعَن قُتَيْبَة بن سعيد وَسَعِيد بن مَنْصُور كِلَاهُمَا عَن يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي المناقب عَن الْأنْصَارِيّ وَهُوَ إِسْحَاق بن مُوسَى عَن معن بن عِيسَى وَعَن قُتَيْبَة، كِلَاهُمَا عَن مَالك بِبَعْضِه طلع لَهُ أحد.
قَوْله: (إِلَى خَيْبَر) ، أَي: إِلَى غَزْوَة خَيْبَر وَكَانَت سنة سِتّ، وَقيل: سنة سبع. قَوْله: (أخدمه) ، جملَة وَقعت حَالا. قَوْله: (رَاجعا) ، حَال من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (وبدا لَهُ) ، أَي ظهر لَهُ جبل أحد. قَوْله: (يحبنا) ، يُمكن حمله على الْحَقِيقَة بِأَن يخلق الله فِيهِ الْمحبَّة، وَالله