للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِيه: أَن شَيْخه مروزي سكن نيسابور والبقية كوفيون. وَفِيه: رِوَايَة الابْن عَن الْأَب. وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصَّحَابِيّ.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا بأتم مِنْهُ فِي كتاب الْعلم فِي: بَاب تَعْلِيم الرجل أمته وَأَهله عَن مُحَمَّد بن سَلام عَن الْمحَاربي عَن صَالح بن حَيَّان عَن عَامر الشّعبِيّ ... الحَدِيث. وَأخرجه مُسلم فِي النِّكَاح عَن يحيى بن يحيى. وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ جَمِيعًا فِيهِ عَن هناد بن السّري. وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: (فعلمها) فِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْمُسْتَمْلِي والسرخسي، فعالها، أَي: أنْفق عَلَيْهَا، من: عَال الرجل عِيَاله يعولهم: إِذا أَقَامَ بِمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ من قوت وَكِسْوَة وَغَيرهمَا. وَقَالَ الْكسَائي: يُقَال: عَال الرجل يعول إِذا كثر عِيَاله، واللغة الجيدة: أعال يعيل. قَالَ الْمُهلب فِيهِ: أَن الله تَعَالَى قد ضاعف لَهُ أجره بِالنِّكَاحِ والتعليم، فَجعله كَمثل أجر الْعتْق.

وَفِيه: الحض على نِكَاح العتيقة وعَلى ترك الْعُلُوّ فِي الدُّنْيَا، وَأَن من تواضع لله فِي منكحه، وَهُوَ يقدر على نِكَاح أهل الشّرف، فَإِن ذَلِك مِمَّا يُرْجَى عَلَيْهِ جزيل الثَّوَاب. فَإِن قلت: روى الْبَزَّار فِي (مُسْنده) عَن ابْن عمر: لما نزل قَوْله تَعَالَى: {لن تنالوا الْبر} (آل عمرَان: ٢٩) . ذكرت مَا أَعْطَانِي الله فَلم أجد شَيْئا أحب أَلِي من جَارِيَة رُومِية، فأعتقتها، فَلَو أَنِّي أَعُود فِي شَيْء جعلته لله لنكحتها. قلت: هَذَا مَحْمُول على من لَا يرغب نِكَاحهَا، لِأَن عَادَة الْعَرَب الرَّغْبَة عَن تَزْوِيج الْمُعتقَة، وَالْمُعتق إِذا رغب يكون لغيره فَلَا يكره لَهُ النِّكَاح حِينَئِذٍ، وَأَيْضًا النِّكَاح لَيْسَ براجع فِي عتقه، لِأَنَّهُ لَا يملك الْآن إلَاّ مَنْفَعَة الْوَطْء. قَالَ صَاحب (التَّوْضِيح) : وَقد أجَاز مَالك وَأكْثر أَصْحَابنَا الرُّجُوع فِي الْمَنَافِع إِذا تصدق بهَا وشرى بهَا، وَالْحجّة لَهُم حَدِيث الْعَرَايَا، فَكيف إِذا تصدق بِالرَّقَبَةِ؟ فَإِنَّهُ يجوز شِرَاء مَنْفَعَتهَا، بل هُوَ أولى من الصَّدَقَة بِالْمَنْفَعَةِ، وَالَّذِي منع من الرُّجُوع فِي الْمَنَافِع إِذا تصدق بهَا ابْن الْمَاجشون.

٥١ - (بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعَبِيدَ إخْوانُكُمْ فأطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ)

أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر قَوْله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: العبيد ... إِلَى آخِره، وَلَفظ هَذِه التَّرْجَمَة معنى حَدِيث أبي ذَر، رَوَاهُ ابْن مَنْدَه بِلَفْظ: إِنَّهُم إخْوَانكُمْ فَمن لاءمكم مِنْهُم فَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ، وَاكْسُوهُمْ مِمَّا تلبسُونَ. وَأخرجه أَبُو دَاوُد، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عَمْرو الرَّازِيّ، قَالَ: حَدثنَا جرير عَن مَنْصُور عَن مُجَاهِد عَن مُورق عَن أبي ذَر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من لاءمكم من مملوكيكم فأطعموه مِمَّا تَأْكُلُونَ واكسوه مِمَّا تكسون، وَمن لَا يلائمكم مِنْهُم فبيعوه وَلَا تعذبوا خلق الله، عز وَجل. وَأخرج مُسلم فِي آخر (صَحِيحه) حَدِيثا طَويلا عَن أبي الْيُسْر كَعْب بن عَمْرو فِي: بَاب ستْرَة النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَفِيه: وَهُوَ يَقُول، أَي: النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أطعموهم مِمَّا تَأْكُلُونَ وَاكْسُوهُمْ مِمَّا تلبسُونَ.

وقَوْلِهِ تعَالَى: {واعبُدُوا الله ولَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وبالْوَالِدَيْنِ إحْسَاناً وبِذِي القُرْبَى واليَتَامَى والْمَسَاكِين والجارِ وذِي القُرْبى والجارِ الْجُنُبِ والصَّاحِبِ بالجَنْبِ وابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أيْمَانُكُمْ إنَّ الله لَا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتَالَا فَخُوراً} (النِّسَاء: ٦٣) .

وَقَوله، بِالْجَرِّ عطف على: قَول، فِي قَوْله: بَاب قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، هَذِه الْآيَة فِي سُورَة النِّسَاء، كَذَا هِيَ إِلَى آخرهَا فِي رِوَايَة كَرِيمَة، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: وَقَول الله: {واعبدوا الله وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا وبالوالدين إحساناً وبذي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين} إِلَى قَوْله: {مختالاً فخوراً} (النِّسَاء: ٦٣) . فَفِيهَا يَأْمر الله تَعَالَى بِعِبَادَتِهِ وَحده لَا شريك لَهُ، فَإِنَّهُ الخالف الرازق الْمُنعم المتفضل على خلقه فِي جَمِيع الْأَحْوَال، ثمَّ أوصى بِالْإِحْسَانِ إِلَى الْوَالِدين بقوله: {وبالوالدين إحسانا} (النِّسَاء: ٦٣) . لِأَنَّهُ تَعَالَى جَعلهمَا سَببا لخروجك من الْعَدَم إِلَى الْوُجُود، ثمَّ عطف على الْإِحْسَان إِلَى الْوَالِدين الْإِحْسَان إِلَى الْقرَابَات من الرِّجَال وَالنِّسَاء، كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيث: الصَّدَقَة على الْمِسْكِين صَدَقَة، وعَلى ذِي الرَّحِم صَدَقَة، وَصله. ثمَّ قَالَ: واليتامى، لأَنهم فقدوا من يقوم بمصالحهم، وَمن ينْفق عَلَيْهِم؟ ثمَّ قَالَ: وَالْمَسَاكِين: وهم المحاويج من ذَوي الْحَاجَات الَّذين لَا يَجدونَ مَا يقوم بكفايتهم، فَأمر الله تَعَالَى بمساعدتهم بِمَا تتمّ بِهِ كفايتهم:

<<  <  ج: ص:  >  >>