مُعْتَمر عَن أَبِيه سُلَيْمَان التَّمِيمِي عَن أبي عُثْمَان عبد الرَّحْمَن النَّهْدِيّ عَن عبد الله بن مَسْعُود، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
٢٧ - (بابُ مُنْتَهَى التَّلَقِّي)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مُنْتَهى جَوَاز التلقي، وَهُوَ إِلَى أَعلَى سوق الْبَلَد، وَأما التلقي الْمحرم فَهُوَ مَا كَانَ إِلَى خَارج الْبَلَد. وَاعْلَم أَن التلقي لَهُ ابْتِدَاء وانتهاء. وَأما ابتداؤه فَهُوَ من الْخُرُوج من منزله إِلَى السُّوق، وَأما انتهاؤه فَهُوَ من جِهَة الْبَلَد لَا حد لَهُ. وَأما من جِهَة التلقي فَهُوَ أَن يخرج من أَعلَى السُّوق، وَأما التلقي فِي أَعلَى السُّوق فَهُوَ جَائِز لما فِي حَدِيث ابْن عمر: كَانُوا يتبايعون فِي أَعْلَاهُ، وَأما مَا كَانَ خَارِجا من السُّوق فِي الْحَاضِرَة أَو قَرِيبا مِنْهَا بِحَيْثُ يجد من يسْأَله عَن سعرها فَهَذَا يكره لَهُ أَن يَشْتَرِي هُنَاكَ، لِأَنَّهُ دَاخل فِي معنى التلقي، وَإِن خرج من السُّوق وَلم يخرج عَن الْبَلَد فقد صرح الشَّافِعِيَّة بِأَنَّهُ لَا يدْخل فِي النَّهْي. وَأما الْموضع الْبعيد الَّذِي لَا يقدر فِيهِ على ذَلِك فَيجوز فِيهِ البيع، وَلَيْسَ بتلق. قَالَ مَالك: وأكره أَن يَشْتَرِي فِي نواحي الْمصر حَتَّى يهْبط إِلَى السُّوق. وَقَالَ ابْن الْمُنْذر: بَلغنِي هَذَا القَوْل عَن أَحْمد وَإِسْحَاق: أَنَّهُمَا نهيا عَن التلقي خَارج السُّوق ورخصا فِي ذَلِك فِي أَعْلَاهُ، ومذاهب الْعلمَاء فِي حد التلقي مُتَقَارِبَة، وروى عَن يحيى بن سعيد أَنه قَالَ، فِي مِقْدَار الْميل من الْمَدِينَة أَو آخر منازلها: هُوَ من تلقي الْبيُوع الْمنْهِي عَنهُ، وروى ابْن الْقَاسِم عَن مَالك: أَن الْميل من الْمَدِينَة لَيْسَ بتلقٍ. وَقيل لَهُ: فَإِن كَانَ على سِتَّة أَمْيَال؟ قَالَ: لَا بَأْس بِالشِّرَاءِ، وَلَيْسَ بتلقٍ، وَعلم من ذَلِك أَن التلقي الْمَمْنُوع عِنْده إِذا خرج من مِقْدَار سِتَّة أَمْيَال، وروى أَشهب عَنهُ فِي الَّذين يخرجُون ويشترون الْفَاكِهَة من موَاضعهَا: أَنه لَا بَأْس بِهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بتلقٍ، لأَنهم يشْتَرونَ من غير جالب. وَقَالَ ابْن حبيب: لَا يجوز للرجل فِي الْحَضَر أَن يَشْتَرِي مَا مر بِهِ من السّلع، وَإِن كَانَ على بَابه إِذا كَانَ لَهَا مَوَاقِف فِي السُّوق يُبَاع فِيهَا، وَهُوَ متلق إِن فعل ذَلِك وَمَا لم يكن لَهَا موقف، وَإِنَّمَا يُطَاف بهَا، فأدخلت أَزِقَّة الْحَاضِرَة فَلَا بَأْس أَن يَشْتَرِي، وَإِن لم يبلغ السُّوق. وَقَالَ اللَّيْث: من كَانَ على بَابه أَو فِي طَرِيقه فمرت بِهِ سلْعَة فاشتراها فَلَا بَأْس بذلك، والمتلقي عِنْده الْخَارِج القاصد إِلَيْهِ. وَقَالَ ابْن حبيب: وَمن كَانَ مَوْضِعه غير الْحَاضِرَة قَرِيبا مِنْهَا أَو بَعيدا لَا بَأْس أَن يَشْتَرِي مَا مر بِهِ للْأَكْل خَاصَّة لَا للْبيع، وَرَوَاهُ أَشهب عَن مَالك، رَحمَه الله.
٦٦١٢ - حدَّثنا مُوسَى بنْ إسْمَاعِيلَ قَالَ حدَّثنا جُوَيْرِيَةُ عَن نافِعٍ عنْ عَبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ كُنَّا نتَلَقَّى الرُّكْبَانَ فنَشْتَرِي مِنهُمُ الطَّعَامَ فنَهَانَا النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنْ نَبِيعَهُ حتَّى نَبْلُغَ بِهِ سُوقَ الطَّعَامِ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه لم يذكر منع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهُم إلَاّ عَن بيعهم فِي مَكَانَهُ، فَعلم أَن مثل ذَلِك التلقي كَانَ غير مَنْهِيّ مقررا على حَاله. وَقَوله:(نبلغ بِهِ سوق الطَّعَام) يدل على أَن مُنْتَهى التلقي هُوَ أَن يخرج عَن أَعلَى السُّوق، وعَلى مَا يَجِيء الْآن مشروحا بأوضح مِنْهُ.
وَرِجَال الحَدِيث قد تكَرر ذكرهم، وَجُوَيْرِية تَصْغِير جَارِيَة: هُوَ ابْن أَسمَاء بن عبيد الضبعِي، وَقَالَ